أكثر من 100 سائق أجرة مُتّهمون بالاعتداء الجنسي على الركاب (في أمريكا)

هاجم تقرير تحقيقيّ لـ CNN شركتي سيارات الأجرة Uber و Lyft حديثًا؛ بسبب القلق الناتج عن الاعتداء الجنسي، من جانب سائقي الشركتين على الركاب. وانتهى التقرير إلى أنَّ ما لا يقل عن 103 سائق Uber تمَّ اتهامُهم بالاعتداء، أو سوء المعاملة مع الركاب
A+ A-

هاجم تقرير تحقيقيّ لـ CNN شركتي سيارات الأجرة Uber و Lyft حديثًا؛ بسبب القلق الناتج عن الاعتداء الجنسي، من جانب سائقي الشركتين على الركاب. وانتهى التقرير إلى أنَّ ما لا يقل عن 103 سائق Uber تمَّ اتهامُهم بالاعتداء، أو سوء المعاملة مع الركاب – تلقى 31 من هؤلاء السائقين إدانات جنائية، ولا يزال العديد من الإدانات قيد التحقيق الآن.

كل الاعتداءات تميل إلى اتباع سيناريو معيَّن:

فتاة بمفردها، قد أنهكها شرب المسكرات (الخمر)، تطلب uber للعودة إلى منزلها بأمان. وعند شعورها بالإعياء أو غيابها عن الوعي تمامًا، يقوم السائق باغتصابها أو الاعتداء عليها، في السيارة نفسها أو بمجرد الوصول إلى مكان إقامتها.

ردَّ كُلٌّ من Uber و Lyft على تقرير CNN، مؤكّدين للمواطنين المعنيين، أنَّهم يتّخذون التدابير اللازمة لزيادة سلامة الركاب، ومراقبة السائقين، ومتابعتهم كردِّ فعل لشكاوى الركاب. ومع ذلك، يدَّعي بعض رجال القانون المتابعون للموقف أنَّ Uber تقوم بتجاهُل المشكلة، من خلال تضمين بند في شروط خدمة المستخدم، يجبر الركاب على حلِّ شكواهم قانونيًّا بشكل فردي، دون أيِّ شراكة قانونية من Uber.

من الواضح أنَّ هذه قضية مثيرة للغضب، لأيِّ شخص، مُهتم بالاعتداء الجنسي، في مجتمعنا. وبينما نُقاتل ضد حقائق الاعتداء الجنسي، في المجتمع، نحتاج إلى أن نكون على دراية بجميع الأماكن التي يتمّ فيها تطبيع هذا الاعتداء الإجرامي، وحتى الترويج له.

والحقيقة هي أنَّ فيديوهات الإباحية، التي تُحاكي تلك المواقف المُسيئة، التي يعتدي فيها السائقون على الركاب جنسيًا، موجودة، ويتمّ إنتاجُها، ويمكن الوصول إليها بسهولة، بواسطة أيّ شخص لديه هاتف ذكي، وإنترنت. كيف يكون هذا مقبولا؟

إنَّ الإباحية مبنيّة على ما هو غير مقبول اجتماعيًا

من أين يأتي الطلب، على المحتوى الإباحي، الذي يُصور سيناريوهات الاغتصاب، غير المقبولة اجتماعيًا؟

تُظهر الأبحاث أنَّ الإباحية تعتمد على المتعة بطبيعتها. عندما يستهلك شخص ما المواد الإباحية، فإنه يُنشّط مركز المكافأة في الدماغ مِمَّا يُؤدِّي إلى إطلاق هرمون الدوبامين. هذا الهرمون يُحفِّز الدماغ للبحث عن المتعة مرة أخرى. ورغم ذلك، فإنَّ تَبِعات الأمر ستُؤثِّر بالسلب على مركز المكافأة نفسه، حيث سيصبح مُحمَّلا بشكل مفرط. سيحتاج الشخص إلى استهلاك المزيد من المواد الإباحية والمزيد من الفيديوهات العداونية؛ من أجل الشعور بنفس المتعة التي سببها الدوبامين أوّل مرة شاهد فيها الإباحية. هذه هي الطريقة التي من خلالها يجد الأشخاص -الذين بدؤوا بمشاهدة الإباحية العادية- أنفسهم يبحثون في نهاية المطاف، عن الإباحية المتطرفة والعنيفة.

بشكل أساسي، فإنَّ السلوك المتصاعد لمُشاهِد الإباحية، هو مَا يُغذي إنتاج مصنعي الإباحية، لمواد حادّة، ومُتطرّفة، وغير قانونية. حتى ظهرت أنواعٌ من المواد الإباحية، تُحاكي السلوكيات غير المقبولة اجتماعيًا، على شاكلة ممارسة الآباء الجنس مع مربية الأولاد، وممارسة الفتيات المراهقات الجنس مع سائقي الشاحنات، وما إلى ذلك. في العالم الحقيقي، هناك أعراف وأشياء معينة محظورة. ولكن في عالم الإباحية، ليس هناك شيء محظور على الإطلاق. بعد استهلاك هذه المواد التي تضعف إحساس وحياء المشاهد، يمكن أن يُعيد الدماغ تشكيل نفسه حرفياً، لاعتبار هذا المحتوى المتطرف أمرًا طبيعيًا في أيامنا هذه.

لذلك عندما تحكي الإباحية القصة، فإنَّ رحلة uber العادية ليست عبارة عن شخص يقدّم خدمة توصيل لشخص آخر من النقطة أ إلى النقطة ب، بل ستروي القصة موقفًا متطرّفًا مليئا بالاعتداء الجنسي.

وذلك يتبع القاعدة النموذجية لمصنعي الإباحية: الموقف الذي يبدو طبيعيا لك حيث يحدث في حياتنا اليومية، سيتم صياغته لصناعة فيلم إباحي، غير مقبول اجتماعيًا.

تلك القاعدة شائعة في صناعة الإباحية.

إباحية سيارات الأجرة … والآن إباحية uber

لقد أجرى الباحثون دراسة عام 2018 حول ذلك النوع من الإباحية الذي يسمي: "إباحية سيارات الأجرة". غالبًا ما يتضمن ذلك النوع، امرأة تستخدم إحدى سيارات الأجرة، وفي النهاية تُمارس الجنس العنيف مع سائق السيارة- ويُظهرها الفيديو أنَّها تستمتع بذلك.

شاهد المتطوّعون في الدراسة هذا المحتوى الإباحي، ثم طُلب منهم تقييم مدى احتمالية موافقة المرأة طوعًا، عرضًا من سائق سيارة أجرة، لممارسة الجنس معها. انتهى الباحثون في بحثهم إلى أنَّ أولئك الذين تعرَّضوا للإباحية في الماضي، كانوا أكثر عرضة للاعتقاد بأنَّ النساء قد يُرِدْن ممارسة الجنس "الشبيه بما هو في الإباحية" مع سائقي سيارات الأجرة.

كتب فريق البحث: "تقدّم الدراسة بعض الأدلّة، على أنّ المواد الإباحية، يمكن أن تؤثّر على رؤية، وحكم المستهلكين للواقع الاجتماعي حولهم، من خلال إقناعهم باحتمالية وجود رغبة، وحماس، لدى النساء، في أنواع الممارسات الجنسية التي يتم تصويرها عادة في المواد الإباحية".

تكشف المزيد من الدراسات، كيف تحرّف الإباحية، رؤية المستهلكين للواقع، و تدرّب  أدمغتهم، على إضفاء الطابع الجنسي المفرط على المحيطين بهم، واعتبار السلوك غير المقبول اجتماعيًا، سلوكًا عاديا ومقبولا الآن.

"إباحية سيارات الأجرة" صارت نوعًا من أنواع المواد الإباحية منذ سنوات، كما إنَّه يُمكنك الآن العثور على مواد إباحية عنوانها: “إباحية Uber” مع بحث بسيط علي شبكة الإنترنت. هذا الخطّ الفاصل بين المقبول، واللا مقبول، لا يزال يتمّ محوُه باستمرار؛ بسبب الإباحية، وصار ركوب سيارات الأجرة في بعض الأحيان ليس آمنًا.

يمكننا الاستدلال على ذلك أيضًا، بمقالٍ موجود بموقع Buzzfeed، والذي يسلط الضوء على بعض الركاب الذين طلبوا Uber ثم وجدوا السائق يشاهد الأفلام الإباحية بالفعل في السيارة.

إن الاعتداء الجنسي، قضية مهمّة في مجتمعنا الآن. وبينما نتحرّك نحو فهم هذا الوباء، والتعامل معه ومحاربته. يجب علينا مواجهة الإباحية وحقيقة تطبيعها للسلوك غير المقبول اجتماعيًا، كالاعتداء الجنسي.

من أجل مستخدمي Uber والجميع، نحتاج إلى أن نفكر جديًا ونحذر من الطرق التي تشكّل بها الإباحية، تجاربنا، وسلوكياتنا الاجتماعية – يجب علينا أن نحارب الإباحية. يجب أن نرفض تدمير الواقع الاجتماعي المقبول؛ من أجل بعض المتعة الموجودة بالإباحية.


  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: أحمد الصواف
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 9 يونيو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 135

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك