عزيزتي الغالية (رسالة من فتاة متعافية إلى كل فتاة تعاني من إدمان الإباحية)

إن لم تستسلمي يا صديقتي ومضيتي في طريق التوبة والتعافي من هذا الإدمان بقوة فإنك في النهاية ستحققين الانتصار بإذن الله!
A+ A-

صديقتي، هل تعلمين أنني مررت بكل ما تمرّين به الآن، فهذه المشاعر التي تشعرين بها ليست غريبة علي، لكنني الآن بفضل الله أنظر إليها في مرآتي فأرى انعكاسها في الخلف يهرب بعيدًا، تلك الأحاسيس الشنيعة مثل كره النفس والإحساس بالعار والرغبة الجنسية المشتعلة، التي كنت أخاف ألا أتمكن من السيطرة عليها، والاكتئاب والندم وغيرها الكثير من المشاعر التي كانت جزءًا من واقعي منذ فترة ليست طويلة.

فعندما كنت في حوالي الحادية عشرة من العمر، وجدت بعض المجلات الجنسية المخبأة عند بيت أحد أقاربي، وسرعان ما بدأت البحث عمدًا عن تلك الأشياء التي وجدتها بالصدفة، وبسرعة أيضًا تحول هذا البحث المتعمد إلى إدمان.

ولم يأتِ للأسف إدمان مشاهدة الإباحية لوحده، بل جر معه تلك العادة السيئة التي تسمى العادة السرية والتي أدمنتها بشدة، ثم حين أصبحت بالغة، انغمست في العلاقات غير الشرعية مع شركاء مجهولين وأصبحت مدمنة “للزنا”.

وكنت أعرف أني وحيدة ويائسة وأني غير طبيعية وأعاني من خلل شديد. ولا أشك مطلقًا أنك، صديقتي، قد عانيت من بعض (إن لم يكن كل) هذه المشاعر والأفكار، لكن دعيني أُسعَد بإخبارك أنك لستِ وحدك وأنك لست عاجزة، ولست شاذة، وأنك تستحقين أن تعرفي الحقيقةفما هي الحقيقة؟

جزء من هذه الحقيقة هو أن الإحصائيات تشير إلى أن 40% من النساء تحاربن الإباحية، فأنت لست وحدك، أنت ككل النساء التي تعاني، محطمة، ومع ذلك لست شاذة. ولكن الحقيقة الأهم هو ذلك الأمل الذي يلوح في الأفق، فبالرغم من وجود العديد من النساء اللاتي يحاربن الإباحية فإن الكثيرات منهن تَمَكَّنَ بفضل الله من التحرر!

فهل حاولتِ التحرر مرارًا وتكرارًا؟ هل وعدت نفسك ألف مرة أنك لن تشاهدي الإباحية مرة أخرى؟ هل شعرت بالتقزز من عادتك القبيحة التي تمارسينها سرًا والتي لا تستطيعين التوقف عنها؟

هل احتقرت نفسك لأنك تظلين تخبرينها بأنك يجب أن تكوني عفيفة وأن تحفظي نفسك لزوجك ثم تعودين فتسلمي نفسك لرجل آخر؟

هل جعلك كل ذلك تشعرين أنك لا تريدين المحاولة مرة أخرى؟ إذا كنتِ أجبت عن أي سؤال من هذه الأسئلة بنعم فعندي لك بشرى رائعة، ومعجزة على وشك الحصول!

ارفعي رأسك، فالله وحده يعلم بما يعتمل في صدرك وهو يحبك، ويعلم صدق رغبتك في التوبة وصدق كرهك للمعصية ومحاربتك لها، بل يبسط يده إليك لتلجئي إليه فأبواب التوبة دائمًا مفتوحة، وأكثر من ذلك، فقد ساق لك هذا الموقع وساقني إليك لأحكي لك تجربتي.

ألا يدل ذلك على عظيم كرمه ورحمته بك، ألا يدفعك ذلك للتصدي لشيطانك ونفسك التي تأمرك بالسوء والفحشاء.

أرجوك صديقتي لا تدعي ماضيك يؤثر على مستقبلك، فالتوبة الصادقة تَجُبّ ما قبلها ويبدل الله سيئاتك إلى حسنات.

أعرف ذلك الشعور عندما تحاربين لسنوات وتستمرين في محاولات الإقلاع عن عادة تكرهينها، وأعرف كيف يصيبك هذا الأمر بالشعور بالعجز وأنك لم تعودي تريدين المحاولة مجددًا.

لا تتركي نفسك عاجزة، فكيف ترضين بالعيش في ضنك المعاصي وتعاسة الذنوب وتتركين اطمئنان القلب وراحة القرب إلى الله وسعادة الانتصار على النفس.

وأعلم ما هو شعور أنك قد حاولت كثيرًا جدًا أن تتوقفي إلى درجة أن أصبح الاعتقاد بوجود أمل يبدو مرعبًا بالنسبة لك، لكني أعلم أيضا إحساس المثابرة ومحاولة البدء من جديد وإحساس التضرع بين يدي الله والانكسار له والتذلل بقدرته وضعفك أن يرحمك ويهديك سبيل الرشاد.

فهو الذي خلقك وهو الذي يعرفك تمام المعرفة وكمالها، وهو الذي أنزل إليك تشريعاته لتتوافق مع احتياجاتك التي فطرك عليها، فلا إباحية ولا عادة سرية ولا علاقات غير شرعية خارج الإطار الذي شَرَعه الله تستطيع أن تلبي تلك الحاجات الفطرية،

فهذه الطرق غير السوية تؤذيكِ وتجعلك تشعرين بالفراغ والألم النفسي وتجرفك بعيدًا عن فطرتك وعن طبيعتك التي جبلك الله عليها وتجعلك تعيشين في ضنك حقيقي.

إن لم تستسلمي يا صديقتي ومضيتي في طريق التوبة والتعافي من هذا الإدمان بقوة فإنك في النهاية ستحققين الانتصار بإذن الله!

فيوم واحد من الإقلاع يتحول إلى أسبوع والأسبوع يتحول إلى شهر والشهر سيتحول إلى سنة وسنين بإذن الله! وتنتظرك على الجانب المقابل، حياة مشرقة نظيفة أؤكدها لك، وستكون رحلة جهاد شاقة لكنها تستحق كل لحظة وكل ثانية وتستحق أن تظل في ذاكرتك للأبد تفخرين بخوضك لها.

ما ينتظرك هناك هو نهاية ذلك الجبل من العار الذي يجثم على صدرك، ونهاية ذلك الخلل في حياتك الاجتماعية وعلاقاتك، ونهاية كرهك لنفسك، ونهاية كل تلك المشاعر السلبية التي كنتِ تشعرين بها وأنت أسيرة ذلك الإدمان.

ما ينتظرك هناك هو أن تعيشي حياتك متحررة من شؤم معصيتك، وتستمتعي بالسعادة الحقيقة التي تتشوقين إليها، وتستعيدي شعورك بالطهر والعفاف، وتتمكني من التعامل مع مشاعرك بطرق صحية وتختبرين حياة الحرية من ألم العبودية للمعصية وتتلذذين بعبوديتك لله وحده.

الحرية ممكنة يا عزيزتي فالباب مفتوح أمامك، فهلّا تعبرين؟” أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ…”محبة الخير والسعادة لك، صديقتك التي كانت تعاني مثلك، أتمنى أن أراكِ على الجانب الآخر.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: أ. إسراء وائل
  • مراجعة: أ.سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 23 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 874
  • عدد المهتمين: 141
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك