الدرس الخامس عشر: ماذا تريد من هذه الحياة؟ (تمرين مهم جدا)

ماضيك هو نتيجة للاختيارات التي قمت بها، ومستقبلك سيكون نتيجة الخيارات التي ستقوم بها. هناك الملايين من الطرق التي يمكنك أن تسير فيها، وكل واحد منهم سوف يأخذك إلى مكان مختلف.
A+ A-

الآن سأطلب منكم القيام بتمرين بسيط لكنه مهم جدا، إذا استطعت أن أطلب منكم استكمال تمرين واحد فقط قبل أن تغادروا سيكون هذا التمرين.

انتظرت وقتا طويلا كي أحدثكم عنه لأنني أردت أن أساعدكم لتنفسوا أولا عن بعض الضغوط الأولية المصاحبة لإدمانكم، ثم أطلب منكم أن ننظر معا إلى الصورة الأكبر.

أخي اعلم أن ماضيك هو نتيجة للاختيارات التي قمت بها. ومستقبلك سيكون نتيجة الخيارات التي ستقوم بها.

هناك الملايين من الطرق التي يمكنك أن تسير فيها، وكل واحد منهم سوف يأخذك إلى مكان مختلف.

والسؤال الآن: أين تريد أن تذهب؟

نحن سنحاول الإجابة على هذا السؤال الآن.

أريدك أن تتخيل نفسك وأنت شخص عجوز يرقد على فراش الموت، ليس لديه سوى عدد قليل من الأنفاس.

وتنظر إلى حياتك الماضية وتدرك أنها وإن لم تكن مثالية إلا أنك كنت تعيش جيدا، كنت تشعر بالفخر من نفسك ومن الخيارات التي قمت بها، تشعر أنك إن مت الآن فسيكون هذا على ما يرام.

ما هي الخيارات التي تحتاج أن تقوم بها الآن؟

والسؤال هو: ما هي الخيارات التي تحتاج إلى إجرائها الآن؟ في أي اتجاه تريد أن تأخذ حياتك إليه من أجل أن تصبح في المستقبل هذا الشخص الكبير الذي يفتخر بأنه وُفق في أعماله واختياراته؟

يقول أليكس: عندما قمت بهذا التمرين أدركت أنني أريد أن يكون لي أسرة، أدركت أنني أريد أن أنجز الأعمال التي كانت ذات هدف راقٍ، هذا إن أردت أن أكون رجلا صالحا صادقا ومتزنا.

لنا هنا وقفة عند كلام أليكس السابق.

إنك قد ترى أن هذا كلاما عاديا وتتساءل عن أهميته، في الحقيقة هذا شيء غير عادي، إن شخصا ربما يعيش سنين طويلة من عمره ولا يدري لماذا خلقه الله وماذا يريد الله منه في هذه الحياة وما الذي يجب عليه فعله حتى ينجو في الدنيا والاخرة؟ وربما مات نسال الله العافية وهو ما زال لا يدري.

أنقل إليكم كلاما رائعا في هذا الموضوع: "لعلَّ أقدس قضية يُمكن أنْ يضعها الإنسان نصب عينيه خلال مسيرة حياته المحدودة في هذه الدنيا هي التعرُّف على الهدف النهائيّ من إيجاده وخلقه.

فتشخيص الهدف ووضوحه من أهمِّ مُيسِّرات السلوك إليه وبلوغه.

والّذي يملك هدفاً في حياته، تراه أقدر على ترتيب أولويّاته وتنظيم حياته وتركيز مجهوده، من لا يعرف الهدف من وجوده في هذه الدنيا أشبه بشخص تائه في صحراء فسيحة لا تزيده كثرة السير فيها إلّا ضياعاً وتعباً، ثمّ مصيره إلى الهلاك في نهاية المطاف.

أمّا الّذي يعرف هدفه، فمثله كمثل شخص يسلك طريقاً طويلاً وشاقّاً، ولكنّه يرى بصيص النور في آخره، فتراه يتعجّل بلوغ هذا النور الّذي هو الخاتمة السعيدة ببلوغ نهاية الطريق.

إنّ أهمَّ ما يُميِّز مسيرة الأنبياء -عليهم السلام- عن غيرهم من البشر، هو وضوح الهدف أمامهم بنحو لا يشوبه شكّ أو غموض، ولذلك ترى منهم هذه القَدَم الراسخة في السير نحو الله عزَّ وجلَّ، فلا يهزُّهم اعتراض المعترضين ولا كيد الكائدين، هم يتوجّهون إلى هدفهم بفؤاد يُردِّد دائماً وأبداً: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، وهذه القَدَم الراسخة والثابتة تجدها أيضاً في أتباعهم على مرِّ التاريخ، لا يوجد أيُّ نهج غير منهج الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام- يستطيع أنْ يورث الإنسان الوضوح في الغاية والطريق.

كيف تحدد هدفك في هذه الحياة؟

عن أيِّ نحو من الأهداف نتحدَّث في هذا الدرس؟ فالإنسان قد يقع في طريقه العديد من الأهداف، منها ما يتعلّق بمعاشه في هذه الدنيا، ومنها ما يتعلّق بعلاقاته الاجتماعيّة، وغير ذلك أيضاً.

اختر وضع لنفسك ما تحب من الأهداف النبيلة، فهي كثيرة لكن  الهدف الّذي نرمي إليه ونودُّ التحدُّث عنه هو الهدف المتعلِّق بمجمل مصير الإنسان النهائيّ والأبديّ. فأيُّ حديث عن هدف غير هذا هو حديث عن هدف ثانوي، لذلك من المهمِّ أن نعلم أنّ الأهداف في حياة الإنسان لها ترتيبات من حيث الأهميّة، وفي النهاية كلُّها تقع تحت ذاك الهدف الّذي يتوقّف عليه مصير الإنسان وسعادته الحقيقيّة والأبديّة.

ما هو الهدف من وجودك؟

لقد بعث الله عزَّ وجلَّ إلينا أنبياءه ورسله ليبيّنوا لنا الكثير من الحقائق والمعارف، وهؤلاء الكمّل هم وسيلتنا لنعرف الغاية الّتي خلقنا الله من أجلها، إنّ الرسول الخاتم -صلى الله عليه وآله وسلم- قد نقل لنا كلمات الله عزَّ وجلَّ في هذا الخصوص، ثمّ فسّر لنا مراد الكلام الإلهي، يقول تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴾.

إنّ الله عزَّ وجلَّ يأمر نبيّه الكريم بأنْ يُذكّرنا بهذه الحقيقة الّتي أودعها في فطرتنا وجبل أرواحنا عليها، وهي أنّ الغاية من خلقتنا أنْ نعبد الله عزَّ وجلَّ فالله عزَّ وجلَّ لا يُريد منّا رزقاً وما شاكل ذلك، وكيف يطلب رزقاً وهو الغنيُّ الّذي لا يفتقر، إنّ الغاية الّتي خلقنا الله عزَّ وجلَّ من أجلها ترجع بفائدتها إلينا، لأنّ الله -عزَّ وجلَّ- غنيٌّ أيضاً عن عبادتنا، و في كلام الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم-  ما يُبيّن أنّ موقع العبادة في الجانب المسلكيّ والعمليّ الّذي يؤمّن وصول الإنسان إلى الكمال والسعادة الّلذين أعدّهما الله عزَّ وجلَّ لأهل طاعته، فالعبادة غاية لأنّها توصل إلى هذا الهدف.

فتحصّل لنا أنّ الغاية النهائيّة الّتي يتوقّف عليها مصير الإنسان هو الوصول إلى الكمال الّذي أعدّه الله -عزَّ وجلَّ- لأهل طاعته، وفي الوصول إلى هذا النحو من الكمال سعادة الإنسان الحقيقيّة الّتي لا تُقاس بها أيّ سعادة في عالم الدنيا.

أليكس ليس مسلما، ليس موحدا، ليس عبدا لله خالصا، ولو علم حقيقة الهدف الأسمى الذي تكلمنا عنه سابقا لفاز ولكنه لا يدري، فهو محروم ويتخبط أسأل الله له الهداية والإسلام.

نكمل كلام أليكس، يقول: قبل أن أقوم بهذا التمرين لم أكن متأكدا مما أريده في هذه الحياة؟

أنا كنت مفقودا، أحيانا كنت أريد شيئا واحدا، ومرة أخرى أريد آخر.

لكنني أعرف الآن من أعماق قلبي ما أريده حقا، وحينما يأتيني الموت وأنظر إلى الوراء في حياتي أشعر بالفخر من الحياة التي عشتها.

الآن أعرف أين أريد أن أذهب، هدفي مثل نجمة القطب التي تُستخدم لتوجيه الرحالة.

و في أي وقت شعرت أنني ضعت، فحينها يمكنني أن أخطو خطوة الى الوراء وأسأل نفسي هل هذا  الطريق يأخذني إلى حيث كنت أريد أن أذهب؟

كما تدرون، فإن أليكس ليس مسلما موحدا، ورغم ما يقول من أنه قد عرف الطريق وتوصل إلى أهدافه الذي إن مات سيكون فخورا بها، إلا أن كل هدف من غير إخلاص لله ومتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لا قيمة له وهو غير مقبول وإن سعد به الإنسان بعض الوقت في الدنيا، فإن هذا لن ينفعه في الآخرة، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ويا ليته يدري أنه محروم يتخبط وهو بعيد عن دين الله القويم فإني أدعو الله له دوما ومن قلبي أن يهديه إلى الإسلام.

اللهم آمين.

أرجوك خذ الأيام الثلاثة القادمة بالتفكير في الطريق الذي ستسلكه في هذه الحياة والذي من شأنه  أن يساعدك على أن تصبح ذلك الشخص السعيد الراضي، هناك العديد من الطرق المختلفة والمتاحة التي تستطيع أن تسلكها، أريدك أن تسلك طريقا واحدا، طريق الله وهو الذي ستصل من خلاله للراحة والأمان وكل ما تحبه وتسعد به في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: "وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"

خذ وقتك وكن لطيفا، ورجاء لا تنسى أن تقوم بعمل تقنية التعرض و منع الاستجابة وغيرها من الأمور الإيجابية.

أراكم قريبا.

  • اسم الكاتب: أليكس
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 26 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 171
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك