أعيدوا إليَّ دماغي فقد دمرته الإباحية

واحدة من أكثر التطورات أهمية في فهمنا للدماغ في العقدين الأخيرين، هو اكتشاف ما يسمى بالمرونة العصبية, فـــــ (العصبية) تعني الدماغ, و(المرونة) تعني القابلية للتغير
A+ A-

واحدة من أكثر التطورات أهمية في فهمنا للدماغ في العقدين الأخيرين، هو اكتشاف ما يسمى بالمرونة العصبية, فـــــ (العصبية) تعني الدماغ, و(المرونة) تعني القابلية للتغير, بعبارة أخرى: فقد اكتشف العلماء أن الدماغ باستمرار، ينشئ مسارات مبنية على العادات التي يقوم بها الشخص، ولشرح كيفية عمل الدماغ فإن العلماء قالوا: إن الخلايا العصبية التي تنشط أو تُثار تتواصل معا بما يشبه الأسلاك.

ما هي الخلايا العصبية؟ وما الذي يثيرها؟

عندما تحصل إثارة لخلايا المخ من شيء رأيتَه، أو سمعتَه أو شممتَه فإن خلايا الدماغ، تقوم بإطلاق مواد كيميائية، تقوي العلاقة بين الخلايا العصبية، على سبيل المثال: عند تناول طعام لذيذ يقوم الدماغ بإفراز مادة (الدوبامين)، وهي مادة كيميائية تجعلك تشعر بالراحة.

وإذا تصافحت بيديك مع شخص ما يهمك كأبيك، أو أمك، فدماغك يُطْلِق مادة كيميائية تسمى (الأوكسيتوسين) والتي تساعدك على الترابط مع الناس، وإذا كنت تعانق عمك عند لقائك به، وأثناء زيارتك لهم، يقدم لك الآيس كريم، فهذا ربما سينشئ لديك شعورا جميلًا جدًا، تجاهه؛ لأن عقلك سوف يقوم ببناء مسارات، تربط العم مع الشعور بالسعادة والحب .

إن لديك العديد من أنواع مسارات الدماغ؟ لجميع أنواع الأشياء:ركوب الدراجة، وتناول الطعام، والمشي على الشاطئ. وعندما ينظر الشخص إلى الإباحية فإن الدماغ يصنع مسارات، جديدة كما في الأمثلة السابقة.

تماما مثل غيرها من المواد الملموسة المسببة للإدمان، فإن الإباحية تُغْرِق الدماغ بـــــ(الدوبامين).

لكن بعد أن غرق الدماغ بـــــ(الدوبامين) بصفة مستمرة- نتيجة الاستخدام الدائم- تقل عدد المستقبلات، والتي تكون كزوائد صغيرة على النيرون (الخلايا العصبية) والتي تستقبل رسائل الدوبامين.


ومع وجود عدد أقل من المستقبِلات حتى ولو كان الدماغ يقوم باستقبال نفس مستويات الدوبامين، فإنه لن يشعر بتأثير الدوبامين بنفس القدر, ونتيجة لذلك–كحال مدمني المخدرات- سيتجه مدمن الإباحية، إلى اللبحث عن مستويات أعلى من الإثارة، ويهبط في دركاتٍ أسوأ وأسفل، أملًا في تحقيق نفس مستوى الشعور (الزائف) الذي كان انتابه في البداية، لقد بدأ الشخص يفقد حساسيته، ومعها يفقد اتزانه ورشده.

وسبحانه القائل: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ النور:30.

فمع المشاهدة المتكررة، للمناظر الإباحية، فإن المستخدِم يتكيف مع مادة (الدوبامين) ويعتاد عليها، وهذا هو أحد أسباب الوصول إلى حد الإدمان، وسيجد الشخص أن كمية المشاهد، التي كان يراها- والتي كانت سببا في إفراز موجة عالية من الدوبامين- لن تجعله يشعر بنفس الإثارة كما في السابق، وبالتالي ستترك تلك التجربة هذا العاصي، في شعور أو إحساس متدن، وغير مستقر .

بمجرد الوقوع في الإدمان، فإن الشخص يقع في مجموعة جديدة من المشاكل

لأن أضرار الإدمان، تظهر وتؤثر على الدماغ، في الجزء الذي يساعد على التفكير في الأشياء بطريقة صحيحة.

لأكثر من عشرة أعوام، أظهرت الدراسات، أن إدمان المخدرات بأشكالها، يمكن أن يسبب انكماش في الفص الجبهي للدماغ.

إن (الفص الجبهي) يبدو تقنيا حقا، حيث إنه الجزء الذي يتحكم في حل المشكلات، واتخاذ القرارات المنطقية.

لكن الدراسات الأخيرة وجدت أنه ليس فقط الأدوية، هي التي تسبب هذا النوع من الضرر، بل تظهر المشاكل مع أنواع أخرى من الإدمان، مثل الإفراط في تناول الطعام، وإدمان الأنترنت، وإدمان الإباحية.

لكن لا تيأس، فهنالك أخبار جيدة جدا بفضل الله ورحمته؛ وهي أن المرونة العصبية التي تكلمنا عنها في مقدمة المقال، تعمل في كلا الاتجاهين، وهذا يعني أن الضرر في الدماغ يمكن أن يتراجع ويشفى عندما يحفظ الشخص نفسه بعيدا عن هذه السلوكيات المحرمة وغير الصحية.

والآن ما عليك سوى أن تعود إلى الله، وتقلع عن الإباحية، ليعود إليك دماغك، الذي دمرته الإباحية.

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ۞الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب﴾ سورة الرعد من آية:27, فهو سبحانه يهدي إليه من أناب.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 30 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 4K
  • عدد المهتمين: 175
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك