كنتُ َأشْعُرُ أنَّنِي اْلَفتاةُ الوحيدةُ التي تُصارعُ الإباحيّةُ حتّى أَفْصَحْتَ عَنِ الْأَمْر

أنا أَكرهُ الْإباحيّةَ، ليس بسببِ ما فعلَتْهُ بحياتي ولكنْ بسببِ ما فعلَتْهُ بحياةِ الْملايِين منَ النّاسِ.
A+ A-

كثيراً ما أَعتَقِدُ أنّ الأمْرَ سيكون أسْهل، إذا اعْترفْنا بمِئاتِ الْجرائمِ الْمخُالِفةِ للقانونِ عنِ الاِعْتِرافِ بأنّنا مُدمنين، ونتمسّكُ بهذا السر وكأنه أمر لن يعرفَه غيرنا.

و يوجدُ أملٌ خفيٌّ في قلوبِنا أنَّه يُمكنُنا لمدة دقيقة فقط  أنْ نعيشَ في سلامٍ منَ الْأشياءِ التي تُشَكِّلُ عِبْئًا مستمرا علينا وتُوقِعُنا في دائرةِ الْإدمانِ.

و لكنَّ محاولة التَّحكُّم في سلوكٍ مُدَمَّرٍ مِثْل هذا الإدمان يمكن تشبيهه تمامًا بتَرويض أسَدٍ من خلال طوْقِ فقط!

و عندما أنظرُ إلى قِصَّتي في الْماضي وإلى أيِّ مدى تَغَيَّرْتُ وكَبِرْتُ؛ أَعرفُ شيئًا واحدًا أثّر في بشكلٍ قويٍّ، هذا الشيءُ قدِ اعْتادَ أنْ يَكْسِرَنِي بلا رِفْقٍ مرةً تِلْوَ الأخرى، إنّه الإباحيّةُ . 

كل شَيْءٍ كان على ما يُرامُ في مَرحلَةٍ ما من حياتي، لم تكُنْ حياتي ممتازة بأيّ شكلٍ منَ الْأشكالِ ولكنِ الْأشياء كانتْ تسيرُ بسلاسةٍ. فكنتُ أشعرُ بالثِّقةِ في أربعة أمور؛ دراستي، وعملي، وعائلتي، وأصدقائي . وخلالَ يوم، انقلبت الأمور رأسا على عقب.

لقد حاولتُ-دون تَرَدُّدٍ- وقْفَ هَوَسِيَ الزّائدَ بالأفلامِ الإباحيّةِ و إشغالَ نفسي بشيءٍ آخرَ ولكنّني لم أستَطِعْ.

حتّى هذه المرحلة لم يكنْ لديَّ أيُّ ذرةِ رغبةٍ في مشاهدةِ الأفلامِ الإباحيّة إلى أن شاهدْتَها للمَرَّةِ الأُولى.

لن تُنسَى أبدًا هذه المرّة !

أتذَكَّرُ كيف أشعر بالاشمئزاز عندَ التَّفكير في الإباحيّةِ؛ حيثُ إنّه في كُلِّ مرّةٍ  يُذكَرُ فيها الإباحيةُ سواءٌ في المدرسة أو أحدِ وسائل الإعلامِ؛ أتذكّرُ كيفَ كنتُ أعتقد أنّ هذا الأمرَ فظيعٌ، وكيف كنت سعيدة أنّني لن أفعلَ هذا الشيء أبدًا. حتّى فعلتَه في لحظةٍ ما!!!

باختصارٍ: فُضولٌ + مُحرِّكاتُ الْبحثِ ومن ثم ضغطةٌ

في هذه اللحظة أصبح قلبي و عقلي غارقيْنِ في هذا الشيء، والذي بدأَ في تدميرِ حياتي الْماضية والتّالِيَة؛ حيث حَتَّمَ عليّ أنْ أكون مُدمنة!

كنتُ أُحاول باستمرارٍ أنْ أُقْنِعَ نفْسي بهذه الأشياء طَوالَ اليوم؛ لكي لا أقع في هذا السِّر الْقَذِرِ الْذي سَيَفْتَرسني حيّةً مثل:

“لا أحد يعلم، لن يعلمَ أحدٌ أبدًا، لن يستمرَّ هذا طويلًا، لن أفعلَ ذلك مرةً أخرى، أنا أَكرَهُ الْإباحيّةَ، الإباحيةُ لا تعني لي أيّ شيْءٍ، أنا لستُ مُدمنة، الإباحيّة ليست مُهمَّة، أنا لا أصارع، لن أفعلَ ذلك مُجَدَّدًا” . ‍‍‍‍‍‍ ‍‍

لن أكونَ راضِيةٌ أبدًا ‍‍‍‍‍‍ ‍‍

لم أكنْ متأكدة إذا كنت أُريدُ الحبّ أم لا؛ فالسَّعادة كانت تهجرني، والسَّلام لم يَعُدْ موجود، والتَّحكُّم في النَّفْسِ كان مِزْحَة.

الإباحيّةُ كانت تسرقني، وتقتلني وتُدمِّرني. كنت أعتقد أنّني المرأةُ الوحيدةُ التي تُصارع شيْئًا كهذا،كنت أعتقد أنَّ مُصارعةَ الإباحيةَ (شيْءٌ ذُكوريٌّ) بينما النِّساء تُصارعُ الْحَسَدَ أوِ الْكَسَلَ.

تَوصَّلَ عقلي إلى نتائجَ، خُلاصتُها أنّه ليس من الطّبيعيّ أن تقعَ امرأةٌ كضحيةٍ للإباحية، وأنّه -على الأقل- لا يجبُ أنْ أُظهرَ لهم هذا. ‍‍‍‍‍‍ ‍‍

لماذا لا يكون هذا جيدٌ لي !!

لم يُخبرْني أحدٌ أنّ الإباحيةَ تسبب الإدمان، لقد سمعتُ الكثيرَين يقولون:”إنّها سيئةٌ”، لكنْ لم يخبرني أحدٌ أنّي قد أُدمنُها يومًا ما وهذا سببٌ جعلَني أَكرهُ نفسي، حتّى صار لسان حالي: “لماذا وصلتِ لهذه النقطة، هل أنتِ طبيعية! هل أنتِ مهووسة، كيف وقعتي فريسة في يدِ هذا الشيْء -القذر- ! لمْ أعرفْ أبدًا أنّه يجبُ عليَّ أنْ أجهّز نفسي لحربِ ضدّ صراعاتِ جنسيّة.

لقد كنتُ في حربٍ كاملةٍ ضدَّ الإباحيّة وضد اأفكاري السّلبيّة تجاه نفسي.

في لحظة معينة علِمتُ حقيقةَ الإباحيّة، وكأنّني ارْتديت نظارةً لِتُرِيَني كيفَ كانتْ تُؤثِّرُ فِيَّ وفي مراحلَ حياتي؛ فأثَّرَتْ عليَّ في نظْرَتِي لِكُلٍّ منَ: الْحُبِّ، والعلاقاتِ، والجنس، والإخلاص، وغير ذلك حتّى أخافتْني منْ أُمورٍ كثيرةٍ وتَدهوَرَ سُلوكي وأوْلَوِيّاتي وتحوَّلتْ حياتي لشيْءٍ لمْ أحلمْ  به أبدًا، وهذا -التدهور والتحوُّل- قد حدث بأقبحِ الطُّرُق! ‍‍‍‍‍‍ ‍‍

عمليّةُ الشِّفاءِ

الحقيقةُ أنّني لَمْ أُشْفَ مِنْ إدمانِ الإباحيةِ بعدما أدركْتُ الْأمرَ، لكنَّ-هذا الْإدراك- كان بدايةً للشِّفاء.

حتّى أكونَ صريحة؛ فعمليَّةُ الشّفاءِ قدِ اسْتغرَقَتْ سنَواتٍ، لكنني مُستمرَّةٌ فيها. إنّها عمليةٌ رائعةٌ بشكلٍ لا يُصَدَّقُ ومُؤلمة ٌأيضا؛ فأنا أغيّر مِنْ رُؤيتي التي تَشوهَت بسببِ الإباحيةِ، ومنَ الْإحساسِ بالذَّنْبِ والْعارِ، ومنَ الْخوفِ مِنْ أنَّ الإباحيةَ تُقَدِّمُ لي شيئًا ما مُفيدًا،

ومنَ انْعِدامِ الْأمانِ و الشَّوائبِ، ومنَ الْآثارِ الْمُدمِّرةِ التي أَحْدَثَتْها الإباحيّةُ في عقلي وقلبي.

أنا أَكرهُ الْإباحيّةَ، ليس بسببِ ما فعلَتْهُ بحياتي ولكنْ بسببِ ما فعلَتْهُ بحياةِ الْملايِين منَ النّاسِ.

فالإباحيةُ شيءٌ غير آدميّ ومُقزَّزٌ ومَهِينٌ، وتُسبِّبُ الشُّعورَ بالعار والذنب وجلد الذات، وتُدمر العلاقاتِ و الصداقاتِ والزَّوْجاتِ والعائلات، وتَتَسَبَّبُ في إحداثِ أفكار ومُعتقدات غير حقيقيّة في كُلِّ شيءٌ، وتُساعدُ على زيادةِ السُّلوكِ المُدَمِّرِ، وتُشَجِّعُ على الْعُنفِ، وتُعظِّمُ منْ شأنِ الِاغْتِصاب.

وأدركْتُ عِظَمَ الْمُشكِلةِ عندما علمتُ أنّ صديقتي الْمُقرَّبة تُصارعُ الْإباحيةَ-أيضًا- مِثلي تمامًا، وأنّها كانتْ تَعتقد أنّها الْوحيدةُ التي تُعاني منَ الْإباحيةِ وأنّه لا يُوجدُ مَنْ يَفهمها.

وكان في اسْتِطاعَتي أن أحْكِيَ لها صِراعي ضدّ الْإباحية، ولكنْ تحوَّلَ الأمرُ؛ إذ لم نكنْ وحيدتَيْنِ، وإذا كنتَ تُعاني مثلنا فأنتَ لستَ وحدك. فلْنتكلَّمْ-إذن- عنِ الإباحيةِ ولنتكلمْ عنِ الإدمان.

لنْ أَسكتَ عنْ هذا الموضوع ؛ فأنا لا يهمّني إنْ كان الأمر غير مريح لبعض الْأشخاص، و لكنْ إذا أرادَ شخصٌ واحدٌ  أنْ يَسمعَ فهذا يعني أنّ الْأمرَ قد يُساعدُ البعض في إنهاءِ إدمانهم للْإباحيّةِ 

الْإباحيَّةُ مُشْكِلَةٌ إنْسانِيَّة 

بعضُ الْبياناتِ الدّيموغرافيَّة لإحدى المواقعِ الإباحيةِ أظهرَتْ أنَّ نِسبةَ الْمُشاهِدينَ منَ النِّساءِ 26% ومنَ الرِّجالِ 74%،

وفي بعضِ الْمَناطِقِ مثل “الْفلبّين” تَبْلُغُ نِسبة المُشاهِدين منَ النّساءِ 65% ومَع أنّ الْأرقامَ لا تَنقَسمُ فالنِّساءُ يَمْكُثْنَ وَقْتًا أكثرَ في مُشاهَدة الْإباحيةِ؛  حيثُ إنَّهُنَّ يَجلِسْنَ ١١ دَقيقةً في المواقعِ، بينما الرِّجال تَقضي 10 دقائقَ!

ونحنُ كمُجتمَعٍ لا يُمكنُ أنْ يُتوقَّعَ فيه أنْ تَفعلَ الْفتياتُ عاداتٍ غيرَ صِحِّيَّةٍ مثل مشاهدة الأفلام الإباحيّة بغضِّ النَّظَرِ عنِ الْعُمُرِ والْمُيولِ الْجنسيّةِ وأنّ الإباحيةَ مُضِرَّةٌ وأنَّها تَضُرُّ الْعقلَ، وتنشر تَوَقُّعات غير حقيقيّة بين العلاقاتِ.

و منَ الْخَطأِ أنْ نَعتَقِدَ أنَّ الإباحيةَ تُؤثرُ على عقل “الرِّجال” فقط؛ فالإباحيّةُ تُوقِعُ أيّ أحدٍ فريسةً لها بغض النَّظرِ عَنِ الْمُستخدِمِ،

واعْتقادُ المجتمع أنّ الفتياتِ لا تُشاهد الإباحية وأنّها لنْ تقعَ فريسةً لها كَذِبَةٌ كَبيرةٌ، الإباحيةُ ليستْ فقط مشكلة ذكورية بل مشكلة إنسانيّة .

اُنشُرْ هذا الْمَقال وانشُرِ الْوَعْيَ بأنَّ النِّساءَ يُقاوِمْنَ الإباحيةَ أيضًا .هذه الْحركةُ تَهْدُفُ لتغيِيرِ الاعتقادات عن الْإباحيّةِ ووقْفِ الِاستغلالِ الْجِنسيِّ ونتحدث عن أضرارِها ….. هل أنتَ معَنا؟!

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: أ.مي عبدالرحمن إبراهيم
  • مراجعة: أ. أحمد فوَّاز
  • تاريخ النشر: 22 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 952
  • عدد المهتمين: 144
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك