الدرس الثالث: كيف يعمل الدماغ البشري؟

البشر لا يملكون دماغا واحدا فقط، وإنما طبقة من ثلاثة أدمغة بعضها فوق بعض: الدماغ الزاحف، والدماغ الثديي (العاطفي)، والدماغ الرئيسي.
A+ A-

افترض الدكتور (بول ماكلين) في الخمسينيات من القرن الماضي نموذجا لما أسماه (الدماغ الثلاثي)، وهو ينص على أن البشر لا يملكون دماغا واحدا فقط، وإنما طبقة من ثلاثة أدمغة بعضها فوق بعض: الدماغ الزاحف، والدماغ الثديي (العاطفي)، والدماغ الرئيسي.


- الدماغ الزاحف: 

هذا الدماغ هو  المسؤول عن وظائف الجسم اللاإرادية مثل: نبض القلب، التنفس، والتحكم في درجة الحرارة، وهو مسؤول أيضا عن احتياجات الإنسان الحيوية مثل البقاء على قيد الحياة، وتناول الطعام، والتزاوج.

هذا الدماغ جزء من عقلك الباطن، إنه يحتوي على مجموعة من التعليمات المبرمجة مسبقا، والتي ستنفذ دائما.

هذا الدماغ لا يمكن أن يتغير أو يتعلم من التجارب السابقة، إنه يفهم الصورفقط، ولا يفهم اللغة.

بعض الصفات المرتبطة مع الدماغ الزاحف هي: العدوان، الهيمنة، الاستحواذ، التسلط، الخوف، العبادة، الخنوع، الجشع، السعي إلى الزواج.

- الدماغ الثديي:

هذا النوع من الدماغ يسمى بـ (الدماغ العاطفي)، وهو المسؤول عن شعورك بما تفعله، هذا الدماغ يصنع الرسائل الكيميائية التي تسمح لك بتخزين المعلومات في الذاكرة، فكلما كانت الرسالة مشحونة عاطفيا، كان لها تأثير أقوى على الدماغ.

وهذا الجزء من الدماغ قادر على التعلم من التجارب السابقة، يضمن لك الشعور بالمتعة من الأنشطة التي تهدف إلى بقائك، مثل الأكل والجنس، تساعد هذه الوظيفة على ضمان أنك سوف تستمر بتكرار تلك السلوكيات المفضلة. الدماغ العاطفي قادر على تعلم: مصاحبة الألم لبعض الأنشطة التي قد تهدد وجودك، مثل حريق أو حادث اصطدام بسيارة مثلا.

نحن نفضل اعتقاد أننا نتخذ معظم قراراتنا على أساس ما "نعتقد" أنه الصحيح وأنه الحق، لكن في الواقع نحن نتخذ معظم قراراتنا بناء على ما "نشعر به" أنه صحيح وأنه الحق، هذا "الشعور" هو الاستجابة التي نحصل عليها من الدماغ العاطفي لدينا.

- الدماغ الرئيسي:

هذا هو الدماغ الفكري، والذي يتحكم في أشياء مثل: التفكير، اللغة، هذا الدماغ هو المسؤول عن إِخْبارِنا بما نحن نعتقده.

للأسف هذا الدماغ ليس له أسبقية أو أقدمية على أسلافه الاثنين السابقين، فعلى سبيل المثال: في حالة الطوارئ يمكن لدماغك أن يعطيك ردا تلقائيا بطريقة معينة دون الحاجة إلى التفكير، هذه هي وظيفة حاسمة لبقائنا، ولكنه يمكن أيضا أن يتسبب ببعض المشاكل الحقيقية لو قرر العقل الباطن لدينا تولي الأمر بدلا عنه.

في الدرس التالي سنذهب -بإذن الله- لنلقي نظرة فاحصة على بعض المسببات المحتملة (الأحداث الخارجية)؛التي يمكن أن تجعل الدماغ الزاحف والدماغ الثديي (العاطفي) يتوليان المسؤولية بدلا عن الدماغ الرئيسي.

إن علم دراسة المخ وسلوكياته علم جديد ومتطور، وقد نشأت نظريات عديدة تفسر عمل المخ منذ أزمنة قديمة حتی وقتنا هذا، ومنها ما ظهر في الخمسينيات بما يعرف بـ (نظرية الدماغ الثالوثي) كما ذكرنا، يقول (ديبونو): "إن الدماغ عبارة عن نظام تحدث داخله الأشياء وفقًا لطبيعة هذا النظام، كما أن معرفة طريقة عمل نظام ما تُمَكِّن الفرد من استخدام فعال له، إن بعض الفهم لكيفية معالجة نظام المخ للمعلومات يُمَكِّن الفرد من الوعي بالأخطاء التي يمكن أن يقع فيها النظام أثناء التفكير، ومن ثم الاستخدام الأكثر فعالية من خلال فهم طبيعة هذا النظام بهدف تحقيق تعلم أسهل وأكثر اقتصادية".

مراحل التطور:

لقد مررنا بنظريات بدائية عديدة تفسر طريقة عمل الدماغ منذ ما يقارب (2000) سنة، فقد كان يشار إلى الدماغ كجهاز هيدروليكي (في النموذج الروماني-الإغريقي)، وكان يشار إليه بوصفه جهازًا يعتمد على ميكانيكا السوائل (في عصر النهضة)، وكان يشار إليه بوصفه نولًا سحريًا (في عصر الثورة الصناعية الأولى)، وكان يُشار إليه على أنه لوحة مفاتيح المدينة (من بداية القرن التاسع عشر إلى منتصفه)، بينما أشير إليه على أنه حاسب آلي (من سنة 1950إلى الثمانينيات)، كما ينظر إليه من قبل البعض على أنه عبارة عن شريط فيديو لحياتنا.

تقول لنا نظرية الدماغ التي انتشرت في السبعينيات أننا نحتاج إلى مزيد من التعلم الذي يتم في الجزء الأيمن من الدماغ، وفيما بعد عرف المربون نظرية (الدماغ الثلاثي الأجزاء) التي نتحدث عنها، يقول لنا هذا النموذج التطوري المكون من ثلاثة أجزاء أن التحكم الدائم يكون في الجزء السفلي من الدماغ، وتعالج المشاعر في الجزء الأوسط من الدماغ، بينما تعالج عمليات التفكير العليا،في الجزء العلوي من الدماغ، هذا النموذج الذي قُدم لنا عام 1952وانتشر أثناء سنوات السبعينيات والثمانينيات.

نظريات عدة ظهرت، ولا يزالون يدرسون كيفية عمل المخ، لماذا؟

يقول (رونالد ملزاك): "قد يأتي يوم في المستقبل القريب نستطيع فيه السيطرة على الحزم الخمسة الأساسية التي تنقل الأحاسيس من الجسم إلى الدماغ عن طريق الحبل العصبي، بحيث نتحكم بتخصصات هذه الحزم فنشطب من نبضاتها ما نشاء ونمحو من ملخصاتها ما نريد، ثم نبعث من خلالها معلومات جديدة".

 إذن  كل هذه الدراسات والنظريات تهدف إلی السيطرة علی السلوكيات الضارة والسيئة وتحفيز أي حث المخ علی استبدالها بسلوكيات جيدة حسنة، ثم إن تلك النظرية أو غيرها تَحَدَّثَ عنها أكثر من معالج لإدمان الإباحية وهي واقعية في رأيي بشكل كبير، المهم نكون قد فهمنا المغزی من الاستشهاد بتلك النظرية.

  • اسم الكاتب: أليكس
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 25 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 4K
  • عدد المهتمين: 192
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك