ما هو إدمان الجنس؟

مصطلح إدمان الجنس مصطلحًا مربكًا لأنه على العكس من إدمان المخدرات فإن الإنسان لا يمكنه أن يُوقف غريزته الجنسية بنفس الطريقة التي يمكنه بها الإقلاع عن إدمان الكحول أو التدخين
A+ A-

عندما أُخبر الآخرين أنني أعمل كمعالج لإدمان الجنس فعادةً ما يظهر عليهم واحدا من ثلاثة ردود،

أولها:

“ياللروعة! أخبرني عن أكثر شيء جنوني سمعته”

وثانيها:

” يجب أن أخبرك عن نفسي….”

وثالثها:

“أوه … (ويشيح ببصره بعيدا)”.

دائما  كنت أشعر بالضحك تجاه رد الفعل الأول، فلا شيء يثير فضول الإنسان مثل الإثارة والتفاصيل الغير مشروعة، في حين دائما ما يتحرك قلبي تجاه أولئك الذين يعانون من ألم الوقوع في حب شخص مدمن على الجنس أو المدمنون أنفسهم الذي يسعون للتغلب على هذا الإدمان.

يمكن أن يكون مصطلح إدمان الجنس مصطلحًا مربكًا لأنه على العكس من إدمان المخدرات فإن الإنسان لا يمكنه أن يُوقف غريزته الجنسية بنفس الطريقة التي يمكنه بها الإقلاع عن إدمان الكحول أو التدخين، حيث ييكشف تشريح أجسامنا أن النشاط الجنسي جزء من التجربة البشرية، وقد أعرب لي الكثير من مدمني الإباحية عن حالة من الأسف لعدم وجود أدوية يمكن تناولها لعلاج إدمانهم.

إن إدمان الجنس هو أكثر من مجرد كونه سلوك جنسي قهري، إنه اضطراب في الحميمية، حيث أن إدمان الجنس يزيل الصلة من أكثر الأشياء الحميمية التي يمكن لشخصين القيام بها معًا، ويصبح الجنس مطاردة منفردة يكتنفها السرية والعزلة، وبتطور إدمان الجنس يبتعد المدمن عن العلاقات الصحية السليمة، وتُصبح الطريقة التي يُشبع بها المدمن حاجته الأساسية ورغبته في الاتصال بغيره معتمدة على مشاهدة الأفلام الإباحية أو العادة السرية أو ممارسة الجنس مع عاهرات أو غيرها من السلوكيات الجنسية، وعاجلاً أو آجلاً تصبح هذه الأفعال الجنسية المعتادة غير مُشبعة للمدمن، ومن ثم فإنه يتوجه للبحث عن شيئ جديد في محالة منه للشعور بالإشباع أو بأنه على ما يرام.

على سبيل المثال فقد وصف عدد من مدمني الجنس نمطًا مشابهًا من رغبتهم في المزيد من الإباحية “العنيفة” للحصول على نفس التأثير الذي اعتاد عليه من مشاهدة الصور الإباحية، كما حكى العديد من المدمنين (رجالا ونساء) توافقهم المشمئز في أنهم يحتاجون إلى رؤية العنف والإهانة في الأفلام الإباحية حتى يكون لها تأثير، والأمر المخزي هنا أن إدمان الجنس يصب الوقود على نار الشعور بالوحدة، مما يجعل من الصعب على المدمن أن يدخل في علاقات حقيقية مع من يحبونه. عندما بدأت لأول مرة في علاج مدمني الجنس، وبقضائي الكثير من الوقت في التركيز على هذا الموضوع فقد تطور لدي خوف غير منطقي من أن كل شخص هو بالضرورة مدمن للجنس. ففي النهاية جميعنا نحمل آلات إباحية في جيوبنا، الهواتف الذكية الحديثة والمطورة، وقد صرح أكبر موقع إباحي في العالم أن 2018 كان عاما قياسيا بوجود أكثر من 33.5 مليار زيارة له، كان أكثر من 70% منها عبر الهواتف الذكية.

من المهم أن نتذكر أنه ليس كل من يشاهد الإباحية أو يتورط في علاقة أو سلوكيات جنسية محرمة هو مدمن للجنس، وعلى الرغم من أن إدمان الجنس غير معترف به في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (دليل تُصدره الجمعية الأمريكية ويُعتبر أهم دليل تشخيصي للأمراض النفسية في العالم)،

إلا أن الخبراء في علاج إدمان الجنس يتفقون على معالمه الرئيسية، ومنها:

- الانشغال بالسلوكيات الجنسية.

- ضياع الوقت أو الموارد نتيجة للسلوكيات الجنسية.

- الاستمرار في الانخراط في تلك السلوكيات الجنسية على الرغم من عواقبها السلبية مثل فقدان العلاقات والمال والوقت والعمل والأسرة، وغيرها.

- محاولة التوقف دون جدوى.

- تزايد السلوكيات الجنسية مثل البحث عن مواد إباحية أكثر عنفا، وزيادة تكرار أو فترات مشاهدة الإباحية، والانخراط في نشاط جنسي متزايد الخطورة، وغيرها.

بغض النظر عن اختلاف سلوكيات مدمني الجنس، فإن هذه الخصائص الخمس تُمثل إرشادات مفيدة في تحديد ما إذا كان السلوك الجنسي يتخطى الحد إلى حالة الإدمان الفعلي. يُمثل النشاط الجنسي غريزة في جوهر الإنسان، وقد يتحدث مدمن الجنس لنفسه قائلا: “أنا قذر ومثير للاشمئزاز. ما الذي أصابني؟” وقد يتسائل شريك حياة المدمن (الزوج أو الوجة) ” لماذا لست كافية بالنسبة له؟ ما هو الخطأ فيّ؟” ويتصور المدمن في كثير من الأحيان (كما هو الحال مع أنواع الإدمان الأخرى) أنه في موضع التحكم أو السيطرة ويمكنه أن يتوقف عن إدمانه متى أراد ذلك، لكنه حتى لو توقف لفترة من الوقت فإن السلوك الجنسي القهري يُعاود الظهور من جديد، وقد تكون فترات التوقف الصغيرة مبرر لمواصلة الإدمان.

أما إذا كان المدمن جادًا في التوقف عن إدمانه فإن الانضمام إلى زمالات الاثني عشر خطوة مثل مدمني الجنس المجهولين أو ورؤية أخصائي معتمد في علاج إدمان الجنس سيساعد المدمن في تحقيق تقدم ملحوظ بإذن الله نحو الشفاء. يمكن للثقافة العالمية ذات الطابع الجنسي الكبير أن تجعل من الصعب تمييز إدمان الجنس، خاصة وأن هناك بعض الأشخاص الذين يقولون إن إدمان الجنس هو عبارة عن تسمية تنطوي على أشخاص مكبوتين جنسياً ويخافون من النشاط الجنسي ويريدون السيطرة على الآخرين، لكن النظر في أعين مدمني الجنس على اختلاف نوعهم ودينهم، وما يظهر عليهم من إحساس بالألم والعار يجعلنا لا نهتم بالتسمية، يقدر ما نهتم بما نراه في هؤلاء المدمنين من المعاناة والشعور بالوحدة وطلبهم المساعدة للتخلص من هذا الإدمان. وبالنهاية نستطيع أن نقول أن التغيير ممكن، وهؤلاء الذين تغلبوا على إدمان الجنس هم أكبر دليل.

  • اسم الكاتب: NICOLE COLBY
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ.سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 20 يونيو 2021
  • عدد المشاهدات: 822
  • عدد المهتمين: 158

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك