هل حقاً تقلل الإباحية معدلات الاعتداء الجنسي؟

تظهر الأرقام في هذا الاستطلاع، ارتفاعا مثيرا للقلق، في معدلات العنف الجنسي، في هذا البلد، وينبغي أن يكون ذلك، بمثابة دعوة للاستيقاظ، والقيام بالمزيد، لمعالجة المشكلة في الولايات المتحدة
A+ A-

لقد صعقنا، وصدمنا في الأشهر الأخيرة، من التقارير التي تحدثت عن الاعتداءات، والمضايقات الجنسية، التي تحدث في مجتمعنا. وتعجبنا شجاعة الضحايا، الذين عرضوا قصصهم عن الاعتداء، الذي لا يغتفر.

نتذكر أيضاً إلى أي مدى، يجب علينا كمجتمع، أن نتبنى المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة، وأن نخلص أنفسنا، من أنماط الاعتداء الجنسي، السائدة للغاية في ثقافتنا.

في الوقت الذي بدأنا فيه، مناقشة عالمية أكثر صراحة، عن الحقيقة القاسية، للاعتداء الجنسي. رأينا العناوين الرئيسة، التي تشير إلى أن الإباحية، قد تساعد حقا، في تقليل الاعتداء الجنسي في مجتمعاتنا.

هذه العناوين الغريبة لافتة للانتباه: "دليل يتصاعد: كثير من الإباحية، قليل من الاعتداء الجنسي"

وهناك من يزعم أن الإباحية لا تحرض علي الاغتصاب بقوله "الأفراد قد لا يحبون الإباحية، لكن مجتمعنا يحبها ويستفيد منها!!!".

هل يبدو هذا الكلام مألوفا؟ حسناً، المشكلة هي أن المقالات أسفل هذه العناوين، تشير إلى عدد قليل من الدراسات، من مختلف أنحاء العالم، وجميعها تدعي!!! أن معدلات العنف الجنسي، تنخفض إذا أصبحت الإباحية، أيسر منالا في مجتمعنا.

إذن، هل كل ذلك صحيح؟ هل حقا تستطيع الإباحية، أن تقلل من الاعتداء الجنسي؟

تفيد هذه الحجة أن الدليل، يظهر الإباحية كصمام الأمان!!! للطاقة المعتدية. فالنظرية هي: أنه بدلا من مهاجمة شخص، بإمكان الأشخاص الذين قد يركبون جرائم جنسية، التعبير عن رغبتهم العنيفة، عن طريق الكميات غير المحدودة من الإباحية علي الإنترنت!!!.

لكن ها هي الحقيقة: لا ينبغي اختصار المسائل العلمية، المحيطة بالعنف الجنسي، تجاه الأطفال، والنساء، والرجال الأبرياء، إلى نتائج ساذجة. هل نتجاهل التعقيدات الهائلة، التي ينطوي عليها الأمر، بينما تقود الناس إلي نتائج أولية. وتفشل ببساطة بعض المناقشات العامة، التي تدور حول الإباحية والعنف الجنسي، في رؤية الصورة كاملة.

وعلي وجه الخصوص، يفشل عادة هؤلاء، الذين يستشهدون بهذا النوع من الدراسات، التي تدعي أن "الإباحية تقلل نسب الاغتصاب" في ذكر مجموعة أخرى، من القضايا ذات الأهمية الحاسمة، بالنسبة لمحادثة مستنيرة تماما!!! هناك ثلاث نقاط تستغرق وقتا،  نلخصها هنا:

النقطة الأولى: أظهرت العديد من الدراسات أن هناك علاقة بين الإباحية وزيادة العنف الجنسي.

مؤخرا قام الدكتور "جون فوبيرت"، أستاذ جامعي موهوب، في جامعة ولاية أوكلاهوما، وخبير بارز، في شؤون العنف الجنسي. بنشر مقال يوضح كيف ترتبط الإباحية بالعنف الجنسي.

قال: "درست مدة ٢٥ عاما  كيف نضع حدا للعنف الجنسي، قبل ١٠ سنوات  أدركت أن المكون السري في وصفة الاغتصاب، لم يكن سرا على الإطلاق، رغم أنه نادراً ما تم التعرف عليه. وهذا المكون، المسؤول عن إعطاء الشباب قناعات، أن لديهم الإذن الممنوح الذي يجعل الاغتصاب مقبولاً.

والمسؤول عن إخبار الفتيات بأنه ينبغي عليهن حب الاغتصاب، هو إباحية الإنترنت، عالية السرعة اليوم. الإباحية نفسها، وصفة للاغتصاب، قد أعادت كتابة السيناريو، للسلوك الجنسي، لجيل الألفية، وتقوم في الوقت الحالي بإعادة تشكيل عقولهم لتتبعها."

استطرد الدكتور "فوبيرت" قائلا: أن المشكلة الكبيرة تكمن في أن الإباحية اليوم ليست مثل مجلة "بلاي بوي" الإباحية للأجيال السابقة.

نقلا عن عشرات الدراسات أشار الدكتور، إلى أن البحث الذي أجري، حول الأفلام الإباحية الشهيرة، أوضح أن ٨٨٪ من مشاهدها، تحتوي على اعتداء لفظي، أو جسدي، غالباً تجاه المرأة.

وفي تحول مثير للقلق، وجد البحث أيضاً، أنه في ٩٥ ٪ من المشاهد التي يستخدم فيها الرجل العنف، والإهانة، ضد المرأة، تظهر المرأة، أنها تحب هذا العنف، أو ليس لديها اعتراض عليه. ويشرح الدكتور فوبيرت قائلا: "فكر كيف يمكن لصبي أو فتاة في الحادية عشرة تفسير ما يراه!؟

الإباحية تعلم الأولاد، ضرب الفتيات، وتظهر للفتاة، أنها ينبغي أن تحب ذلك. ذلك النوع من العنف السائد الآن، في المواد الإباحية، كاف لهز كل ضمير حي، صاحبه غير مثار.

ما يقرب من نصف المقاطع الإباحية، المتوافرة على الإنترنت اليوم، تنتهي برجال، غالباً عديد من الرجال يقذفون على وجه امرأة. وحوالي النصف من المواد الإباحية، اليوم تتضمن رجلا يدخل قضيبه، في مستقيم المرأة، ثم يدخله في فمها دون غسله، أو استخدام الواقي الذكري. الآن ممارسة الجنس الفموي العنيف، إلى درجة تجعل المرأة تتقيأ، أصبح سائدا.

ورغم أن معظم ما يبحث عنه الأولاد،  قد يعتبر محظورا، إلا أن نصفهم قد شاهدوا الإباحية الفاضحة، قبل وصولهم سن المراهقة. فهل هذه المشاهدة تؤثر على السلوك؟ الأدلة العلمية تقدم إجابة مقنعة هي: نعم.

يدعم باحثون آخرون هذه الاستنتاجات. ليست كل الدراسات، ولا حتى دراسات الارتباط، تؤكد نظرية "إباحية أكثر، عنف أقل". قد أظهرت دراسات أخرى، تتبع منهجية مماثلة، نقيض ما استشهدت به كثيراً، من دراسات عديدة. وعلى سبيل المثال، وثقت دراسة أجريت عام ٢٠١٥ وجود ارتباط قوي، بين زيادة توافر الإنترنت في الهند، وزيادة معدلات الجرائم الجنسية، ضد الأطفال. خاصة اغتصاب الفتيات القاصرات. وأثناء مناقشتهم لنتائج الدراسة، ذكر المؤلفون:

"ارتفعت معدلات الجرائم الجنسية، ضد الأطفال في الهند بشكل ملحوظ، على مدى العقد الماضي. وتشير نتائجنا إلى أن هذه الزيادة، مرتبطة بشكل كبير، بزيادة إمكانية الوصول إلي الإنترنت.

علاوة على ذلك، أظهرت معدلات هذه الجرائم، وتوافر الإنترنت، اتجاها تصاعديا كبيراً، بالنسبة للجرائم الجنسية تقريباً، في نفس العام – ٢٠٠٥ وبالنسبة للدخول إلى الإنترنت في عام ٢٠٠٦.

وتشير هذه النتائج، إلى أن هناك ارتباطا زمنيا، وعلاقة  طردية، بين المقياس التقريبي، لمدى إمكانية الحصول على المواد الإباحية – بما في ذلك إباحية الأطفال – وبين نوعين محددين، من الجرائم الجنسية، ضد الأطفال. ونظرا لأن هذا الارتباط دائماً، يرتبط بجرائم اغتصاب الأطفال، وشراء الفتيات القاصرات، فمن غير الراجح أن يكون ذلك من قبيل الصدفة.

"هذه الدراسة ليست غريبة أو شاذة. وجدت مراجعة حديثة، أن ٥٠ دراسة كاملة، تم استعراضها من قبل النظراء، تربط بشكل مباشر، استخدام الإباحية بالعنف الجنسي، علي وجه التحديد.

استنتج الباحثون، أن المراجعة الشاملة للمؤلفات تدعم "وجود ارتباطات موثقة، بين استخدام الإباحية المتكرر، والسلوكيات العدوانية الجنسية خاصة بالنسبة للإباحية العنيفة و/أو للرجال المعرضين لخطر كبير يتعلق بالاعتداء الجنسي"

بعيدا عن الحد من العنف الجنسي، فإن استخدام الإباحية في الحقيقة، يغذي ثقافة أن النساء مجرد أدوات للجنس، ويتقبلن الاغتصاب، كما اتضح من خلال ربط زيادة احتمالية، استخدام الإكراه، للحصول على الجنس، من قبل العديد من مستهلكي المواد الإباحية، واشتراكهم في سلوكيات التحرش الجنسي.

النقطة الثانية: "دراسات مختلفة تستخدم أساليب مختلفة – وهذه الأساليب معقدة".

لا يزال السؤال مطروحا: لماذا تظهر بعض دراسات الارتباط، أن العنف يزداد كلما زادت، إمكانية الحصول على المواد الإباحية. بينما تظهر دراسات أخرى أن العنف يقل؟ قد تبدو البساطة على دراسات الارتباط في بعض الأحيان، ولكن اتضح أن هناك تعقيدا هائلا خفيا! خاصة فيما يتعلق بالديناميات والجوانب المعقدة، التي لا يمكن قياسها أبدا.

مع ذلك، في معظم الحالات، تقتصر دراسة الارتباط، على قياس عدد قليل من المتغيرات – عادة مع أسئلة مفردة، بدلاً من جداول أسئلة متعددة. في كل حالة، يتحتم على الباحث، قياس متغير من المتغيرات، بطريقة معينة، بينما يترك العديد من الاحتمالات المختلفة.

النقطة الثالثة: لا يزال الإبلاغ عن العنف الجنسي، مستمرا وملحوظا.

كما أوضحنا في وقت سابق، فإن الأرقام المتعلقة، بانتشار الاعتداء الجنسي، تعتمد بشكل كبير علي نهج القياس. وكما هو واضح وبديهي، نحن نقيس فقط ما نقوم بقياسه!!!

تم الإبلاغ عن ٨٥.٥٩٣ حالة فقط في عام ٢٠١٠ في مكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي يجمع بياناته من الشرطة المحلية، لإنفاذ القانون، (وبالتالي يحصي فقط حالات الاغتصاب، ومحاولات الاغتصاب، التي تم الإبلاغ عنها كجرائم).

وكانت القياسات الأخرى أعلى كثيرا، وقد ارتفعت على مر السنين كلما تحسنت المقاييس، فعلى سبيل المثال، بعد التحول من المداخلات الهاتفية، بمساعدة الحاسوب إلى المقابلات، التي أجراها ممثلون ميدانيون.

أظهر المسح الاستقصائي الوطني، لضحايا الجريمة، زيادة بنسبة ٢٥٪ في حالات الاغتصاب، والاعتداء الجنسي، التي تم الإبلاغ عنها (حيث ارتفعت من ١٩٠.٦٠٠ حالة اغتصاب واعتداء جنسي في عام ٢٠٠٥ إلي ٢٤٨.٣٠٠ في عام ٢٠٠٧)

صرح كريستوفر كريبس، الباحث فيما يتعلق بالعنف الجنسي، قائلا "ربما أغفل المسح الاستقصائي الوطني لضحايا الجريمة، الكثير" خاصة الحالات، التي لم تستطع فيها المرأة، الدفاع عن نفسها، بسبب المخدرات، أو الكحول. وكما ذكرت الصحفية "إيميلي بازيلون":

أن "البيانات المحلية، عن الاغتصاب، التي تم الاستشهاد بها، مرارا وتكرارا، لم تطرح سؤالا واحدا، عما إذا كانت الضحية، ليست موافقة بسبب المخدرات، أو الكحول، رغم أن ذلك، عامل خطر كبير".

بين أمور أخرى، تشير هذه الأرقام الجديدة، إلي أن تقديرات الحكومة السابقة، على الأرجح، قللت بشكل كبير، من معدلات العنف الجنسي، في البلاد، مع تعداد أكثر دقة لتوثيق المزيد، وليس القليل، من حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي.

حتى باستخدام أساليب دراسة أكثر تقدما، تراعي الموافقة تحت تأثير المخدرات، فإن أخر مسح وطني، بشأن الشريك الحميم، والعنف الجنسي (٢٠١٠) المرتبط بمراكز السيطرة على الأمراض بلغ ١.٢٧ مليون فعل جنسي، لانتهاك المرأة قسرا، علي مدار العام الماضي (بما في ذلك الجريمة المكتملة، والجريمة المشروع فيها فقط، والجريمة الميسر ارتكابها بتأثير المخدرات أو الكحول).

خلاصة القول: كلما اختلفت الكيفية، التي نقيس بها حالات الاغتصاب، والاعتداء الجنسي، كلما كانت النتائج مختلفة اختلافا هائلا، حيث اختلفت من ٨٥.٥٩٣ حالة اغتصاب أو محاولة اغتصاب (طبقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي ٢٠١٠) عن ٢٤٨.٣٠٠ حالة اغتصاب واعتداء جنسي (طبقا للمسح الاستقصائي الوطني لضحايا الجريمة ٢٠٠٧) وعن ١.٢٧ مليون محاولة اغتصاب أو حالة اغتصاب كاملة أو اعتداء جنسي (طبقا للمسح الوطني بشأن الشريك الحميم والعنف الجنسي ٢٠١٠)

رغم كل هذه الاختلافات، فهناك الكثير، من أنواع محددة من البيانات، يشار إليها، بأنها الأنسب لمواضع معينة. وكما ذكر من قبل "إنه لمصدر حقيقي للقلق، أن يكون هناك، مثل هذا التباين الهائل، بين الاستقصاء الوطني (ذي البيانات الأعلى جودة) والاستقصاءات الأخرى، التي لا تملك مثل هذه البيانات، ومع ذلك يتم الاستشهاد بها كثيراً. "يصدق هذا الأمر أكثر، في أجزاء أخرى من العالم، حيث يندر الإبلاغ، عن الاغتصاب، بسبب وصمة العار الاجتماعية الشديدة، التي تلقى على من تعرضن للاغتصاب، أو بسبب الخوف، من أن يتم التبرؤ منهن، من قبل أسرهن، أو بسبب الخوف، من أن يتعرضن للعنف، تحت مسمى جرائم الشرف. وعلاوة على ذلك، ففي البلدان التي تعتبر فيها ممارسة الجنس، قبل الزواج والزنا، ضد القانون. قد تواجه ضحايا الاغتصاب، ملاحقة قضائية، بموجب هذه القوانين، إذا لم يكن هناك دليل كاف، لإثبات تعرضهن للاغتصاب في المحاكم.

رغم إمكانية القياس، إلا أن هذه الأرقام، تعكس مشكلة كبيرة، كما أوجز أحد الباحثين قائلا:

"تظهر الأرقام في هذا الاستطلاع، ارتفاعا مثيرا للقلق، في معدلات العنف الجنسي، في هذا البلد، وينبغي أن يكون ذلك، بمثابة دعوة للاستيقاظ، والقيام بالمزيد، لمعالجة المشكلة في الولايات المتحدة".

  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: أ. سارة حمدي
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 6 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 882
  • عدد المهتمين: 159

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك