الإباحية حرَّفت فكري

الإباحية تقوم بتقديم فكرة مشوهة تماما، عن الزواج والعلاقة بين الزوجين، وكيف يجب أن تكون بصورة سوية.
A+ A-

إن غالبية المراهقين- عندما ينقصهم الالتزام بتعاليم الإسلام، ويتركون أنفسهم لجلساء السوء- قد يحصلون على معلوماتهم  الجنسية من الإباحية.

وقد وجد الباحثون مرارا وتكرارا، أن الناس الذين شاهدوا كمية كبيرة من الإباحية، هم أكثر عرضة لممارسة العلاقات غير الشرعية وعدم الصبر حتى الزواج، مما يؤدي بهم إلى الزنا، والحمل السفاح، وتدمير روابط الأسرة والمجتمع، والجميع يعلم مآل ذلك في الدنيا والآخرة. فمعظم النار من مستصغر الشرر.

يمكنك أن تتخيل ماذا سيحدث، لو كان الذي يدرس مادة الصحة المدرسية الخاصة بك، هو شخص مدخن؟

لن تكون هناك فرص كبيرة، لأن تسمع منه عن أن التدخين قد يسبب سرطان الرئة، وكذلك إن التدخين يمكن أن يكون سببا في قصف صحتك، والوفاة السيئة. بل على النقيض، قد يحاول أن يقول لك أن التدخين  سيعزز لديك فرصة، أن تقضي وقتا ممتعا .

هل ستكون مقتنعًا به بعد تشويه صورة الصحة بهذا الشكل؟ إن هذا الافتراض يبدو  سخيفا أليس كذلك؟

هنا تكمن المشكلة: فالمراهقون يتم تشويه صورة العلاقة الزوجية الشرعية لديهم، بنفس الشكل. فبدلًا من الصحة، يتم تقديم السجائر لهم مع وهم الحياة الصحية العامرة… السجائر هنا، هي المواد الإباحية.

مثلما تظهر إعلانات السجائر، حيث يبدو المدخن، وهو في صحة جيدة مستمتعا بشرب السجائر، وهو ينفخ الدخان خارجا من فمه.

فإن الإباحية تقوم بتقديم  فكرة مشوهة تماما، عن الزواج والعلاقة بين الزوجين، وكيف يجب أن تكون بصورة سوية.

في الاباحية، يتم تصوير الزنا بين الغرباء، وكأنه شيء عادي، بل و في أكثر الأحيان يتعدد هؤلاء الغرباء، في مستوى لا تهبط الحيوانات إليه، وهي ليست كائنات كرمها الخالق عز وجل. كذلك يتم تصوير الممارسات العنيفة، واللاإنسانية كأنها شيء عادي، أو حتى ممتع. فالمنافسة هي في التطرف، لجذب الانتباه أكثر وأكثر.

كتب جون وود، وهو معالج غربي يعمل مع الشباب المدمنين، على المواد الإباحية، في مقال يتحدث عن آثار الاباحية، كتب يقول: "هذه المشاهد أوصلت الشباب إلى أن العلاقة الطبيعية العادية، هي شيء ممل جدًا، ومن هنا هبطت بهم إلى مستويات غاية في السوء، من ناحية الممارسات الوحشية، وغير الآدمية، و أوهمتهم أن هذا هو التجديد وهذا هو العادي!"

نتيجة لذلك، تظهر الدراسات أن الناس الذين ينظرون إلى الإباحية، هم أكثر ميلا إلى التفكير في الزنا، مع العديد من الأفراد، وبصور يؤذون فيها جميع المشتركين فيه أذية جسدية، ومعنوية كبيرة، من أجل تقليد ما شاهدوه من مشاهد. إذن ليس الموضوع موضوع العلاقة الحميمية، لكنه التقليد الأعمى، وهذا خطر اتباع خطوات الهلاك، التي حذرنا الله سبحانه وتعالى منها.

وقد وجد عالم الاجتماع، مايكل كيميل أن التخيلات لدى الرجال، تتاثر تأثرا كبيرا بالاباحية، وتضطرب لديهم القدرة على إصدار الأحكام السوية، فيلومون زوجاتهم الملتزمات، عند رفض تنفيذ ما يأتي في هذه المشاهد. فماذا تكون النتيجة؟ طبعًا ميل هؤلاء المجاهرين بالسوء، إلى التمادي في ممارساتهم، حتى يقعوا في فخ الزنا والمتعة الحرام، الواهمة، والزائلة.

إن الإباحية لا تظهر أي شيء يمت بصلة إلى الخير، في العلاقة بين الزوجين، لكنها تظهر أسوأ ما في الإنسان عندما ينحدر إلى مستنقع الشهوة، وسبحانه القائل: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا  ( 44 )   أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) الفرقان – الآيات 43-44

أين ما تظهره هذه المشاهد من الحقيقة الراقية في ديننا، لهذه العلاقة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم – الآية 21

هل تتوقف صناعة الوهم والضلال على ذلك فقط؟

كلا، فإنهم لم يبينوا أيضا العواقب المترتبة على ذلك النوع من الجنس، الذي يمارسونه. فهم لا يظهرون الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، في حالة الزنا مع الشركاء؛ ولا يظهرون  حالات الحمل السفاح، و لا سرطان عنق الرحم، ولا الطفيليات المعوية، ولا يظهرون لك  تمزيق الجلد أو الكدمات. إن كل شيء يظهر  تقريبا على ما يرام وأنهم يشعرون بالارتياح !!!!!

إن إهانة النساء، وإذلالهن، روتين في هذه المشاهد كذلك، وتمثل النساء دور السعيدات أثناءها، فهل هذا هو الواقع؟

إن الصور هي أقوى معلم، لأنه يمكن لها  أن تجمع  مجموعة كبيرة من المعلومات، التي يمكن للمشاهد أن يفهمها بسرعة كبيرة. وبينما الكلمات يمكن تفسيرها على أنها آراء، فإن أدمغتنا قد تميل إلى أن تفسر الصور، على أنها حقائق.

أدمغتنا أيضا تتعلم بشكل أقوى، عندما تكون في حالة استثارة، وهنا قد يتعلم الإنسان، الغارق في وحل الإباحية، معلومات خاطئة، ويعزز هذه المعلومات لاحقًا بالتكرار ويربط ذلك بالمتع المحرمة، بالضبط كما المدمن للمواد الملموسة. وهذا كله يصنع الظروف المثالية لمسارات التعلم في الدماغ (حتى لو كان مضمون التعلم باطلًا).

نتيجة لذلك، يربط مشاهدوا الاباحية، رغباتهم نحو الجنس الآخر، بالنظر إلى صور افتراضية، وغير واقعية تحت الأضواء وبعد التعديل. وبدلا من التعلم حول كيفية بناء علاقات مع أناس حقيقيين،  يشعر المستخدم للاباحية بأنه من الطبيعي و من المثير أن يبقى وحيدا أمام الحاسوب. إنه لأمر محزن.

وقال الدكتور غاري بروكس، أستاذ علم النفس الغربي، الذي يدرس تأثير الاباحية على الرجال: "إن الأولاد الذين يتعرضون لهذه الصور مبكرًا، يُحتمل أن تبقى التأثيرات السلبية لها معهم بقية حياتهم".

هذه هي الحقيقة أمامك واضحة، فتامل في حالك، وإلى أي نقطة وصلت بسبب تلك المواد المحرمة، فارجع وتب، واتركها، ولا تتردد. وفقك الله.

فهل من تردد والله سبحانه القائل: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)العنكبوت – الآية 7

  • اسم الكاتب: د. محمد عبد الجواد
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 1 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 3K
  • عدد المهتمين: 174
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك