الإباحية تقتل الحب، سؤال وجواب: المخرج والممثل جوش رادنور يجيب عن سبب معارضته للإباحية

غمرت الإباحية تفكيري ووهنت مخيلتي وأضعفتها، هناك ألف سبب وجيه لركل الإباحية خارجا من حياتنا، لكن تلك كانت الأسباب الخاصة بي، ومن تجربتي الشخصية
A+ A-

هنا في: “حاربوا المخدر الجديد” (Fight the New Drug)، نحن محظوظون لوجود حركة عالمية من المؤيدين الذين يدركون أهمية هذه القضية المهمة، والملتزمون بالمساعدة في نشر الحقائق عن أضرار المواد الإباحية. هؤلاء الأشخاص مطّلعون ومثقفون بشكل كبير حول هذه القضية، وهم متحمسون لاتخاذ موقف في مجتمعنا حيث أصبحت الإباحية سائدة للغاية. من بين العالمين بالآثار الضارة للمواد الإباحية، نحن متحمسون دائمًا للقاء المشاهير الذين لا يخشون استخدام منصتهم لتسليط الضوء على هذه المحادثة المهمة، لقد رأينا تيري كروس[1]يشارك معاناته الماضية مع الصور الإباحية مع ملايين الأشخاص أثناء تثقيفهم حول أضرارها، كما رأينا أيضًا ممثلين أو صناع أفلام مثل راسل براند وجوزيف جوردون ليفيت  [2] يعالجون قضايا صعبة مثل صناعة الإباحية للبالغين، وكيف تشوه الإباحية المفاهيم المتعلقة بالجنس والعلاقات. لدينا الآن نجم موهوب آخر يتحدث عن أضرار المواد الإباحية. آخر اتصال لدينا هو جوش رادنور ، كاتب ومخرج فيلم الفنون الليبرالية (فلم كوميدي من إخراجه تم عرضه سنة 2010).

التقت حركة  Fight the New Drug مع جوش أثناء تصويره للموسم الثاني من مسلسله التليفزيوني الأخير (شارع الرحمة) الذي جرى تصويره في ريتشموند، فرجينيا. سألناه عدّة أسئلة حول أفكاره ومشاعره عن تأثيرات المواد الإباحية على الأفراد والعلاقات والمجتمع ككل، فكانت إجابته كالتالي:

السؤال: لماذا تقف ضد الإباحية؟ لقد أخبرتنا في رسالتك الأولى بالإيميل بأنك تعتقد أن الإباحية: “كارثة ملحمية جسديًا ونفسيًا وروحيًا”، أخبرنا بالتفاصيل حول كيفية وصولك إلى هذا الإدراك والاعتقاد.

جوش: أنا لست مدمنًا على الإباحية، رغم أنني أعتقد أن الإدمان حقيقي وممكن، أنا لم أنشأ في أي بيئة قمعية أو متدينة، ولم أشعر أبداً أنني كنت بحاجة إلى التوبة الأبدية أو أي شيء من ذلك. لقد بدأت للتو في ملاحظة كيف أنني عندما شاهدت الإباحية تأثرت جودة حياتي وحالتي المزاجية حقًا. استنفذت الإباحية طاقتي وتركيزي وقادني ذلك إلى الإفراط في النظر إلى النساء في العالم الحقيقي بشكل جنسي مطلق مماثل لغاياتي، غمرت الإباحية تفكيري ووهنت مخيلتي وأضعفتها، هناك ألف سبب وجيه لركل الإباحية خارجا من حياتنا، لكن تلك كانت الأسباب الخاصة بي، ومن تجربتي الشخصية لم يسبق لي أن واجهت صراعا فظيعا مع الإباحية، ولكنها كانت فقط علاقة غير مريحة ومتضاربة بشكل معقّد، لا توجد ولا حتى مرّة واحدة أغلقت فيها نافذة الموقع الإباحي وشعرت بعدها بأنني أمضيت وقتي بشكل جيد أو ممتع! لقد كان هناك دائما ذلك الشيء الذي ينغّص عليَّ حياتي بعدها، شعرت أن هناك ذلك الشخص الآخر، الأفضل الذي يتوق إلى الخروج والتعبير عن نفسه ولكن بسبب الإباحية وتأثيرها في حياتي، لم يتمكن هذا الشخص، ولا حتى بشكل بسيط من الحصول على تلك الفرصة

السؤال: تلك العبارة القديمة السارية في الإعلانات وفي هوليوود وأي شيء آخر والتي تسمى (بيع الجنس) أو (الجنس التجاري). كيف تعتقد أن وسائل الإعلام الحديثة قد تأثرت بما نسميه “ثقافة الإباحية” والعكس؟

جوش: حسنًا، لنقل أن الأمر يزداد صعوبة كما يبدو. فما نسميه “الإباحية السائدة” اليوم جعل الإباحية منذ عشرين عامًا تبدو غريبة نوعًا ما بالمقارنة مع تلك المتوفرة اليوم، فالكثير من المواد الإباحية تعامل المرأة بوحشية وتطبّع العنف ضد المرأة، هذا الموضوع غير قابل للدحض، يمكنك اليوم أن ترى تأثيرها في أخبار التلفزيون في أوقات الذروة عن الأعداد المتزايدة باستمرار من المتعريات والبغايا المقتولات، تستخدم الإعلانات اليوم العديد من المحفزات الإباحية، وتشعر الكثير من النساء وحتى الرجال بأن قيمتهم بأكملها تعتمد على الرغبة الجنسية. (أنا متأكد من أن ذلك لا يرجع بالكامل إلى الثقافة التي تسببها الإباحية ولكن الإباحية بالتأكيد لا تساعد في تحسين الأمر).

أعتقد أن أكبر مشكلة في النهاية هي أن الإباحية تفترس نقاط الضعف لدينا، وتؤثر على أصغر النقاط في أنفسنا، إن ذلك كله ما هو إلا امتداد لما أجده مرهقًا للغاية بشأن الحياة العصرية التي نعيشها، فنحن اليوم غير قادرين على التوقف عن تسويق كل الأشياء التي حولنا أبدًا، حتى تجدنا اليوم نستخدم مصطلحات مثل “إباحية الطعام .[3]هذا النوع المستمر من اختطاف حواسنا دون توقف، وهذه المحاولة القوية لإبقائنا في حالة الإثارة والتعطش الدائم للمزيد من كل شيء، تؤدي مجتمعة إلى إبقاء دوران عجلة الاقتصاد، ولكنها أيضًا تخلق معاناة كبيرة.

أعلم أنكم تحبون التركيز على العلم [4]وراء كل هذا، وهو ما أعتقده شيئا من الحكمة، لكن بالنسبة لي لا أستطيع أن أتجاهل حقيقة أن جميع التعاليم الروحية العظيمة (الأديان) تحذر من التعرض للخداع من قبل الحواس، فهي يمكن أن تخدرنا وتقودنا بعيدا عن حقيقة من نحن وحقيقة وجودنا، الإباحية تفعل هذا بالطريقة الأكثر براعة ودهاء عمّا يمكن تصوره.

السؤال: يمكننا القول: إن العديد من الأطفال يتلقون أفكارهم وتعليمهم عن الجنس من الإباحية وبعمر مبكر. ماذا تعتقد في رأيك بخصوص أن الإباحية تقوم بتعليم هذه الأجيال عن الجنس؟

جوش: ابن أخي الأكبر يبلغ من العمر عشرة أعوام، ولديه أخ آخر يبلغ من العمر سبعة أعوام، بالإضافة إلى ابنتي أخي، أعمارهم تسعة وثلاث سنوات، نسمع هذه الأيام أن الكثير من الأطفال يكتشفون المواد الإباحية في وقت لا تتجاوز أعمارهم ثمانية أو تسعة أعوام، وهذا أمر مزعج للغاي،. فبحلول العشرينات من عمرهم، يكونون قد قاموا بتنزيل عدد من الصور الإباحية التي لا حصر لها وثبتوها في عقولهم، لقد تعلموا مساواة الجنس تلقائيا بالإباحية، بالإضافة إلى جميع تلك الأمور المتعلقة بدوائر المكافآت في الدماغ، التي تؤدي إلى الاضطرار على مشاهدة المزيد من المقاطع العنيفة؛ ومن ثَمَّ إلى الأكثر عنفًا للحصول على الإشباع، مما يؤدي إلى انتهاء الرجال بتفضيل الإباحية على النساء الحقيقيات في الواقع …لا أعتقد أن الكثير من الناس يفهمون مدى هشاشة أنفسنا، وإلى أي حد يمكن أن يكون من المضرّ لصحتنا الجسدية والعاطفية أن نقوم بضخ نظامنا العصبي بجرعة مليئة بالمواد الإباحية المتطرفة، أنا من المعجبين بالتثقيف الأول، ولذا فإنني لن أقود أية جهود لحظر الإباحية، لأنني أعتقد أن الناس يجب أن يكونوا على دراية بالمخاطر؛ حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار جيد لأنفسهم. يجب أن أقول أيضًا: إنني أفهم سحر الإباحية (تعبير خاطئ، لكنك حصلت على وجهة نظري). أعرف ملذاتها، لكنها ملذات رخيصة ووحشية تتلاشى بسرعة، وتتركك في وضع أسوأ من ذي قبل. الإباحية تؤلم القلب في النهاية وتسبب الحيرة في العقل، الإباحية لا تعطيك شيئا بل على العكس كل ما تفعله هو أنها تأخذ منك كل شيء.

السؤال: حركة (محاربة المخدر الجديد) تختار أن تبقي الأخلاق والدين والآراء الشخصية خارج الموضوع، وتعتمد على العلم والأبحاث والحقائق… على هذا المبدأ ماذا تعتقد بخصوص كم العلوم والأبحاث التي أكدت على الضرر الكبير الناجم عن الإباحية؟

جوش: يجادل الناس بحجة أن المواد الإباحية كانت موجودة دائمًا كما لو أنها نوعٌ من التقاليد المتينة التي نالت الاحترام بسبب مرور الزمن الطويل عليها وثباتها، لكنها حجة لا أساس لها من الصحة، لم تكن الإباحية يومًا على ما هي عليه اليوم، فاليوم لدينا التوافر الفوري والتنوع والوحشية التي تمثلها، المواد الإباحية على الإنترنت هي هذه التجربة المجنونة التي أطلقت على النفس البشرية، يتم إرسال أجسادنا البشرية وأدمغتنا إلى الأفعوانية الكيميائية المجنونة التي لم يتم اختبارها بشكل كبير، كما هو الحال مع أي دواء، أعتقد أن هناك أشخاصًا لا تكون مجموعتهم عرضة للإدمان، ولكننا لا نتجاهل العديد من الأشخاص الآخرين الذين لا يحالفهم الحظ ويصابون بالإدمان، نظرًا لأن هذه المشكلة جديدة تمامًا وانفجرت بسرعة كبيرة، فقد بدأ البحث المتعلق بها بالظهور الآن، وهناك تقارير عن مراقبين لمدمني الإباحية بشكل مزمن، وجدت أن أجسادهم ترتبط بسموم الإباحية بشكل مشابه للأعراض الانسحابية الكلاسيكية للعقاقير كالـ الرعشات، التعرق، الأرق، الاكتئاب، عدم القدرة على التركيز، التفكير في الانتحار، إلخ.. هناك من يقول: إنه لا يوجد شيء مثل إدمان المواد الإباحية، وأن مشاهدة الإباحية غير ضارة. لا أعتقد أن التاريخ سيكون رحيما مع هؤلاء الناس. وهم يشبهون أطباء في الخمسينيات من العمر يظهرون في إعلانات تروج للسجائر.

السؤال: نودّ أن نختار أيضًا التركيز على الموقف الجنسي المؤيد للحب والمؤيد للصحة بالإضافة إلى مهمتنا المناهضة للإباحية. كيف تعتقد أن الإباحية تؤثر على الحب والجنس في العلاقات؟ ماذا يعني كونك مؤيدًا للحب ومناهضًا للإباحية بالنسبة لك؟

جوش: نحن جميعًا مشوشون حول الحب والعلاقات بدرجات متفاوتة، لكنني أدركت أنه عندما أكون مشاهدا عاديا للإباحية، سيؤدي هذا الامر حتما إلى تفاقم الأمور بالنسبة لي في هذا الصدد، أشعر أنني استغرقت وقتًا طويلاً -طويلاً جدا – لأتعلم أن الإشباع الجنسي ليس أعلى طموح أو إنجاز إنساني، وأن السعي الدؤوب لتحقيق هذا الهدف هو سعي أجوف ومحفز للاكتئاب، تثير الإباحية الأنانية والهيمنة والاضطهاد وكل الصفات الفظيعة وتلصقها بالعلاقة الطبيعية، إنها تجرد النساء من الشخصية والوجود والأبعاد الشخصية، وتختزلهن إلى أشياء أو أدوات موجودة لمجرد المتعة الجنسية للرجال، ويمكن إهمالها عند انتهائها؛ لأنه بعد كل شيء سيكون هناك دائمًا المزيد من النساء على بعد نقرة واحدة. أعتقد أن أي شخص يهتم بصحته العاطفية والنفسية والجسدية والروحية، ويريد أن يكون في علاقة صحية ومستدامة مع شخص آخر يجب أن يبذل قصارى جهده للقضاء على الإباحية من حياته.

السؤال: اختار عدد متزايد من المشاهير على مدار السنوات القليلة الماضية التحدث علنا ضد أضرار المواد الإباحية في مجتمعنا ([5] تيري كروز، راسل براند، جوزيف جوردون ليفيت)ما هو السبب وراء ذلك؟ وهل تعتبر هذا موضوعًا صعبًا ليتم الحديث عنه؟

جوش: إذا كنت تتابع تغريداتي على تويتر إلى حد ما، فستجد أنني لا أقوم بأي نوع من بث التظلم أو التشويش السياسي، أحاول غالبا أن أركز على إخبار الناس عن الأشياء التي تلهمني في عالمنا، هذا بالنسبة لي ما يبدو وكأنه الاستخدام الصحيح للشهرة، حيث يسلط الضوء على أشياء رائعة قد لا يعرفها الناس، من الصعب برأيّ معالجة هذه المشكلة بالذات؛ لأنه أولا: الإدمان صعب وغير مريح ويساء فهمه على نطاق واسع،  وثانيا: أنت بنفسك تكون من النوع الذي يحشر رقبته في هذه المشكلة، وهناك كثير من أنواع القوى (أكثر بكثير مما ندرك) والتي استثمرت بشكل كبير في دفع عجلة اللعبة الإباحية للاستمرار. وأولئك الذين يتحدثون ضد الإباحية يتم تمييزهم بشكل كبير على أنهم مهوسون بالدين أو المتهكمون أو المتشددون أو مناهضون للجنس. (لدى غيل داينس لفتة رائعة عن ذلك، أشارت إلى أن الأمر يشبه كونها معادية لماكدونالدز، ولكنها تتهم بأنها معادية للغذاء.)

لقد سئمت حقا من جملة: “الجميع يشاهد الإباحية[6]“. من الجنون التكرار وعدد المرات التي قيلت فيها هذه الجملة، كما لو أن كل البيانات قد تم جمعها ومناقشتها، وأثبتت صحة هذه الجملة. إنه تكتيك للحصول على الإباحية أكثر وأكثر وتطبيعها، وبالتأكيد يضاف إليها تلك الإشاعة الكاذبة والقديمة: “الجميع يفعل ذلك”. للأفضل أو للأسوأ يمكنني القول إنه: يستفيد الناس كثيرًا من الإشارات واللفتات التي يقوم بها المشاهير، لذلك أعتقد أنه من المهم للمشاهير الذين لا يحبون ما يحدث، القيام والوقوف ضد هذه المشكلة وأن يقولوا: “مهلا، الإباحية ليس جزءًا من حياتي، ولا يجب أن تكون جزءًا من حياتك أنت أيضًا!”

أود أيضًا أن أقول: إنني حقًا أحترم وأقدر ما تقومون به “حركة (حاربوا المخدر الجديد)”, هناك جزء مني يريد تجنب لغة الحرب، وأشعر وكأننا يجب أن نعرّف أنفسنا بما نؤيده وليس ما نعارضه.

أعتقد أن الإباحية مشكلة كبيرة يجب مواجهتها، وهي عبارة عن معركة داخلية، يجب على كل شخص أن يقرر لنفسه ما إذا كان يجب أن يكون هذا الشيء السيئ في حياته أم لا، أنا أقدر الحب والاتصال والصداقة والمجتمع، وأريد أن أشجع المزيد من الإبداع والفرح والسلام في حياتي، وللأسف تعارض الإباحية كل ذلك، أقف وقفة قوية مع أي شخص يختار إخراج الإباحية من حياته.

لماذا هذا مهم!

مع تزايد عدد الأشخاص الذين يبدءون محادثات ونقاشات حول الأضرار العلمية الحقيقية للإباحية، فإننا اليوم نحقق تأثيرًا حقيقيًا في المجتمع، وبدلاً من قبول الإباحية كالمعتاد يمكننا اليوم الكفاح من أجل الحب الحقيقي من خلال التعلّم والوعي، وتغيير نمط المحادثة المحيطة بالمواد الإباحية، نريد أن نقدم جزيل الشكر لجوش رادنور للتحدث بصراحة عن هذه المسألة وتخصيص الوقت الكافي للحديث معنا، نأمل أن نرى المزيد من الناس يشاركون في هذه الحركة مع استمرار الأبحاث في إظهار الحقائق.

  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: صديق واعي
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 7 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 640
  • عدد المهتمين: 165

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك