أسرار الإباحية المأساوية

صناعة المواد الإباحية، تحتاج إلى فعل شيء، وكأنك ستسقط من الهاوية، شيء يصدم الجمهور. الشيء المؤكد هو أن صناعة المواد الإباحية كلها غير أخلاقية
A+ A-

بالنسبة لمشاهدي الإباحية، يمكن أن تظهر المواد الإباحية لهم، في شكل عالم من الخيال، والمتعة، والاثارة الوهمية. أما بالنسبة لأولئك الذين يشاركون في صنع المواد الإباحية، فهي ليست كذلك، فهم غارقون مع تجاربهم في المخدرات، والأمراض والعبودية، وصناعة الاتجار بالبشر، وممارسات الاعتداء.

تعترف إحدى العاملات في صناعة الإباحية، فتقول: "صناعة المواد الإباحية، تحتاج إلى فعل  شيء، وكأنك ستسقط من الهاوية، شيء يصدم الجمهور. الشيء المؤكد هو أن صناعة المواد الإباحية كلها غير أخلاقية. في أثناء التصوير نتعرض للركل والضرب، ونبكي نحن ومن معنا، وفي حالتي لم أتمكن من التنفس، حيث كنت أتعرض للضرب وأختنق، وبالنسبة لهم لم يتوقفوا وظلوا مستمرين بالتصوير، واستمروا غير عابئين بنا”.

إن صناعة المواد الإباحية، تعمل جاهدة في سبيل الحفاظ على صورة وهمية، ولكن براقة. وراء الكاميرا يوجد الواقع، وهو العنف، والمخدرات ، والاتجار بالبشر.

قد يعتقد الواهي الغارق في هذا العالم، أن ممثلي الإباحية، يستمتعون بما يفعلونه أمام الشاشات، لكن الحقيقة أنهم تحت التهديد المستمر، ويتم سبهم بأبشع الألفاظ من قبل المنتجين، وذلك لإجبارهم على فعل أشياء، لا يقبل إنسان القيام بها أو تصورها.

تقول أحد المتعرضات لهذه التجربة السيئة: "إنه يُنظر إليك على أنك  مجرد جماد، مجرد شيء، وليس كإنسان لك روح. ممثلو الإباحية يتناولون المخدرات، لأنهم  لا يستطيعون التعامل مع الطريقة التي يتم معاملتهم بها. خمسة وسبعون في المئة،  وما يزيد عن ذلك، يتناولون  المخدرات لتخدير أنفسهم. هناك أطباء متخصصون في هذه الصناعة لتخديرك أكثر، حتى إنك إذا أصبت بنزلات البرد مثلا، فإنهم يقومون بإعطائك أي شيء تريده، لأن كل ما يهمهم هو المال. أنت بالنسبة لهم رقم. ربما يكون جسمك مليئا بالكدمات، وعيونك سوداء ممزقة، كل هذا لا يعنيهم".

جزء من كذب مننتجي الإباحية، ليزيدوا من مبيعاتهم، هو خداعهم المتمثل في إظهار أن الإباحية ترفيه مباح، يقوم به ناس جذابة بإرادتهم. قد يرغب المشاهد المغيَّب أن يصدق هذا، لأنه يريد أن يوهم نفسه أن الممثلين، يستمتعون بما يفعلونه. ما لا يقولونه، هو أن بعض هؤلاء الناس في الحقيقة، لديهم وراء الكواليس مسدسات مصوبة تجاه رؤوسهم، وأنهم إذا توقفوا عن الابتسام، فسوف تنفجر رؤؤسهم".

إنهم مجرد سلعة للمنتج، يجب أن تستغل بأسوأ شكل.

بطبيعة الحال، فإن الإتجار بالبشر، عمل تحت الأرض، مما يجعل الحصول على إحصاءات ثابتة صعب. لكن الحقائق بالنسبة إلى  الحالات التي تظهر  للضوء  تقشعر لها الأبدان.

فعلى سبيل المثال، في عام 2011، تم العثور على رجلين في ميامي أمضوا خمس سنوات يستدرجون النساء إلى فخ الإتجار بالبشر، و بعد استدراجهن يقومون بتخديرهن بالمخدرات، واختطافهن والاعتداء عليهن، مع تصوير ذلك، ثم بيعه لمروجي المواد الإباحية في جميع أنحاء البلاد.

في ذلك العام نفسه تم اتهام زوجين في ولاية ميسوري بإجبار فتاة معاقة ذهنيا، بالضرب، والجلد، والخنق، والكهرباء، والغرق، والتشويه، للموافقة على تصوير المشاهد الإباحية.

هذه الحالات هي مجرد غيض من فيض. هناك الكثير من تلك القصص موجودة في الواقع، ربما بعض الضحايا تكتشف أمورهم، والبعض الآخر لا يحصى عدده يعاني في صمت. كما لا يزال البعض الآخر ضحية لإجبارهم على ممارسة الزنا مقابل المال.

نظرًا إلى أن أن المواد الإباحية، تجعل هذا الاستغلال غير الأخلاقي للآخرين يبدو طبيعيًا، فإنه ليس من المستغرب وجود علاقة قوية، بين استخدام المواد الإباحية، والميل إلى ممارسة الزنا كمرحلة لاحقة. فالرجال الذي يفعلون ذلك، من المرجح أنهم  قد شاهدوا  أفلاما إباحية مهدت لهذه الجريمة، وبالطبع فهم قد اتبعوا خطوات الشيطان الرجيم، نعوذ بالله، منه أدت بهم إلى ذلك، وكانت الإباحية هي المدخل. ومع هذه الخطوات، لا يبالي أحدهم إذا كانت من يمارس معها مستعبدة، ومتاجرا بها، لأنه يتوهم أنها تفعل ذلك برضاها، بل وقد يتوهم سعادتها، وهو في ضلاله، بسبب تأثره بالوهم، الذي شاهده من قبل.

إن بعض الدراسات، أظهرت أن حوالي نصف من يعملن في تمثيل هذه المشاهد السيئة، هن نساء متاجر بهن، ومستعبدات ومجبرات.

في النهاية، الإباحية تؤدي إلى الزنا، وتعد الشرارة الأولى له. كما قرأت كم أن هذا شيئ مقزز، ومفزع ومخيف حينما تعرف تلك الحقائق، التي في غالب الاحتمالات، كانت غائبة عنك. مجرد قطعان من الذئاب، في صورة بشر، يفعلون كل شيئ قبيح، مستغلين غرقك أنت، في بحر الشهوة المحرمة، ومستغلين ضعفك، وهزيمتك، ليفسدوا في الأرض، ويدمروا البشر، ويغوونهم. وأنت رغم كل هذا في سكرة، تريد أن تتجرع المزيد و تبقى سكرانا لا تفيق، ولا تنتبه، كمريض هزيل مغيب.

يقول جل وعلا: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا"  (النساء – الآية 27).

أصرخ فيكم كفى كفى ، اقطع صلتك بهم، وبماضيك الكئيب. انفض عن نفسك ذلك الغبار، وطهر نفسك من الوحل.

أفرغ على رأسك كأسا من ماء الايمان الصافي، واشرب مثله من ماء التقوى. ارجع لربك، استعن به كي يخلصك من عبوديتهم، فهم كما يتاجرون بالبشر، لينتجوا الإباحية، فأنت أيضا في الواقع يتاجرون بك ليدمروك بها. اهرب منهم ومن سبيلهم، استجمع قواك، وهذا هو الله خالقك، القوي، العزيز، الرحيم التواب، يحب أن يراك تائبا، يفرح برجوعك إليه. لا تتردد. قم و تطهر، و قف بين يديه متذللا باكيا، نادما، متوسلا ان يخلصك من الذنوب، وأن يتوب عليك، وأن يوفقك لأن تتخلص من تلك الأغلال.

(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) آل عمران – الآية 147.

  • اسم الكاتب: د. محمد عبد الجواد
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 1 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 7K
  • عدد المهتمين: 167
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك