تسع قضايا خطيرة تغذيها ثقافة الإباحية في المرحلة الثانوية

تبدو التسلية بمشاهدة الإباحية في هذا الجيل والأجيال التالية أمرا عاديا، ولكنها الآن -وأكثر من أي وقت مضى- تؤثرعلى تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض، وحتى مع أنفسهم!
A+ A-

ربما تكون على علم بأن الإباحية قضية ناشئة، تشكل خطرا على طلاب المرحلة الثانوية والأجيال القادمة، إنها تقود إلى الدردشات الجنسية والانتقام الإباحي، وتغذّي مشاكل تقدير الذات، والعنف، والإيذاء والتنمّر، بالإضافة إلى أنها تقدم أسوأ المعلومات عن الجنس؛ لذا لا تستحق المشاهدة

الشيء الكبير الذي دخل المدارس الثانوية حول العالم ليس الإصدار الأخير من الآيفون..

تبدو التسلية بمشاهدة الإباحية في هذا الجيل والأجيال التالية أمرا عاديا، ولكنها الآن -وأكثر من أي وقت مضى- تؤثرعلى تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض، وحتى مع أنفسهم!

من الدردشات الجنسية إلى الإيذاء إلى الانتقام الإباحي؛ الطريقة التي تنمو فيها الإباحية في المدارس الثانوية ليس صادمة فحسب، إنها مؤلمة جدًا.

هنا عشر حقائق حول ثقافة الإباحية في المدارس الثانوية، ينبغي على الجميع معرفتها، سواء كنت تنوي التوجه إليها قرييا، أو أنك قمت بتجربتها بنفسك.

وبما أن التعلّم هو القوة المثلى للمحاربة من أجل الحب، فإن معرفة ما يجري بمشاهدة الإباحية هو الخطوة الأولى في مواجهتها.

- الإباحية مقدمة لممارسة الجنس للجميع تقريبا.

اليوم في مجتمعاتنا الذكية بالتكنولوجيا أصبح توفر المحتوى المناسب للبالغين متاحا بسرعة في أي وقت وفي كل مكان، ولأن الأجيال المقبلة تتبنى التكنولوجيا على عمر أصغر من التي سبقتها، فلا عجب أن الأطفال يتعرَّضون للإباحية لمرتهم الأولى عندما يبلغون الحادية عشرة من عمرهم، وغالبا ستكون هذه المرة عن طريق الصدفة، وما سيجعل من هذا الموقف محيرا ومربكا أنه بالنسبة لأغلب الأطفال سيسبق هذا العمر الذي يتعرّفون فيه رسميا على الجنس من والديهم أو من المدرسة؛ وبسبب هذا التعرُّض المبكر والمفرط للإباحية وبالإضافة إلى واقع أن الحديث عن الجنس ما زال محظورا، يلجأ طلاب المراحل الثانوية إلى تعلم الجنس من الإباحية، ويحدث ذلك غالبا قبل تجربتهم الأولى الواقعية لممارسة الجنس.

في مقال تم نشره في صحيفة نيويورك تايمز السنة السابقة، يقول أحد الصبيان: ” ليس هناك أي مصدر آخر لتعلّم الجنس.. ونجوم الإباحية يعلمون كيف يمارسون الجنس” . وهذا -منطقيا- مرتبط بالنقص الحقيقي في تعليم الثقافة الجنسية، مما يسمح للإباحية -سهلة الوصول- لملء هذا الفراغ من نقص المعلومات حول الجنس لدى شباب أمريكا.

- الدردشات الجنسية طريقة جديدة للمغازلة

بسبب توفر أجهزة الهواتف الذكية ارتفعت نسب الدردشات الجنسية واستخدام الإباحية بين الجيل الجديد ارتفاعا كبيرا ؛ حيث إن أكثر من شخص بين كل سبع مراهقين يرسل هذا النوع من الرسائل، وأكثر من شخص من كل أربعة مراهقين يستلمها، لقد أصبح تبادل الرسائل الجنسية طريقة اعتيادية في التواصل! في عام 2018 أصبح إرسال رسالة مثل “أرسل لي صورتك عاريا” للشخص المعجب به طريق جديدة للمغازلة!

وهناك أطنان من المشاكل التي تُرافق تبادل الرسائل الجنسية، مثل إعادة توجيه الرسائل أو مشاركتها من غير موافقة أصحابها، أو الانتقام الإباحي بينهم، ولكن القضية الأعظم أن هؤلاء المراهقين يرسلون صورهم من غير ملابس من دون التفكير في عواقب هذا الفعل، حيث يجدون ذلك أمرا ضروريا للتواصل أو أمرا اعتيادي، أو أنهم مُجبَرون على فعل ذلك؛ لأنه رائج مجتمعيا.

- الإباحية تُعزِّز وتُروِّج لفكرة التجسيد بين الأقران.

يشيع بين مستخدمي الإباحية النظر إلى الناس كأنهم أجساد للتسلية فقط، بدلاً من معاملتهم كبشر، وهذا بالطبع سينطبق على المراهقين في المدارس الثانوية، حين تتواجد الإباحية، حيث يغيب تماما احترامهم للآخرين وبالذات للفتيات..

فكما نعلم في تلك المدارس التي تنتشر فيها الإباحية كأمر اعتيادي وطبيعي، غالبا ما يعامل الصبيان الفتيات كأجساد فقط، حيث يقومون بعرض صور الفتيات لأصدقائهم أو يستخدمون صورهن كخادمات جنسية لكسب مكانة بين زملائهم، وهذا غير لطيف حقا!

- الانتقام الإباحي شيء يتعامل معه الكثير من المراهقين.

بعض قصص الحب في المرحلة الثانوية تستمر طيلة الحياة، ولكن ذلك يُعتبر استثاءً وليس قاعدة، فمشاركة الدردشات الجنسية وإرسال الصور العارية بطبيعتها تفسح المجال لمشاركتها مع غيرهم بدون موافقة مرسليها، سواء كانت صورا أو رسائل، وهذا ما يسميه المراهقون بالانتقام الإباحي عندما تتدهور العلاقات مع أحدهم.

وقد أظهر تقرير حديث أن 12% من المراهقين قد أعادوا توجيه محتوى دردشة جنسية من غير موافقة صاحبها، وأكثر من 8% وجدوا رسائلهم الجنسية قد أُعيد توجيهها ووصلت إليهم، وفي دراسة أخرى صادمة في جامعة “كِنت” أعرب 99% من المشاركين بأن لديهم بعض الموافقة على أن يتمَّ نشر الصور الفاضحة على الإنترنت بدون موافقة أصحابها! كيف لكل ذلك أن يكون مقبولاً؟؟

- إسقاط الوثائق يعتبر الآن أكثر من مجرد قضية.

في المدارس الثانوية التي تنتشر فيها الإباحية يجد إسقاط الوثائق مكانه؛ حيث يعبر هذا المصطلح عن الفعل الخبيث الذي يتم فيه التقصي والبحث عن معلومات خاصة عن الأشخاص ومشاركتها.

تقر ثلث الفتيات المراهقات أنهن تعرَّضن للتحرُّش عبر الإنترنت، لكن إسقاط الوثائق يأخذنا لنقطة أعمق من ذلك حيث يشارك الشباب تفاصيل شخصية لشخص ما يعتبرونه “سهل الوصول”، وغالبا يكون هذا الشخص فتاة.

وقد تم توضيح هذه الفكرة أفضل ما يمكن في مقال حديث يتحدث عن طالبات في أكثر من 7 مدارس ثانوية في أستراليا تم استخدامهن ك”أهداف” في مجموعات على الإنترنت لمشاركة الانتقام الإباحي ؛ ببساطة هناك رجل يستخدم هذا الموقع للحصول على صور عارية وفاضحة لفتيات بالتحديد من مدارس محددة ، ويقوم الآخرون في المجموعة بالمساعدة بنشر معلومات مفصلة عن الفتيات اللواتي تم تحديدهن كأهداف مثل أسمائهن الكاملة، أرقام الهواتف، وحتى عناوين السكن. وبعد ذلك يقوم الصبيان باصطياد هؤلاء الفتيات وبالنهاية يجمعون “انتصاراتهم” ويتقايضون عليها.

إسقاط الوثائق يأخذ بالتحرُّش إلى مراحل جديدة، إنه يجعل من الانتقام الإباحي لعبة تذهب ضحيتها الفتيات البريئات، وهذا سيء للغاية.

- الممارسات الجنسية المُهينة أصبحت المعيار السائد.

في مقال من نيويورك تايمز يعرض نقاشًا بين طلاب المرحلة الثانوية كيف أنهم يقومون بالأفعال الجنسية بناءً على رغبات شركائهم، تقول إحدى الفتيات في مداخلتها ” لا أعتقد أن الفتيات يفضلن القيام بها، ولكن يفعلنها فقط؛ لأنها تعجب شركاءهن” ، وحين كان الحديث عن الجنس الشرجي يصف المقال بأن الشباب الذين مارسوه أخبروا بأنه تم تشجيعهم من قبل أصدقائهم لممارسته، وأنهم شعروا بأنهم يقعون تحت ضغط المنافسة للقيام بذلك، وكما تخبر الفتيات أنه يتم إجبارهن من قبل الصبيان على فعل أفعال جنسية يستوحونها من المشاهد الإباحية التي يشاهدونها باستمرار.

- الإباحية تزيد من شدة التحرش الجنسي والتنمر الإلكتروني.

مع الأسف يحدث التنمر والتحرش الجنسي من تلقاء نفسه، ولكن هل تصب ثقافة الإباحية الوقود على هذه النار؟

وكما نعلم بانتشار الإباحية حين يشاهدها جميع الأقران، فالشخص الذي يختار عدم مشاهدتها  يتم غالبا وضعه في موقف محرج، لقد أصبح التنمر والتحرش الجنسي أكثر انتشارا ويصعب التحكم به؛ بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تُظهر نتائج استطلاع شاركت فيه شابات من الأعمار ما بين 15-19 في أستراليا أن التعرض للاستغلال والتحرش الجنسي أصبح جزءًا طبيعيا من تعاملاتهن اليومية.

حين يظهر الرجال في المقاطع الإباحية وهم يسيئون لفظيا للنساء، يتعلّم الشبان بأن هذه هي الطريقة لمعاملة الشابات، والأسوأ أن الشابات يتعلّمن أنه هكذا يجب أن تتم معاملتهن! كم هو مؤلم  كيف تجعل الإباحية من التحرش الجنسي أمرا عاديا، وتقنع الطلاب بأن أساليب لفت الانتباه الجنسي غير المرغوبة هذه مقبولة وطبيعية!

- الفتيات اليوم تحت السكين لملاحقة جمال غير واقعي.

من إحدى مشاكل الإباحية أنها لا تعرض الواقع بدقة؛ حيث يظهر الرجال أقوياء ومهيمنون، ويتم تصوير النساء أنهن في غاية الجمال، وهذا يمكنه حقا قتل الثقة بالنفس لدى كلٍّ من الصبيان والفتيات، خاصة في الوقت الذي يسود فيه ضغط الظهور بشكل معين بينهم.

في تقرير صادم ظهر بأن بين عام 2013 و 2016 زادت نسبة عمليات رأب الشفرين أكثر من 100% – وهي عملية تجميلية يتم فيها تغيير شكل الشفرين وهما الثنيات الداخلية والخارجية للمهبل-. ليس ذلك فحسب، فقد زادت أعداد المريضات اللواتي لم يبلغن عمر الثامنة عشرة من 158 فتاة في عام 2013 إلى 559 فتاة في عام 2016 ؛ أي بمعدل زيادة  تبلغ 253.8%. نعتقد أنه تفكير سليم لفرض أن ثقافة الإباحية كان لها الدور الأكبر في هذه الزيادة.

- يكافح الشباب من أجل الوصول إلى الإثارة عند ممارستهم مع شركائهم في الحياة الواقعية.

إن الضعف الجنسي يأخذ بالازدياد بين الرجال أقل من عمر 40، ومع الدراسات المتنامية التي تظهر العلاقة بين الإباحية والضعف الجنسي يقع اللوم على المواقع الإباحية في هذا. لكن الإباحية تتخلى عن الناس الذين يرغبون بالمزيد؛ إنها تجعل الرجال غير راضيين عن أدائهم عندما يمارسون الجنس في حياتهم الواقعية، وهذا بدوره يساهم في التسبب بالقلق والاكتئاب لديهم.

كافح لجعل ثقافة الإباحية غير طبيعية

إننا نكافح ضد جعل الإباحية وكل المشاكل التي تصاحبها أمورا طبيعية واعتيادية؛ لأن العنف ليس مثيرًا جنسيا، والتحرش غير مقبول، والانتقام الإباحي مؤذي، والاعتداء سام!

فكلَّما تقبّلنا ثقافة الإباحية كأمر طبيعي كنا أكثر تقبُّلا للثقافات التي تدعمها مثل ثقافة الاغتصاب والاعتداء الجنسي، والعنف. لقد حان الوقت للناس بأن يطوّروا عادات صحية تستمرُّ معهم طيلة حياتهم، لأن شباب اليوم هم جيل المستقبل الذي سيسير على نهجنا، ويربي الجيل الذي يأتي بعده، نحن لا نريد تقبّل الإباحية كأمر طبيعي. إننا نكافح من أجل الحب الحقيقي وتغيير هذا الحوار.


  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ.محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 11 يونيو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 205

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك