كيف يناضل المراهقون؛ لمعرفة المزيد عن الجنس الصحي في عالمنا المشبع بالإباحية؟

هل لك أن تتخيل ما ينبثق للمراهق أثناء استخدامه للهاتف، وهو جاهز “للإجابة” عن كل فضولهم حول الجنس، عندما تكون الموارد الواقعية غير كافية؟!
A+ A-

نشر ألفريد كينزي في عام ١٩٥٣ بحثه حول موضوع يعتبر من المحرمات المتعارف عليها في أمريكا: ألا وهو الجنس الأنثوي. وذلك خلال حقبة تقيد ذلك الأمر بشكل خاص عندما لم يكن الجنس شيئًا يُناقش علانيةً مطلقاً، فلقد كان السلوك الجنسي في الأنثى البشرية أمراً صعباً ولكنه الأكثر مطلباً.

مع وجود استنتاجات مثل "نصف النساء لديهن علاقات جنسية قبل الزواج"، فلقد سبب ذلك صدمة للبلاد وفتنة، فلقد تمَّ انتقاد بعض طرق بحث كينزي المشكّكة، رغم ذلك إلّا أنّه لا يمكن إنكار أنه كان في طليعة الذين بدؤوا نقاشا فعليا حول الجنس.

لقد تغير الكثير منذ ذلك الحين، ولا تزال الحياة الجنسية للإناث من المحرمات، ولكن ليس لأن الناس متفاجئون من أن النساء لديهن رغبة أيضاً، ففي الوقت الحالي تكافح الفتيات والفتيان في سن المراهقة للتعرف على حياتهم الجنسية المكتشفة حديثًا تحت حدود القوالب النمطية القديمة التي تخبرهم بما يحق لهم وما لا يحق، إضافة إلى ذلك تقدّم المواد الإباحية صورة غير واقعية وغير جذابة لما يفترض أن يحدث في العلاقة الحميمية.

هنا حيث تكون المحادثات المثمرة والمفيدة حول الجنس في الحياة الأسرية والمدارس مهمة، ولكنها غالبًا ما تفتقر إلى الجدّية، فعلى سبيل المثال تطلب ١٣ ولاية أمريكية فقط أن تكون المناهج الدراسية المتعلقة بمناقشة الجنس في المدارس دقيقة من الناحية الطبية.

هل لك أن تتخيل ما ينبثق للمراهق أثناء استخدامه للهاتف وهو جاهز “للإجابة” عن كل فضولهم حول الجنس عندما تكون الموارد الواقعية غير كافية؟! لسوء الحظ يمكننا تخيل ذلك، وهو مفيد مثل مشاهدة عروض الدراما الطبية لتصبح طبيبًا.

انضم إلينا ونحن نحاول أن نفهم كيف تفكر الفتيات والفتيان المراهقون حول تجاربهم الجنسية والمحادثات حول الجنس (أو عدمه) التي تشكل تلك الاتجاهات والجزء السلبي الذي تلعبه الإباحية.

الصورة النمطية: "الفتيات يحببن العِناق فقط"

تريد الفتيات فقط الحب والعناق أو هكذا تذهب الصورة النمطية التي يفكر بها المجتمع.

قد تبدو فكرة غير ضارة، لكنها تديم وبشكل مهذب، فكرة أن النساء لا يستمتعن بالجنس أو الأسوأ من ذلك، أن الجنس لا يتعلق بهن أو لمتعتهن أيضًا.

أمضت الكاتبة بيغي أورنشتاين ثلاث سنوات وهي تتحدث إلى الفتيات من سن ١٥ إلى ٢٠ سنة حول مواقفهن وخبراتهن في ممارسة العلاقة الحميمية، وكشفت في محادثة TED Talk المتفتحة أن الفتيات لا يشعرن بحقهن بالاستمتاع باللقاءات الجنسية، وحتى الفتيات اللواتي شعرن بالتمكين من قبل النساء القويات من حولهن لم يدركن نفس الموقف في التحدث عن رغباتهن واحتياجاتهن التي تنطبق أيضًا على العلاقات الجنسية، بدلاً من ذلك تتعلم الفتيات قمع مشاعرهن لتجنب الصراع في العلاقة الحميمية، وفي مقال يناقش بحثها كتبت بيغي:

"كان الاهتمام بالرضا -على عكس المتعة- منتشرًا بين الفتيات اللاتي التقيتهن خاصةً بين طالبات المدارس الثانوية اللواتي بدأن للتو تجربة جنسية، غالبًا ما كنَّ يشعرن -على سبيل المثال- أنهن بمجرد أن يقلن: نعم لممارسة الجنس مع شريك لا يمكنهن أبدًا الرفض مرة أخرى سواء كانوا في حالة مزاجية جيدة أم لا."

أظهرت الأبحاث أن الفتيات المراهقات لديهن معيار منخفض جدًا للقاءاتهن الجنسية، وهن أكثر عرضة من الشباب لاستخدام متعة شريكهن كمقياس لرضاهم. وبعبارة أخرى، إذا كان شريكهن راضيًا يستنتج من ذلك أنهن كذلك أيضًا!

فلقد أخبرتني الفتيات أيضًا عن الألم الذي يشعرن به أثناء اللقاءات الجنسية والذي يمثل نسبة ٣٠ ٪ من الوقت، واستخدمن كلمات مثل الاكتئاب، والإذلال، والمهانة لوصف تلك التجربة، في حين أنه لم يستخدم الصبيان المراهقون مثل هذه اللغة قط.

أنهت بيغي حديثها بــقولها: "إن تجربة العلاقة الحميمية في وقت مبكر للفتاة لا يجب أن يكون بالكيفية التي حدثت لها مطلقاً".

إبان ذلك، ترسم الإباحية هذه الصورة المجنونة لفنانات مخفيةً عيوبهن ومشتركات في أعمال جنسية مبالغ فيها وغالبًا ما تكون متطرفة، وطوال الوقت يتصرفن وكأنهن مشاركات في أكثر اللقاءات المذهلة، وذلك ليس مصدرًا مفيدًا للغاية لذلك الوقت المليء بالتعقيدات بصورة فعلية، فضلا من أن تكون مراهقًا وتكتشف نفسك، أليس كذلك؟!

الصورة النمطية: "الأولاد يريدون شيئًا واحدًا فقط"

يعاني الأولاد المراهقون أيضًا من الصورة النمطية الراسخة بأن جميع الرجال يريدون نفس الشيء، وغالبًا ذلك الذي يفترضه المجتمع الأمريكي -خاصةً- بأن الأولاد مخلوقات لا يمكن السيطرة عليها وعبيد لهرموناتهم ورغبتهم الجنسية.

ولكن عندما يتحدث الباحثون إلى المراهقين الأمريكيين حول ما يريدون فإنهم يتوقون إلى الحميمية بالنظر إلى الاختيار بين الجنس والعلاقة، أو الجنس ولا علاقة، فإنهم يفضلون الخيار الأول، ووفقًا لبعض البيانات فإن الأولاد مستهلكون عاطفيًا بالمثل للفتيات في العلاقات الرومانسية.

المشكلة هي أن الأولاد يشعرون أنهم في خطر عند إظهار هذه الرغبة، حيث قابلت إيمي شاليت– الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع بجامعة ماساتشوستس في أمهيرست- الفتيان الأمريكيين وذلك لتوضيح فهم أفضل عن كيفية عدم دعم الثقافة لاحتياجاتهم للعلاقة الحميمة، فلقد كتبت:

"لاحظت تضاربًا بين رغباتهم وقواعد الذكورة السائدة – فإنهم إذا اعترفوا بتقدير الحب الرومانسي، فإنهم يخاطرون بأن يُنظر إليهم على أنهم غير ذكور".

إذا افترضنا أن هرمونات الفتيان ودوافعهم الجنسية لا يمكن السيطرة عليهما، فإن ذلك قد يضر تمامًا برغباته والتي قد تكون مختلفة، وقدرته على تعلم اتخاذ الخيارات وأن يكون مسئولًا عن أفعاله.

الإباحية ليست الحل:

لقد وصلنا إلى مرحلة حيث يعاني المراهقون والجيل القادم من أفكار مختلفة عن الجنس والعلاقات، واستنادًا إلى المكان الذي يعيشون فيه، فإننا نأمل أن يساعد آباؤهم أو المحادثات التي تركز على التعليم حول الجنس في المدرسة على إزالة الكثير من الارتباك، لكن يبدو أنه لا يوجد نظام لملء الفجوات بما يكفي لمنع جيلنا من التحول إلى الإباحية للحصول على إجابات.

الإباحية على الإنترنت سهلة للغاية ويمكن الوصول إليها بلمح البصر أو أقرب من ذلك، وأصبحت شيئاً افتراضياً سواء كان بدافع الفضول الطبيعي لمعرفة المزيد عن الجنس أو عن طريق الرغبة في البحث عن المفاجئات.

لكن الإباحية لها هدف واحد فقط وهي: "إبعاد الرجال بقوة وبسرعة لجنى الأرباح، وهذا يعني إثارة انحلال المرأة، فحتى إذا كان ما يشاهده الأطفال شيء ساذجٌ تمامًا، فهم لا يزالون يتعلمون أن حياة المرأة الجنسية موجودة لصالح الرجال".

بالنسبة للأولاد، تبدو هذه الطريقة التي يقيسون بها وضعهم الاجتماعي وحتى تقديرهم لذاتهم من خلال قدرتهم على "إحراز تقدم" مع النساء "المثيرات".

بالإضافة إلى ذلك، عندما يبدأ الفتيان بمشاهدة الأفلام الإباحية في سن مبكرة، تصبح حياتهم الجنسية مرتبطة بالإباحية بدلاً من استكشاف رغباتهم الخاصة، كما يمكن أن يفقدوا خيالهم الفريد عندما يُثارون أو يحاولون محاكاة ما يرونه في مقاطع الفيديو.

يبدو أن الفتيات قد سجلن نفس الرسالة المهينة، فلقد أفدن بأنهن يشعرن بالضغط ليكُنّ "نجمات إباحية"، وللقيام بأشياء قد لا يحببنها أو قد لا يستمتعن بها، لأنهن يعتقدن أن الجنس يتعلق أكثر بكيف يظهرن للشخص الآخر بدلاً من رغباتهم الخاصة.

ربما لأن الفتيات لا يشعرن بالحق بالاستمتاع بالجنس، والفتيان لا يشعُرون بالحق في الاستمتاع بالعلاقة، المراهقون يتطلعون إلى الإباحية.

لكن الإباحية لا تقدم أي حل، إنها فقط بضع ساعات من الخيال، ونحن نؤمن بأنهم يستحقون أفضل بكثير مما تقدمه الإباحية.

"لا تعط الحق للإباحية بأن تحدد ماهية الجمال".

  • اسم الكاتب: David Kennedy
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: عمرو منصور
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 1 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 150

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك