تجسيد المرأة في ألعاب الفيديو- هل هو مدخل إلى الإباحية؟

الدراسات تظهر، أنّ التجسيد في الألعاب له تأثيرات سلبية، على نفسية الشخص سواءً كان رجلاً أو امرأة. فالرجال ممن يلعبون ألعاب الفيديو، التي تستغل جسد المرأة قد زادت من معتقداتهم الجنسية في الحياة الواقعية.
A+ A-

منشور اليوم، يُسلِّط الضوء على ظاهرة تجسيد المرأة، في ألعاب الفيديو. تحدثنا إلى إحدى أمهات اللاعبين، وأخذنا رأيها في هذه المسألة:

"كنتُ أوّل مرة لمحت فيها هذه الظاهرة في ألعاب الفيديو عندما كنتُ في سن العاشرة، كنت ألعب مع بنات عمي أثناء حفل المبيت لعبة Tomb Raider بإصدارها الجديد. إنّ التفاصيل المبالغ فيها في جسم Lara Croft دفعتنا في سنّ ما قبل البلوغ، إلى القهقهة بشكل هستيري، ولم أكن أعرف السبب وراء ذلك كلّه. والآن كأمٍّ لأربعة أطفال يعشقون العاب الفيديو، لديَّ كلمة واحدة تبني ذلك الشعور في نفسي، ألا وهي: التجسيد "التشييء او التسليع" – هذا ما صرحت به الأم.

تجسيد أو تشييء المرأة في ألعاب الفيديو، ما زال يشكل عائقاً كبيراً، لكن من واجبنا أن نعلّم أولادنا كيف يميّزونه ويحاربونه. (لا تنسَ قراءة النصائح السبع المذكورة أدناه عن كيفية توعية أطفالك تجاه هذه الظاهرة!) 

ما هو التجسيد؟

التجسيد: هو التعامل مع جسد الشخص كسلعة لإشباع الرغبات الجنسية. كذلك لا يتم الأخذ بعين الاعتبار حاجات ورغبات شخصية، أو حتى حياة الشخص الخاصة. غالبا يتم استغلال أجساد النساء في الصحف والإعلام، ويتم التعامل معهن على أساس أنهن مجموعة من الأجسام المثيرة فقط، بدلاً من اعتبارهن أفراداً من المجتمع. الشخصيات الأنثوية في الألعاب، غالبا تظهر على أنّها جسد، لإثارة الشخصية الأساسية في اللعبة.

ما مدى انتشار التجسيد في ألعاب الفيديو؟

نختصر الجواب بكلمتين: منتشرة بكثافة.

 ما من شخصية تظهر التجسيد في الشخصيات النسائية أفضل من Lara Croft  في سلسلة ألعاب Tomb Raider. ففي الإصدار الأول من اللعبة الذي صدر عام 1996، Lara Croft لديها تفاصيل جسمانية مبالغ فيها في الجزء العلوي من جسمها وجسم ممشوق. وهي ترتدي أيضا، لباساً مثيراً في الأعلى وبنطالاً قصيراً، بغض النظر عن أنّها مغامرة وعالمة آثار، كأمثال Indiana Jones  تقفز على الحواف، وتتسلق أغصان العنب.

وفقاً لما قالته تريزا لينش، الباحثة في الشؤون الإعلامية في جامعة Indiana، أنَ البنية الجسمانية المثيرة للريبة ل Lara Croft قد صممت خلال جو من المزاح، دار بين معظم المطورين من الرجال، وأكملت طريقها إلى إقحامها في اللعبة. عندما بدأ عالم صناعة ألعاب الفيديو في العام 1980، الغالبية من مطوري ألعاب الفيديو كانوا من الرجال، وجو المزاح هذا كان متواجداً طوال الوقت.

 كان هناك اعتقاد أنّ مستخدمي ألعاب الفيديو هم فقط من فئة الرجال، وتلك الشخصيات الأنثويّة المجسّدة، هي ما يجلب المبيعات للألعاب. يمكنك ملاحظة الفرق في السلوك تجاه الشخصيات الأنثويّة بمقارنة اللعبة الأصليّة من PAC-MAN الشهيرة في المقابل مع Ms.PAC-MAN التي صدرت بعدها، فالشخصية تظهر بملامح مثيرة، من خلال وضعها للمكياج الثقيل، وامتلاكها لقوام جميل.

على أية حال تم إعادة صناعة شخصية Lara Croft وتخفيف حدّة البلاهة في تفاصيلها، وتم إضافة المزيد من الملابس المناسبة لها، وإيجاد بديل لها ليس بالأمر الصعب.

 معظم الشخصيات الأنثوية في ألعاب فنون القتال، على سبيل المثال لعبة Soul Calibur 6، يلبسن ثياباً قصيرة بما هو أشبه بالملابس الداخلية، أما الشخصيات الذكورية فيتم إلباسها ثيابا أكثر احتشاماً واتزاناً في المعارك. وفي لعبة المغامرات Bayonetta البطلة تخسر قطعا من ثيابها مع استخدامها للهجمات القوية. والقائمة ما زالت مستمرة. شركات ألعاب الفيديو قامت بإنتاج محركات تختص في "فيزياء هز الأثداء" أو أبعد من ذلك ما يسمونه بـ"الواقعية" في شخصياتهم المجسّدة.

مواجهة التجسيد في الألعاب:

في عام 2014، قامت حركة نسائية من لاعبات ومعارضين بالبحث عن علاج لمشكلة استغلال جسد المرأة في الألعاب. قامت أنيتا ساركسيان، في موقعها Feminist Frequency، بنشر سلسلة فيديوهات تحت عنوان "النساء ضد المباح في الألعاب" تنتقد فيها الاستغلال الشائع لجسد المرأة في الألعاب.

والنتيجة أسفرت عن حركة مقابلة تحت عنوان Gamergate. وهي مجموعة من اللاعبين الذكور، شاركوا في حملة للتحرش الإلكتروني، كما هدّدوا بقتل ساركسيان وأي شخص آخر، اعترض على وجود الشخصيات الأنثوية في الألعاب. وهذا الحدث قد ألقى الضوء على مدى ظلم المجتمع للنّساء.

فئات أخرى من شركات ألعاب الفيديو، قد أخذوا درساً مما حصل، وقاموا بإصلاح مشاكلهم التي تختص بهذه الظاهرة. بعض الألعاب العظيمة، أضافت الواقعية لأبطالها الإناث مؤخراً. استناداً إلى تقييم منصة indie عام 2018 لعبة Celeste كانت المثال الأبرز في ذلك، ليس فقط في احتشام شخصياتها الأنثوية؟ بل وتعطي طابعاً مثالياً، عن حياة الشخصية وعقليتها.

كيف يؤثر التجسيد علينا؟

التجسيد "التسليع والتشيئ" منتشر على صعيد المجلات، شاشات التلفاز، والأفلام، فما المانع من وصولها إلى ألعاب الفيديو؟ ومع ذلك، ألعاب الفيديو عالم آخر: فهي تفاعلية، أكثر من كونها غير تفاعلية. ففي اللعبة، أنت من يتحكم بالشخصية نفسها وتتفاعل معها مباشرة. نتيجة لذلك، فإن ألعاب الفيديو لها تأثير كبير في تصورنا لطبيعة العالم.

الدراسات تظهر، أنّ التجسيد في الألعاب له تأثيرات سلبية، على نفسية الشخص سواءً كان رجلاً أو امرأة. فالرجال ممن يلعبون ألعاب الفيديو، التي تستغل جسد المرأة قد زادت من معتقداتهم الجنسية في الحياة الواقعية. كما أظهرت أيضاً ارتفاعاً فيما يسمى "أساطير ثقافة الاغتصاب"، سببها أولئك النساء في الألعاب، اللاتي يلبسن بطريقة محددة؛ كي يكن مرغوبات أو هدفاً للاعتداء الجنسي. كما أظهرت دراسات أخرى، أن التجسيد في ألعاب الفيديو، زاد من حالات العنف الجسدي ضد المرأة.

وقد أثّر استغلال جسد المرأة في الألعاب، سلباً على النساء أيضاً. فإنّ لعب ألعاب كهذه، قد ساهم في انخفاض حس الحياء لدى النساء، الحس الذي كان يرافقهنّ طوال دورة حياتهم. ألعاب الفيديو أيضا زادت من حالة التجسيد "التشييء أو التسليع" للذات عند المرأة، بإظهار جسمها كسلعة مثيرةٍ  للآخرين، بدلاً من استخدامه كأداة لفعل أشياء تفيد العالم.

النصائح السبع لتوعية الأطفال والمراهقين بشأن خطورة التجسيد

إذا كيف يجب على الأهل التصرف؟ هل بإبقاء الأطفال بعيدين كليّا عن ألعاب الفيديو؟ فالفرص كثيرة حتى لو أبقيت ألعاب الفيديو خارج المنزل، ستظل تلاحقهم في منازل أصدقائهم، وأقربائهم.

أضافت الأم: "قام أولياء أمري بإرغامي على لعب الألعاب التعليمية في المنزل، لذلك لم أكن على استعداد لرؤية مجموعة الألعاب لدى بنات عمّي."

ليست كل الألعاب سيئة، إلى جانب أنّه ليست جميع المسلسلات التلفزيونية، والأفلام، سيئةً أيضاً. بل بعضها يحمل طرقا رائجة للأطفال، لخلق الصداقات والمساهمة في بناء العلاقات.

هنا في موقع واعي، نحثّ على مساعدة الأطفال في تحسين صفاتهم الداخلية. يمكنك فعل المثل من خلال ألعاب الفيديو. نذكر هنا بعض الخطوات التي يمكن تطبيقها لتوعية أطفالك بشأن ألعاب الفيديو:

- ابدأ بالألعاب التي تتناسب مع فئاتهم العمرية: دلّ أطفالك على الألعاب المبنية على الألغاز، والألعاب التعليمية التي لا تحتوي شخصيات، أو ألعاب فيها شخصيات تتناسب مع أعمارهم. هناك كمية هائلة من الألعاب البديلة عن الألعاب التي تحتوي أمورا مثيرة للجدل، بشأن المرأة (والتي تحتوي على أساليب كثيرة للعنف).

-  تحدث معهم بشأن قيمك حول الألعاب: ألعاب الفيديو عبارة عن هواية، وسيلة للهو، شأنها كشأن المسلسلات التلفزيونية، الأفلام وحتى الكتب. أخبرهم بالأشياء الأكثر أهمية من ألعاب الفيديو في عائلتك. ضعوا القواعد معاً، بشأن كميّة الوقت ونوعية الألعاب التي يجب لعبها.

-  قم بفحص الألعاب قبل السماح لأطفالك بلعبها.

- ناقش مع طفلك مسألة نظرتك نحو مظهر الشخصيات: هل تبدو الشخصيات كالنّاس الذين نعرفهم في حياتنا الواقعة؟ وهل يبدون كشخصيات خرجوا من أحد أفلام مارفل أو مجلة للموضة والأزياء؟ كيف يبدو لباس الشخصيات الأنثوية، بالمقارنة مع الشخصيات الذكورية؟ هل تشعر بالراحة، حين تتفاعل معهم؟ لماذا ولم لا؟

- اسألهم عن كيفية تفاعل الشخصيات مع بعضها البعض: هل الشخصيات الأنثوية، لديها تنوع في شخصياتها؟ هل وجودهم هو مجرد واجهة، يتم إنقاذها، أو مكافأة يحصل عليها اللاعب؟ هل نجحت اللعبة في اختبار Bechdel ؟ (اختبار Bechdel هو معيار لتقييم كلام النسّاء في الألعاب).

- اسألهم كيف تعامل اللعبة الشخصيات: هل كاميرا اللعبة تركز على تفاصيل محددة من جسم الشخصية بدلا من الاكتفاء بوجوههم؟ هل الشخصيات الأنثوية تفاعلية أم غير تفاعليّة؟ ماذا تريد منك اللعبة أن تفكّر بشأن شخصياتها؟

- خذ بعين الاعتبار أي تفاعلات أونلاين قد تحويها اللعبة: الكثير من اللاعبات، يتم استغلالهن والتعدي عليهن جنسيّاً من قبل اللاعبين، ويعود السبب إلى حد ما، للثقافة التي تظهر في هذه الألعاب. إذا كنت أنت أو طفلك المراهق، تشعران سوياً، بالراحة في التعاطي مع الآخرين أونلاين، والتحدث عن السلوك والاحترام المتبادل.

ملاحظة: على طفلك أن يعرف الحدود الآمنة، التي من شأنها عدم نشر معلومات شخصية أونلاين. العب معهم ألعاب الأونلاين في مكان عام. وعلّمهم كيفية الإبلاغ، عن المضايقاتت التي يتعرضون لها أو يتعرض لها الآخرون- بحث بسيط، على شبكة الإنترنت، قد يفي بالغرض.

إنّ مناقشة هذه الظاهرة الخطيرة مع الأطفال، يساعدهم في اتخاذ قرارات أوعى بشأن الألعاب، كما في باقي وسائل الترفيه. هذا أيضاً يعطي الفرصة كي يصبحوا أكثر مسؤولية. علّمهم أن لعب الألعاب التي تجسّد المرأة، تقوّي المشكلة وتديمها. اختيار الألعاب التي لا تستغل جسد المرأة، تساعد الشركات في تغيير هذه الثقافة في ألعاب الفيديو.

  • اسم الكاتب: Defend Young Minds Staff
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: محمد شعيتو
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 5 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 165

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك