الدرس العشرون: عش على مراد الله منك، لا على مرادك أنت

لعلكم ستتعجبون حينما تقرؤون هذا العنوان و تتساءلون: هل أليكس قال مثل هذا الكلام عش على مراد الله منك لا على مرادك أنت؟ نعم، أليكس قال هذا الكلام، لكن و أكرر على غير هدى الإسلام.
A+ A-

لعلكم ستتعجبون حينما تقرؤون هذا العنوان وتتساءلون: هل أليكس قال مثل هذا الكلام "عش على مراد الله منك لا على مرادك أنت"؟

نعم، أليكس قال هذا الكلام، لكن و أكرر على غير هدى الإسلام، لكم دعوت الله أن يهديه إلى الإسلام! سأرسل له بإذن الله رسالة فور انتهائي من تلك الدورة لأدعوه إلى الإسلام.

تعالوا نرى ماذا قال أليكس:

يقول: كلما قرأت عن التعافي من الإدمان ألاحظ نفس الظاهرة تُوصف مرارا وتكرارا في مجموعات واسعة من الأدب، بدءا من المعتقدات البوذية القديمة إلى كتب المساعدة الذاتية في العصر الحديث.

هذه الظاهرة لها مسميات مختلفة: تارة يسمونها الرب، تارة طاقة الكون، ومرة السلطة العليا، وأحيانا المراقب الداخلي لدينا، لكن في رأيي كلها محاولات لوصف مفهوم واحد مهم جدا وحيوي لنا كبشر.

وأعتقد أن هذا حدث لأنه خلال قرون مضت واجه الناس تحديات مشابهة جدا فحاولوا و كافحوا جاهدين من أجل التوصل إلى حلول لهذه التحديات.

في هذا الفصل أنا ذاهب في محاولة مني لوصف هذه الظاهرة.

إنه موضوع مثير للجدل للغاية، معظم حياتي ظللت أحتفظ بوجهة نظري تجاه هذه الظاهرة، كنت في جدل مع نفسي حول إمكانية عرض فكرتي تلك من خلال هذه الدورة.

في النهاية قررت أن أطرح هذا المفهوم ﻷنه كان حاسما بالنسبة لي في شفائي شخصيا.

معظم حياتي حاولت أن أكون مديرا لنفسي، فاتخذت قرارات بناء على ما أردت وما شعرت به، فقد كان هذا صوابا بالنسبة لي، إن هذا كان جيدا إلى حد ما، بالتأكيد كان عندي القصور، و لكن عموما لم أكن شخصا سيئا.

أدی هذا النموذج من الإدارة الذاتية إلى نتائج عكسية حقا، خاصة عندما بدأت أعراض الإدمان تتصاعد وتزداد، وحينما وقعت في الإدمان أكثر وبدأت أفقد القيم وتزداد رغبتي في أشياء لم تكن معقولة أو مقبولة.

مع ذلك، واصلت النظر داخل نفسي في محاولة لمعرفة ما يجب علي أن أقوم به في حياتي، وبدأت أتساءل عن أشياء مثل "ماذا أريد أن أفعل حقا ؟"، وشرعت في بناء حياتي بناء علی الإجابات التي حصلت عليها.

استغرق مني هذا الأمر سنتين من الكفاح والانتكاسات لكي أقبل أخيرا أن (حاجتي) لا يمكن الوثوق بها للحفاظ على نفسي متزنة ورصينة وسعيدة، وأنه يجب علي أن أجد طريقة جديدة لأعيش حياتي بالطريقة الصحيحة.

أليكس: من الآن فصاعدا وأنا لن أبني قراراتي على ما أعتقده أو أراه حقا في تلك اللحظة، بل على أساس ما (أشعر) أن الله يريدني أن أفعله في هذه اللحظة.

هذا هو ما أسميه العيش بإرادة الله.

لذلك، كيف لي أن أعرف ما هي إرادة الله بالنسبة لي؟

وقفة:

حتی هذه اللحظة كلام أليكس ممتاز إلی حد كبير، ولكنه في نهاية كلامه بدأ يتخبط لأنه كما ذكرت لكم علی غير هدی الله وغير دين الإسلام.

لو لاحظتم كلامه السابق أكثر من رائع عدا جملة واحدة: (علی أساس ما أشعر)

نكمل كلامه لنری كيف أن الإنسان حينما يعمل عقله كثيرا ولا يسلم أمره إلی الله ويتبع أمره وأمر رسوله -صلی الله عليه وسلم- وينتهي بنهيهما يضل ويشقی.

يكمل أليكس فيقول: أعتقد أن كل إنسان لديه القدرة على الاتصال بالله أو بقواه الذاتية، بعض الناس قد يطلق عليه الحدس، وبعض الناس قد يطلق عليه تخمين على أساس الخبرة، أنا حقا لا أعرف ما هو؟ لكنه صوت يتردد في رأسي من حين إلى آخر يقول لي شيئا مثل: "لا تفعل هذا، سوف تندم عليه".

بالنسبة لي، الذين يعيشون بإرادة الله يمارسون الاستماع إلى هذا الصوت و يفعلون ما يقوله لهم، فكلما تعلمت الاستماع إلى هذا الصوت كلما سهل علي الوصول إليه، وأعتقد أيضا أن كل إنسان لديه قدرة مماثلة.

يؤكد أليكس تخبطه فيقول لا تفهموني خطأ، أنا لست قادرا على الاستماع دائما إلى هذا الصوت، أحيانا أنا أميل إلى اتخاذ قراري من "نفسي".، وأحيانا أبدأ أفكر بإرادة الله، أقول أشياء مثل (لكن أنت لم تفهم ربك، أنا حقيقة أريد أن… إنه سيكون حقا جيدا لي…)

عادة أعيش "بإرادتي" فتأتي النتائج في حياتي سلبية، فأدرك ساعتها بما فيه الكفاية أن إرادة الله خير لي فأعود لاتباعها.

فعندما أتتبع إرادة الله حياتي تبدو كأنها تعمل بشكل جيد تماما.

خذ لحظة للتفكير في حياتك.

يمكنك تحديد لحظات من حياتك كنت حقا فيها علی ما يرام؟

والآن أنت لست كذلك لماذا؟

ماذا كنت تفعل بشكل مختلف؟

وقفة:

هل أدركتم الآن ما يود أليكس أن يقوله؟ يريد أن يقول: عش علی مراد الله منك لا علی مرادك أنت، لكنه أخطأ كلية في كيفية معرفة إرادة الله وماذا يريد الله منه.

لو فعل كل منا ما يقوله أليكس في التعرف علی مراد الله، لضللنا بكل تأكيد كما ضل هو هداه الله، فلعله معذور، لم يعرف هدی الإسلام ولم يصل إليه ربما، لكن كما أقول لكم لو تركنا كل واحد يستمع إلی ما يمليه عليه ضميره لكانت الكارثة، لأن الله هو الذي خلقنا وهو أعلم بنا وبطبيعتنا وحالنا، يعلم ما يصلحنا وما يفسدنا وما هو خير لنا وما هو شر لنا. قال تعالی: (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) ، ( وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

فبكل يسر وسهولة ما علينا إلا اتباع ما أمرنا الله به ورسوله -صلی الله عليه وسلم- والانتهاء عما نهينا عنه، نسعد ولا نشقی، ونصبح متزنين ورصينين. قال تعالی: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وفي المقابل قال تعالی: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى)).

أليكس يتحدث عن صوت يسمعه، وأقول له ليس هناك وحي من الله إلا للانبياء والرسل، لا يصلح أن نأتمر بهذا الصوت الذي بداخلنا، فكل له هواه ونفسه وشيطانه، فما يدريك أنهم يوسوسون لك، حتی وإن سلمت أنفسنا وطهرت فقد نحكم بأحكام علی أشياء تبدو لنا جيدة تتماشی مع عقولنا، لكنها تخالف الشرع، فيجب أن نسلم للشرع لأنه بكل تأكيد هو الصواب وذلك لقصور عقولنا وضعفها.

أحب أن أخبركم أنني نقلت كلام أليكس هذا لماذا؟

حتی ندرك نحن المسلمون كم نحن في نعمة عظيمة هي أعظم النعم وهي نعمة الإسلام، نحن نمتلك كنزا ثمينا لا تمتلكه أي أمة غيرنا، فلو طبقنا تعاليم ديننا سنعيش عيش السعداء.

فهذا أليكس شاب أدمن الإباحية وهو يعيش في أمريكا، أنتم تدركون طبيعة المجتمع الأمريكي فيه ما فيه من الشهوات والانحلال، لعلكم تعلمون كم شاب من شبابنا يتمنی لو يعيش في مثل تلك المجتمعات فهم مفتونون بها يتمنون العيش مثله، ليأتي أليكس بقصة كفاحه تلك، من أجل التخلص من حياته (الاباحية) التي يتمنی غير واحد من شبابنا أن يحياها، يا للأسف يظنها السعادة وهي الشقاء، أليكس شاهدٌ من أهلها (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَ).

ثم ماذا في النهاية؟

يتوصل بعد كل ما فعله وجربه وحاول به أن يقلع عن إدمان الاباحية، يتوصل إلی  أن يتتبع إرادة الله فتلك هي النجاة.

فما بال بعضنا يريد أن يوقعنا ويغرقنا في ما هم يحاولون النجاة منه؟!

ما بال بعضنا يريد أن يصرفنا عن هدفنا وغايتنا في هذه الحياة التي من أجلها خلقنا الله وهي عبادته علی الوجه الذي يرتضيه. قال تعالی: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) هذا هو هدفنا في الحياة أخي وأخيتي.

يكمل أليكس فيقول: هناك قضية أخرى تتعلق بالله وكانت تؤرقني في الماضي.

فكرة أن العيش بإرادة الله ليست ضمانا ضد أي شيء يحدث سلبيا في حياتي، لكنه ضمان رغم ذلك لأن أكون فخورا بالطريق الذي سلكته في الوقت القليل الذي سأعيشه علی هذا الكوكب.

فمن الممكن أن نقول وهذا ما أعتقده، أنني إذا أنا عشت بإرادة الله فهناك احتمالات لأن تتحسن حياتي بشكل أكبر.

إن نفسي لا تريد سوى "كل شيء الآن وإلى الأبد"، المزيد من المال، المزيد من القوة، المزيد من الجنس، وإذا قضيت حياتي في تلبية تلك الرغبات فمن المحتمل جدا أنني سأفعل شيئا غبيا حقا في اتجاه واحد أو أكثر .

فإذا عشت بإرادة الله و أطعمت نفسك الخيرة، فسيمنحك هذا فرصا جيدة لأن تحيا حياة علی نحو جيد علی الأرجح و لكنها غير مضمونة.

اسمحوا لي بتعليق علی كلام أليكس فقد لاحظت أن لديه الفكرة الصائبة لكنها غير مكتملة حيث يذكر أنه إذا عاش الإنسان حياته علی مراد الله فسوف يعيش حياة جيدة و لكنها (غير ضامنة لأن لايحدث له شيئا سلبيا ) يقصد غير خالية من الابتلاءات والمصاعب ولكنه يقول أنه علی الرغم من ذلك سيكون فخورا بأنه عاش علی مراد الله -مع تصحيح فكرته عنها كما ذكرنا بالأعلی – رغم تلك الابتلاءات.

وأنا أتخيل أنه قال هذا الكلام بعدما قاسی الصعاب وذاق المرار من المعاصي فلأن يبتلی العبد في طريق رضا الله ولا أن يتحمل مر الذنوب وعذابها.

و إنني أقول لك أخي في الله وأنت تعصي الله أفلا تشعر بالهوان والصغار والانكسار والهم والضيق والتعب فاصبر وتحمل أقل من هذا لتقلع عنها في سبيل رضا الله، ففي كل تعب فاتعب لتنل رضاه ولا تتعب لتعصيه ثم انظر حال قلبك بعد تركك للمعاصي شتان بين حاله بعد الفعل وحين الترك شتان .

وأقول لأليكس إن المؤمن في ديننا أمره كله خير يقول الرسول صلی الله عليه وسلم : ”عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ“. رواهُ مُسْلِمٌ. فالحمد لله فالمؤمن ليس بخاسر أبدا.

يكمل أليكس فيقول: علی أية حال، أعتقد أنكم بالفعل قد قمتم بإرادة الله لكم على مدار الفترة الماضية من قراءة هذه المقالات، وأعطيتم أنفسكم رعاية أفضل، ومارستم تقنية التعرض ومنع الاستجاية (أليس كذلك؟)، وقمتم بالأشياء التي تساعدكم على البقاء متزنين وأنا فخور بكم!

في الختام، أريد أن أخبركم بشيء قاله لي كفيلي في برنامج الاثنتا عشرة خطوة قال لي منذ وقت طويل:

“إذا وجدت نفسك لا تحيا حياة طيبة، فهذا لأنك تحاول إدارة ذلك بنفسك، فحاول البحث عن مدرب جديد!“

يشير أليكس هنا إلی ربما الاستعانة بالله أوالاستعانة بعد الله بشخص يعينك علی الترك والالتزام.

في الدرس التالي بإذن الله سنتحدث عن قرار صعب اتخذه أليكس كان عليه أن يفعله والذي سمح له بالانتقال بتعافيه إلی مستوی جديد كلية.

  • اسم الكاتب: أليكس
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • تاريخ النشر: 26 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 2K
  • عدد المهتمين: 172
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك