مواطنون يحفرون قبورهم برئاتهم

ففي عام 1948 على سبيل المثال قدم الدكتور ألتون أوشنر أستاذ الجراحة في جامعة تولين دليلاً جديداً على العلاقة المباشرة بين مبيعات السجائر والوفيات بسرطان الرئة .
A+ A-

التدخين يقصر العمر

في شباط عام 1938 قام الدكتور ريموند بيرل من جامعة جون هوبكنز بعرض نتيجة دراسة عن المدخنين استغرقت أربعة أعوام وخلصت إلى نتيجة مفادها أن التدخين ينقص احتمالات بقاء الإنسان حياً وخصوصاً لمن تتراوح أعمارهم بين 30-60 عاما ً،إذ توفي 61% زيادة من المدخنين المدمنين مقابل غير المدخنين
قدم الدكتور بيرل دراسته أمام أكاديمية الطب في نيويورك وكان حاضراً هناك مراسلو الصحافة والإذاعة .
وبعدها ست من بين الصحف اليومية الثمانية في نيويورك آنذاك لم تورد الخبر واكتفت وورلد تلغرام وتايمز بايراد بضع فقرات .
ذلك أن إعلانات السجائر كانت تدر آنذاك ما يزيد عن خمسين مليون دولار سنوياً.

مواطنون يحفرون قبورهم برئاتهم 

بلغ قمع الحقائق المناهضة للمصالح التجارية المتعلقة بصناعة التبغ أشده في قصة سلدز.حيث كتب سلدز مقالته الأولى عن التدخين في إن فاكت بتاريخ 13 كانون الثاني عام 1941 تحت عنوان “التدخين يقصر العمر” ولم يستسلم ، ففي أثناء العقد الذي تلا نشر ما يزيد على خمسين مقالة عن الموضوع مهاجماً بعنف وعلى نحو متكرر ما ذهب إليه وكان رأيه مبرراً بوصفه فضيحة ترك خمسين مليون مدخن أمريكي جاهلين المخاطر التي تنطوي عليها عادتهم تلك .أورد سلدز تقارير عن خبراء مثل الدكتور إدوين ج غريس واحداً من أولئك الذين نوهوا إلى التدخين بوصفه سبباً لسرطان الرئة وحذروا من آثاره في الجنين.

وأورد مقالات مطولة عن تقرير الجمعية الطبية الأمريكية عام 1944 بعنوان ” آثار التدخين” الذي تجاهلته الصحافة عموماً . باستثناء ستة انشات في نيويورك تايمز . وكتب تقريرا ً مفصلاً عن الرقابة التي فرضتها الصحافة على قصة التدخين.

ففي عام 1948 على سبيل المثال قدم الدكتور ألتون أوشنر أستاذ الجراحة في جامعة تولين دليلاً جديداً على العلاقة المباشرة بين مبيعات السجائر والوفيات بسرطان الرئة .

غطى الخبر مراسل الأسوشيتيد بريس اليوت تشيز واستهل تقريره بالقول: “لن تحبذ شركات التبغ ما يلي ، بيد ان رجلاً عارفاً يرى أن مواطنين كثر إنما يحفرون قبورهم برئاتهم”
بعد مضي ساعة على التقرير أرسلت أسوشييتيد برس رسالة “حذف” قائلة إن القصة “إشكالية” .

كشفت إن فاكت لاحقاً أن القصة التي تلت بعد 90 دقيقة حذفت كل إشارة “مواطنين يحفرون قبورهم برئاتهم” ، و”وجهة النظر المعادية لإعلانات السجائر” ، “وازدياد نسبة الإصابة بالسرطان بين النساء”، و”إقبال النساء على نحو متزايد على التدخين والوفاة” ،وحذفت الخاتمة التي تشير إلى “التفكير ملياً في الأمر” وفي أيلول 1952 أي بعد مرور 11 عاما على مقالة سلدز الأولى نشرت ريدرز دايجست من المفارقة الساخرة أنها كانت هدفاً دائماً لسلدز مقالتها “السرطان في العلبة” ثم تبعتها تايمز ونيويورك لتصل أخيرا ً حقيقة التدخين إلى جمهور عريض.

كانت الإعلانات الموجهة إلى أهل نيويورك في القرن التاسع عشر تشهد بأن تدخين التبغ هو الطريق إلى علاج الكثير من أمراض الجهاز التفسي .

  • اسم الكاتب: د.محمد عبد الجواد
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • تاريخ النشر: 15 يونيو 2021
  • عدد المشاهدات: 628
  • عدد المهتمين: 176
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك