مواجهةُ الإجهادِ والتوترِ أثناءَ التعافي مِنْ الإباحيةِ

لقد كانت الإباحيةُ طريقةً مدمرةً للهروب من الواقع. ولكنَّها في النهايةِ كانتْ مهرباً بالنسبةِ لنا؛ فعندما نمرُّ بفتراتٍ صعبةٍ في حياتنا فإننا نحاولُ تجنُّبَ حلِّ المشكلةِ وتفاديها بدلاً من مواجهتها مباشرة
A+ A-

لقد كانت الإباحيةُ طريقةً مدمرةً للهروب من الواقع.

ولكنَّها في النهايةِ كانتْ مهرباً بالنسبةِ لنا؛ فعندما نمرُّ بفتراتٍ صعبةٍ في حياتنا فإننا نحاولُ تجنُّبَ حلِّ المشكلةِ وتفاديها بدلاً من مواجهتها مباشرة، وما نشعرُ به بعد مشاهدةِ الإباحيةِ يخدِّرُنا تقريبا؛ فلا نشعرُ بصدماتِ الحياةِ، وفي نفسِ الوقتِ تحجبُ متعَ الحياةِ السليمةَ عن أعينِنا، ولكي نتجنَّبَ الألمَ انغلقنَا علي أنفسِنا بعيدا عن السعادةِ.

ولكنَّ الأمور قد تغيَّرتْ الآن؛ فالتعافي يكسرُ حواجزَ العزلةِ والإدمانِ ويمكنُنا أن نشعرَ بتفاصيلِ الحياةِ الصغيرةِ مرَّةً أخري

ويعودُ الدفءُ إلي قلوبِنا وعقولِنا مرَّةً أخري، ولكنْ في بعضِ الأحيانِ تعودُ هذه المشاعرُ السلبيةُ إلي حياتِنا مرَّةً أخري شيئا فشيئًا.

إننا -كمدمنين- ندرِّبُ أنفسَنا علي عدمِ التعاملِ مع هذه الأمورِ بسلبيَّةٍ، فعندما يظهرُ الضغطُ والقلقُ وعدمُ الراحةِ والمللُ في حياتِنا فإنَّ ذلك يسبِّبُ التوتُّرَ والذي يعتبرُ أكبرَ محفِّزٍ للمتعافين علي السقوطِ، ولكن كأيِّ شيءٍ في التعافي يمكنُ تحويلُ الأمرِ السلبيِّ إلى تجربةٍ مفيدةٍ.

هناك شيئانُ نحتاج لمعرفتِهما للاستفادة من التوتُّرِ والإجهادِ في حياتِنا:

أولاً: من أينَ يأتي هذا الإجهادُ؟ ومن أيِّ نوعٍ هو؟

ثانياً: كيف نستجيبُ لهذا الإجهادِ؟

لنبدأْ بالأنواعِ المختلفةِ من الإجهادِ:

- التوتُّرُ الناتجُ عن قلةِ العملِ:

من الممكنِ أن يكونَ هذا النوعُ من أكثرِ أنواعِ التوتُّرِ المنتشرةِ بين مُدمني الإباحيةِ، فغالبًا عندما تفكِّرُ في التوتُّرِ يأتي في خاطرِك أنَّه بسببِ كثرةِ الأشياءِ التي تجري في حياتِك، إلا أنَّه غالبًا ما يشعرُ الناسُ بالضغطِ نتيجةً لأنهم يعملون أقلَّ من اللازم.

فكِّرْ في هذا السيناريو: لديكَ امتحانٌ قريبًا، ويجبُ عليك أنْ تذاكرَ استعدادًا له، ولكنَّك بدلًا من ذلك تُشاهدُ مباراةَ كرةِ قدمٍ؛ مِمَّا يجعلُك تجيبُ في الامتحاناتِ بشكلٍ سيءٍ وبالتالي يسبِّبُ لك الكثيرَ من الضغطِ في الامتحاناتِ القادمةِ، وسوف تقلقُ من الرسوبِ في هذا العامِ ومدى تأثيرِ ذلك على مسيرتِك الدراسيةِ.

عندما لا نستطيعُ تحديدَ أولوياتِنا في الحياةِ بشكلٍ صحيحٍ ولا نتحمَّلُ مسئولياتِنا؛ فالتقصيرُ في أشياءٍ صغيرةٍ يزيدُ ويصبحُ الأمرُ خارجَ سيطرتِنا، وعندما نحاولُ التخلُّصَ من هذه الأشياءِ فإنَّها تبقى في انتظارِنا ويستغرقُنا بعضُ الوقتِ لكي ننجزَ بعضَ المهامِّ أو أنْ نفعلَ بعضَ الأشياءِ الصغيرةِ، وعندها سوف تشعرُ بأنَّ التوتُّرَ يقلُّ، وسوف تشعرُ بأنَّك تستطيعُ أنْ تتحكَّمَ في حياتِك وبأنَّك أصبحتْ أقوى، فكمَا نقولُ لا تهتم بصغائرِ الأمورِ.

- التوتُّرُ الناتجُ عن كثرةِ العملِ:

قد يقعُ المحاربون في الفخِ؛ لأنَّهم يُحاولون إصلاحَ كلِّ شيءٍ في نفسِ الوقتِ، والآنَ نحنُ متحمِّسون جدًا للتخلُّصِ من إدمانِ الإباحيةِ ممَّا يجعلُنا مُستعدين لفعلِ أيِّ شيءٍ لشغل أوقاتِ فراغنا إلا أنَّ ذلك يجلبُ التوتُّرَ أحيانًا؛ فعلينا أن نأخذَ الأمورَ برويَّةٍ؛ فالتعاملُ مع هذه الأمورِ قد يكونُ جديداً بالنسبةِ لنا.

أنتَ الشخصُ الوحيدُ الذي يستطيعُ أن يقرِّرُ ما يجبُ عليك تغييرُه في حياتِك، ولكنْ تذكَّرْ أنَّه ليس عيبًا أن تُخطئَ، كما أنَّ تحمُّلَ الكثيرِ من الأمورِ التي لا تستطيعُ تحمُّلَها لن يُساعدَك ولن يُساعدَ أيَّ شخصٍ آخرَ.

- التوتُّرُ المفتعلُ:

الحياةُ تمضي ولا يوجدُ ما يُقالُ كثيراً في هذا الشأنِ؛ فيجبُ أن تتذكَّرَ أنَّ التوتُّرَ كله ليسَ متعلقاً بأفعالِنا، فأحيانًا يتناولُ المدمنُ جميعَ المشاعرِ السلبيةِ في وقتٍ واحدٍ مُضيفاً إليها لومَه لنفسِه؛ وهذا لنْ يُساعدَه.

الأمرُ المهمُّ بخصوصِ أشكالِ التوتُّرِ الثلاثةِ هو كيفيةُ التعاملِ مع هذا التوتُّرِ! والاستجابةُ السليمةُ تعني النموَّ والتقدُّمَ السليمَ.

إليك بعضَ النصائحِ للتعاملِ مع التوتُّرِ :

- تحدَّثْ عنه: إنَّ مناقشةَ الأمرِ بهدوءٍ مع شخصٍ آخرَ يُساعدُك علي فهمِ الأمرِ, تحدَّثْ ولو مع نفسِك.

- اضحكْ: هذه ليستْ مُزحةً؛ فالضحكُ يُزيدُ إمدادَ جسمِك بالأوكسجين وإفرازِ الأندورفيناتِ المسئولةِ عن السعادةِ.

- تدرَّبْ: نتحدَّثُ دومًا عن هذا الأمرِ لأنَّه أمرٌ هامٌّ، فالتدريبُ وممارسةُ الرياضةِ لمدةِ 20:30 دقيقةً يوميًا سوفَ يخفِّضُ التوتُّرَ الذي تشعرُ به.

- كنْ واقعيًّا: استفدْ من نقاطِ ضعفِك ومراكزِ قوتِك، تجاوزْ الماضيَ وألقِ أخطاءَك خلفَ ظهرِكَ.

- فكِّرْ بإيجابيةٍ: تأقلمْ علي السلوكِ الجديدِ بشكلٍ جيدٍ، لا تفكِّرْ أو تذكرْ أشياءَ تُحبطُك وتقلِّلُ من عزيمتِك؛ فإنَّ تناولَ الأمورِ من منظورٍ إيجابيٍّ يعتبرُ الجزءَ الحاسمَ في تخلُّصِكَ من التوتُّرِ وتعزيزِ قُواكَ.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د.محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ.محمد حسونه
  • تاريخ النشر: 10 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 3K
  • عدد المهتمين: 187
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك