فنُ الهبوط: تعلم كيفية التعامل مع الانتكاسات المتكررة

الإباحية لا تمتلِكُنَا و لا تتحكمُ في حياتِنا، لدينا دائماً القُدرة لِصُنعِ اختلافٍ في حياتِنا نحن.
A+ A-

ارفع يدكَ عالياً لو أنَّ هذا الموضوع مألوفٌ لديك :

مستحيل أبداً أبداً أبداً أن أرجع لِما كنت أفعله، هذهِ آخرُ مرةٍ، مِن الآن فصاعِداً سوف أكونُ شخصاً مختلفاً وسأكونُ الشخصَ الذي أريدهُ، سأتحكمُ بِنفسي وسأفعلُ الاختياراتِ الصحيحة، هذهِ المرة حقاً سوفَ أفعلها، اليومُ هو اليومُ الأول في حياتي المتبقية (بدايةٌ جديدة)..
وبعدها بفترةٍ قصيرةٍ؛ لقد فشِلْت (سقطتُ في الوحل)…مُجددَاً !

رُبَما قد أطلتَ المدةَ قليلاً هذه المرة، أو رُبما عهدَّك الذي أخذتَهُ على نفسِكَ لِمُعالجةِ نفسكَ كان ما يزالُ يترددُ في ذهنِكَ عندما سقطْتَ في عاداتِكَ القديمةِ.

أيَّاً ما كان، لقد قطعْتَ عهداً ثُم نكستَ بهِ بإرادتِكَ، الآن أنتَ تشعُر أنَّ كُلَّ ما فعلتَهُ هو دليلٌ على عدمَ كفاءتِكَ وعدمِ أهليتِكَ، أليس كذلك ؟
خطأ ! كلما اقتربتَ أكثر لِتقبُلِكَ أنهُ لا يوجدُ نهايةٌ لأخطائِنَا ,كُلما زادَ ذلكَ مِن سعادتِكَ.

تذكَّر أنُه لا يوجدُ شيءٌ مِثل “القشة التي قسمت ظهر البعير”.

الإباحية لا تمتلِكُنَا و لا تتحكمُ في حياتِنا، لدينا دائماً القُدرة لِصُنعِ اختلافٍ في حياتِنا نحن.

ألا تصُدق هذا الكلام؟ حسناً إذاً؛ هُناكَ كلمةٌ مجازيةٌ توضحُ ما نعني مِن كلامِنا السابِق:

Climb The Mountain تَسلُّق الجبل!

رياضةُ تسُلقِ الصخور تعتمِدُ إلى حدٍ كبيرٍ على قاعدتين أساسيتين: الصُعودُ إلى أعلى والنزولُ إلى أسفل، وفي الحقيقةِ يجبُ أن تكونَ جيداً في كليْهِما إن أردتَ أنْ تُصبِحَ مُتسلِقاً ناجِحاً.

هُناكَ طُرقٌ مختلفةٌ كثيرةٌ لِتسلُقِ الصخورِ ولكن ما نرغبُ التحدثُ فيهِ هو “مُبادرةُ التسلُقِ” lead climbing؛ وهو أنَّ المُتسلِقَ يُحضِرُ معهُ حبالاً، حتى إذا تسلقَ أعلى أكثرَ فأكثر ثبَّتَ حبلاً في الصخورِ بِمِرساةٍ تحميهِ مِن السقوطِ الشديدِ أوِ الموتِ المُحتمل.

غالباً الكثيرُ مِنهُم ما زالوا يسقطون!!

واستِردادَكَ لِنفسكَ يُعتبرُ نفسَ الشيءِ، فبدلاً مِن أن تظلَّ تنظرُ إلى السقوطِ والفشلِ على أنهُ أمرٌ لا مفرَّ مِنهُ انظُر على أنه في الحقيقةِ يُمكِن أن تكونَ هذهِ فرصتك لِتعرِف بوصلةَ حياتِكَ وتبدأَ في إحرازِ تَقدُمٍ حقيقيٍّ، كما الحالُ مع مُتسلِق الصخورِ يحتاجُ أن يُحصِنَّ نفسهُ بالأدواتِ المطلوبةِ لِتحدي الصِعابِ المواجهةِ لهُ، لو أنَّهُم قاموا بِفعلِ الأمورِ كما ينبغي فإنَّ لديهم فرصةٌ عاليةٌ للغاية للوصولِ إلى قمةِ الجبلِ (الهدف المنشود) مع القليلِ مِن السقطاتِ طوالَ الطريق.

احذر مِن النهم !

الكثيرُ مِن الناسِ كالعادةِ يريدونَ الاستسلامَ بعد تعثُرِهِم، يقولونَ “هذا شاقٌ للغايةِ، أنا مُتعبٌ جداً، لا أستطيعُ فِعلَّها”؛ المُشكلةُ لو أنكَ استسلمتَ لِتعثُرِكَ هذا وتركت نفسكَ تتحولُ مِن يومٍ عصيبٍ إلى أسبوعٍ عصيبٍ كامِل،فإنَ ذلِكَ قد يُرجِعُكَ 100 خطوةٍ إلى الوراءِ بدلاً مِن التعثُرِ اللحظي.

لا تيأس من لحظة إحباط.

تَجَنَّبْ هذا كُلَهُ عن طريقِ إيجادِ رؤيةٍ مُستقبليةٍ صِحيَّةٍ وإيجابيةٍ واضحةٍ، “الكلامُ أسهلُ مِن العمل” فلا تقسُ على نفسِكَ؛ لكِن في نفسِ الوقتِ لا تتجاهلِ الأمر ولا تُكن مُستهتِراً، بِكلُ تواضعٍ واجهِ الحقيقة إنكَ قد فعلت ذنباً، وقرِر ما الذي ستفعلهُ حيالَهُ في المُستقبل (كيفية العلاج).
وبِمُجردِ إدراكِكَ أنك قد تعثرتَ تكون قد قُمتَ بخطُوَتِكَ الأولى نحوَ خُطوةٍ جديدةٍ؛ وهي تقييمٌ وفحصٌ فوريٌّ لِنفسك وذلكَ سيؤدي إلى إعادتكَ مُجدداً إلى الطريقِ الصحيحِ وسيكونُ بمقدورِكَ المواصلة قُدماً نحوَ القمةِ.

قف ثم انظُر حولك !

التَعثُرُ والسقوطُ يمكن أن يكونَ مُثبِطاً لعزيمةِ أيَّ مُتسلِقِ جبال، مِنَ السهلِ الشعورُ بالتعبِ والهزيمةِ، وبدلاً مِن اللعبِ في الوحلِ؛ اعلم أنكَ مدينٌ لِنفسِكَ لِتُحلِلَ الوضعَ القابِعَ أمامك، لقد سقطْتً لِوجودِ سببٍ ما لا يعلمَهُ غيرك، لِذا قِف ثم انظُر ما الذي حدث وحدِدهُ، يُمكن أن يكون ضغطاً نفسياً أو مُشكلةً أو حتى شيئاً مُثيراً، هل حدثَ أن خذلتَ نفسكَ أو توقفتَ عن صُنعِ خطةٍ مِن خِططكَ الإستراتيجيةِ ؟

حسناً إذاً؛ مُجردُ معرِفتِكَ للمُشكلة وتحديدِهَا وحفظِها في مُقتفي الفيروسات، عندها يُمكنكَ أن تجِد سبيلاً لاجتنابِها المرةَ القادمة.

قُم بِصنعِ خطةٍ جديدةٍ بعدَ كُلِ عثرةٍ تُجنِبُكَ السقوطَ في نفسِ المُشكلةِ مُجدداً، وابدأ مِن هناك، كما هو الحال معَ المُتسلقِ، يعملُ على إيجادِ طريقٍ جديدٍ يُمكِنَّهُ مِن الصعودِ بعدَ كُلِ زلةِ قدمٍ أو سقطةٍ.

وبِالمُناسبةِ لو استغللت عثراتِكَ في صِناعةِ خارطةٍ قويةٍ وجديدةٍ لحياتِكَ فإنكَ ستخرُجُ بعدَ كُل عثرةٍ أقوى مِن السابِق وأكثرَ قُدرَةٍ على المواصلة.

ثَبِت نفسك !

مِن استعمالِكَ لِمُقتفي الفيروساتِ إلى المُمارسةِ على STAR method هو واحدٌ مِن أهمِ طُرقِ مُعالجتِكَ في برنامجِ التحصين The Fortify Program
وغالباً ما يكونُ (البرنامج) هو علاقتُكَ مع شريكِ المُساءلةِ الخاص بِك.
احزِر مُجدداً ! هذهِ العلاقةُ مُرتبِطَةٌ هي الأُخرى مع مِثال تسَلُقِ الصخور!

رياضةُ تَسَلُقِ الصُخورِ يكونُ فيها شخصٌ مُساعدٌ (belay) يعملُ ذلك الشخصُ على سلامةِ المُتَسلقِ، ويكونُ هذا الشخصُ أسفلَ المُتسلقِ مربوطٌ بحبلٍ مع المُتسلقِ ومثبتٌ جيداً في الصخورِ حتى إذا وقعَ المتسلقُ من الأعلى يكونُ هذا المساعدُ كوزنِ السلامةِ يحميهِ مِن السقوطِ، مِن غيرِ هذا المُساعد تتحولُ رياضةُ تَسلُقِ الصخورِ مِن رياضةٍ للمرحِ إلى رياضةٍ خطرةٍ بشدة.

الشاهدُ مِن الكلام أنَّ شريكَ المُساءلةِ يكونُ في نفسِ الأهميةِ بل أكثر أهميةً في بعضِ الأحيان.
قد يكونُ مُؤلِماً للقلبِ أن تذهبَ إلى شريككَ بعدَ انتكاسةٍ ولكِن أيضاً قد يمنعُكَ ذلكَ مِن التعثرِ أكثرَ فأكثر، أو يحميكَ مِن السقوطِ الحُر الخارجِ عن السيطرة.

تَعلُمُ كيفية التعاملِ مع الانتكاسات هو واحدٌ مِن أهمِ سُبلِ المُعالجةِ، وذلِك لوجودِ فُرصةٍ كبيرة لاكتساب خبرةٍ مِن العثراتِ والزلاتِ طُوالَّ الطريقِ، الُمتسلقُ الخبيرُ يعلمُ كيفَ ينزلُ كما يعلمُ كيفَ يتسلق!

مع وجودِ ذهنٍ صافٍ وعدمِ الاستسلامِ لليأسِ والحفاظِ على قربِ المُساعدةِ منك، يُمكنُ أن تُحوِلَ انتكاساتِكَ إلى قمةِ جبلٍ مِن الانتصاراتِ الُمشرِّفَة.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د.محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ.محمد حسونه
  • تاريخ النشر: 10 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 156
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك