ارتكب الأطفال ما يقرب من 20٪ من الجرائم الجنسية المبلَّغ عنها في أيرلندا في عام 2019 ، ولكن لماذا؟

غالبًا تكون المواد الإباحية، عاملاً دافعًا، وأحيانًا العامل الوحيد، الذي يُؤثِّر على الطفل، في التصرُّف بطريقة ضارة جنسيًّا.
A+ A-

فكِّر للحظة؛ لتتخيَّل مَن هم مُرتكبو الجرائم الجنسيَّة عادة، حسب اعتقادك. 

دعنا نُخمِّن: لقد خطر ببالك رجل مخيف كبير في السن في الستينات من عمره، يجذب الأطفال إلى قبو منزله باستخدام الحلوى والآيس كريم!! ؟

بينما هناك بعض الحقيقة في هذا التصوُّر، ولكن هذه ليست الصورة الكاملة. في الحقيقة وفق ل Garda (قسم الشرطة في جمهورية أيرلندا)

فقد تم تأكيد أو الاشتباه في ارتكاب الأطفال دون سن 18 عامًا ما يقرب من 20٪ من جميع الجرائم الجنسية التي أبلغ عنها المشتكون في عام 2019. نعم، لقد سمعتنا بشكل صحيح: ما يقرب من 20٪ من جميع الجرائم الجنسية ارتكبها أطفال في عام 2019  في أيرلندا.

وفقا لهايدي أولسون (( ممرضة متخصصة في فحص حالات الاعتداء الجنسي (SANE) ) في مستشفى مدينة كانساس والتي تشهد أحد أكبر أعداد ضحايا الاعتداء الجنسي في الولايات المتحدة، فإن الفئة العمرية التي تضم أكبر عدد من مرتكبي الاعتداء الجنسي، في مستشفاها، هي من 11  إلى 15 سنة.

والبيانات المسجَّلة سابقا في هذا المستشفى تؤكد ذلك. 

بحثت هايدي في سجلات المستشفى للاعتداء الجنسي، ووجدت المئات والمئات من السجلات لحالات الاعتداء الجنسي المرتكبة من قبل أطفال، كيف يمكن لهذا أن يكون؟ دعونا نعرف الحقيقة.

لماذا يحدث هذا؟ 

لدى هايدي إجابة بسيطة جدًّا، عن سبب اعتداء الأطفال جنسيًّا، على الضحايا، بمثل هذا المعدَّل المرتفع، والإجابة هي: تأثير المواد الإباحية العنيفة، والمتشدِّدة على الإنترنت هذه الأيام، وعلى حد تعبيرها، "غالبًا تكون المواد الإباحية، عاملاً دافعًا، وأحيانًا العامل الوحيد، الذي يُؤثِّر على الطفل، في التصرُّف بطريقة ضارة جنسيًّا.  نظرًا لأنني درست [بيانات المستشفى] ورأيت المزيد والمزيد من المرضى، فمن الواضح أن المواد الإباحية تحدث آثارًا مدمرة للأطفال، في جميع أنحاء بلدنا".

لقد أصابها الاضطراب عندما جلست مع والدين باكيين؛ لأنهما كانا في حالة حداد، لمعرفتهما بحقيقة أن ابنهما البالغ من العمر 12 عامًا، قد تم ضبطه للتو وهو يعتدي جنسيًّا على ابنتهم البالغة من العمر 5 سنوات،

لا يمارس الأطفال غريزيًّا، العنف الجنسي، على بعضهم البعض، هم يتعلمون السلوكيات الجنسية العدوانية. 

صحيح أن بعض الأطفال، الذين اعتدوا جنسيًّا على الآخرين، قد مروا بأنفسهم بصدمات مماثلة، ولكن  معظمهم لم يتعرَّضوا لذلك. هذا يترك الإباحية، كمصدر واضح، لتعليم السلوكيات الجنسية العدوانية للأطفال، خاصةً عندما يتم العثور على المواد الإباحية، في سجلات التصفح، لدى المراهقين الصغار.

على سبيل المثال، لم يكن معروفًا أن الصبي البالغ من العمر 12 عامًا قد تعرَّض للاعتداء الجنسي، لكن والديه قد علما أنه يشاهد الكثير من الأفلام الإباحية.  كما قالت والدته لهايدي، “… وجدنا الكثير من المواد الإباحية على هاتف ابننا مؤخرًا.” 

دون أي فهم للسلوك الجنسي الطبيعي والصحي، يتعرَّض الأطفال -مثل هذا الطفل- إلى صور عنيفة ومثيرة.  وكما تتوقع، فإن ذلك يُسفر عن نتائج مفجعة.

ماذا يحدث للدماغ عند مشاهدة الإباحية؟ 

ما الذي قد يؤثر على قاصر غير واعٍ، يبحث عن الإباحية، بدافع الفضول، لتقليد ما يشاهده، خاصة إذا كان عنيفًا؟

تؤدي التجارب الجنسية الطبيعية، إلى إطلاق الدماغ لنوع من الكوكتيل العصبي. 

تؤدي إلى  إثارة مشاعر السرور والترابط، يليها الاسترخاء والشوق المستمر بين الزوجين. الإباحية على الطرف الآخر تقصّر دائرة هذه العملية.

رغم أن الأبحاث تُظهر أن مشاهدة المواد الإباحية، تقود المستهلك إلى تجربة كوكتيل عصبي، مليء بالمتعة مشابه لتلك التي تحدث في الدماغ، أثناء التجارب الجنسية الصحية. فإن هذا الكوكتيل العصبي، الناجم عن الإباحية، يرتبط بشكل تام، بما يظهر على الشاشة، بدلاً مما يجرّبه الزوج مع زوجته من الحب والحميمية.

يُظهر البحث مستويات عالية بشكل غير عادي، من العدوانية، والعنف، بأشكاله اللفظية، والجسدية، في صناعة الإباحية.

من بين 304 مشاهد تم تحليلها في دراسة واحدة عام 2010 ، اشتملت على نسبة صادمة  88.2٪ من المشاهد احتوت على الاعتداء الجسدي و 48.7٪ احتوت على الاعتداء اللفظي.

وعادة ما كان مرتكبو العدوان من الذكور، في حين أن المستهدفين بالاعتداء، كانوا في أغلب الأحيان من الإناث. بالإضافة إلى ذلك: كانت ضحايا العنف في الأفلام يظهرون غالبا، أنهم مستمتعون بذلك، أو استجابوا بشكل محايد لهذا العدوان.

في دراسة حديثة أجريت في عام 2020 ، قام الباحثون بتقييم 7430 مقطع فيديو إباحيًّا من موقعين إباحيين مشهورين، ووجدوا أن النساء كن هنّ الهدف لـ 97٪ من العدوان الجسدي، واللفظي المصوَّر.  وخلص الباحثون إلى:

تشير هذه الدراسة، إلى أن جزءًا كبيرًا من المواد الإباحية، يحتوي على صور للعدوان ضد النساء، دون ردود فعل سلبية من الأهداف ( الضحايا )؛  قد يؤدي هذا إلى تطوير نص جنسي بين المستهلكين، يشجّع على تعلم العدوان ضد المرأة.  رغم أن المستهلكين، ربما لا يذهبون إلى وسائل الإعلام ( بما في ذلك المواد الإباحية ) بدافع محدد لتعلم السلوكيات الجنسية، إلا أنهم لا يزالون يستوعبون النصوص المقدمة،. 

لتوضيح الأمر ببساطة، يتعلم الأطفال البسطاء ربط المتعة (ملء الدماغ بكوكتيل من المواد الكيميائية) بالأفعال الجنسية العنيفة، التي يبدو أن ضحية هذه الأفعال مستمتع بها. 

الإباحية مدرس فاسد 

في حين أن هايدي لا تتغاضى عن أفعال هؤلاء الأطفال، وهي تقف إلى جانب ضحايا الاعتداء الجنسي فهي تدرك أيضًا أن الثقافة التي تَعتبِر تَعرُّض الأطفال لمشاهدة أفعال جنسية عنيفة "أمراً طبيعيًّا" هي ليست قريبة للطبيعة في شيء. 

يجب تغيير ذلك، ويمكننا تقديم بعض الأفكار، حول كيفية البدء في تحقيق ذلك.

- إدراك دور العار

يلعب العار دورًا كبيرًا في إسكات الضحايا والجُناة، عن طلب المساعدة أو التحدُّث.  إنه يرسل رسالة مفادها: أن التحدث علانية، سيؤدي إلى الإذلال والرفض والدفع بعيدا .

- احصل على مساعدة

سواء كان الجاني أو الضحية، فإن العلاج هو أداة رائعة لمساعدة الأطفال على التخلص من الصدمات، ونحن في (واعي) نمتلك منصة رائعة تم إعدادها للمساعدة على مكافحة إدمان المواد الإباحية.

- مشاركة المعلومات

غالبًا تكون مواضيع الجنس، والمواد الإباحية، والاعتداء الجنسي، غير مطروحة علانية في المنازل، أو من قبل مقدمي الرعاية.  تأكد من أن هذا ليس هو الحال في منزلك.

عندما يفهم الأطفال ماهية الإباحية، ويسمعون عن آثارها الضارة، قبل أن يعثروا عليها عبر الإنترنت، فإن ذلك يفتح لهم الباب، للتحدث مع البالغين حولها عندما يواجهونها. بالإضافة إلى ذلك، سيستفيد الأطفال من معرفة اللمس غير المناسب، واللمسة المناسبة، وكذلك الموافقة كمفهوم.  إن إدراك هذه المفاهيم بأسماء مناسبة لأجزاء الجسم، سيمكنهم من التعرف على السلوك غير المناسب، إذا حدث وإخبار شخص بالغ موثوق به. 

- التعليم

هل سمعت المثل الأفريقي القائل: "تحتاج قرية لتربية طفل" ؟  تمتد مهمتنا المتمثلة في التثقيف، حول الآثار الضارة للإباحية، إلى العائلات، والمجتمعات، التي لديها الفرصة لفهم كيفية ارتباط الإباحية بالاعتداء الجنسي. كلما زاد وعي الناس، أصبح الأطفال أكثر أمانًا. 

لماذا هذا مهم ؟

تعد المواد الإباحية دافعًا مقلقًا، للعنف الجنسي، خاصة عند الأطفال، كما ترى من خلال تجارب وخبرات هايدي. 

هذا فقط أحد الأسباب العديدة، التي نعرفها حول أضرار الإباحية، بالإضافة إلى قوة وقيمة العلاقات الصحية. 

لذا، هل ستنضم إلينا في هذه المعركة؟

  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 2 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 419
  • عدد المهتمين: 129

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك