ثلاثة طرق للإباحية تُؤذي بها الرجال وتُؤجِّج فيهم عدم الشعور بالثقة

دعونا نُوجِّه انتباهنا للطرق التي من خلالها تُؤثِّر الإباحية في الرجال من حيث التقليل من قدْرهم و تجعلهم ضحايا بشكل خاص.
A+ A-

دعونا نُوجِّه انتباهنا للطرق التي من خلالها تُؤثِّر الإباحية في الرجال من حيث التقليل من قدْرهم و تجعلهم ضحايا بشكل خاص. وهنا بعض الطرق التي تُؤذي فيها الإباحية الرجال وتستغلُّ فيهم عدم الأمان المصاحب لعدم الشعور بالثقة.

هناك الكثير من المعلومات المرتبطة باستغلال صناعة الإباحية للنساء، فهي تُغذِّي الاتجار بالنساء والفتيات (بقصد الجنس) حول العالم، وتقوم على تجسيد المرأة (بمعنى التفكير بالمرأة كأداة للجنس فقط)، ولايهتم المحتوى الإباحي السائد بما إذا كانت المرأة تستمتع بهذا الفعل أم لا، وبمحتوى  يكاد لا يصل إلى النصف فيما يتم عرضه. (بمعنى أن الإباحية تُروِّج للنساء على أنهم أداة للجنس فقط وأن وظيفتهن إرضاء الرجال جنسيًّا فقط).

التقليل من قدر المرأة الناتج عن صناعة الإباحية يتم إعطاؤه أهمية كبيرة في مواردنا؛ لأن ذلك يرتبط بالحديث عن شمولية الأضرار المرتبطة بالإباحية. ولكن الأبحاث كانت واضحة بأن أضرار الإباحية ليس لها أيُّ تمييز بناءً على الجنس والنّوع (ذكر أو أنثى) والعمر والحجم أو أي عامل مرتبط بالتنويع.

فلنأخذ بعين الاعتبار ما أورده المتخصِّص في برنامج الاتجار بالأطفال بقصد الجنس في المركز الوطني للأطفال المفقودين والمُستغَلّين جنسيًّا عن عدد الحالات التي تم الإبلاغ عنها لحالات اتِّجار بالأطفال، أنه قد قفز من لا شيء تقريباً إلى %7 بمجموعها في عام 2020. أظهرت هذه الدراسات كيف تُغذِّي الإباحية الاستغلال الجنسي للرجال وكذلك الأطفال.

وبعيداً عن هذا الاستغلال للحظة واحدة، ما يجب أن يَلفت انتباهنا بعض الطُّرق التي تحطُّ من خلالها الإباحية من قَدر الرجال وتَجعل منهم ضحايا على مستوى العلاقة والعاطفة.

إليكم بعض الطرق  والتي تُؤذي من خلالها الإباحية الرجال على وجه الخصوص، ويتم فيها استغلال عدم شعورهم بالأمان: 

- الإباحية تُعزِّز بطريقة سلبية شعور عدم الأمان للرجال تجاه أجسادهم.

من المعروف أن الإباحية تُروِّج لصور ومقاطع فيديو للنساء  يحملون معايير جمال جسدية لحد الكمال لا يمكن بلوغها. وهذا يُعدُّ غير واقعي، ويُساهم في تعزيز النظرة الدونية للجسد، والتقليل من احترام الذات للنساء المرتبطات برجال يشاهدون الإباحية.

الإباحية تُروِّج لمعايير غير واقعية عندما يتعلق الأمر بالمظهر الخارجي للرجل ناهيك عن الأداء الجنسي.

إنها غير واضحة تماماً ولكنها حقيقية . وهذا بشكل خاص صحيح عندما يتعلق الأمر بالأعضاء الخاصة للرجال.

إليكم هذه المعلومة: قُدّر أنه عند كل محاولة بحث خلال الإنترنت تتم من نساء حول الأعضاء الخاصة لأزواجهن، الرجال يقومون بـ 170 في المقابل لأعضائهم الخاصة هم أنفسهم.

في العقد السابق، عدد الرجال الذين حصلوا على  عمليات لتكبير العضو الذكري (تكبير القضيب) انتقلت من عدد غير مثير للاهتمام إلى عدد مثير للقلق.

على الرغم أنّ هذا الإجراء ليس له تأثير كبير، إلاّ أن الرّجال على استعداد للخضوع لعملية تُؤدِّي إلى بتر الرباط الواصل بين القضيب وعظم العانة ( والذي من الممكن أن يجعل حتى الانتصاب الطبيعي مؤلمًا)…لماذا؟ لأن الإباحية المنتشرة تُظهر الرجال بأعضائهم الخاصة بشكل أكبر يفوق المعدل. ولذلك فإن الرجال ضمن هذا النطاق من الحجم الطبيعي للعضو الذكري يبدؤون بالاعتقاد بعدم الرضا عن حجم ما يملكون.

في العالم الافتراضي كل رجل في الإباحية يبدو وكأنه يملك عضوًا ذكريًّا ضخمًا، ويحافظ على الانتصاب بمعدل من الوقت يكاد يكون غير موجود عند البشر،  ويُرضي النّساء بغض النظر عن الظروف حتى لو تضمّن ذلك عنفاً.

والكلمة الفصل في هذا الموضوع تبدو أن هناك في أغلب الأوقات تقنيات حاسوبية للتعديل، وألعاب جنسية بشكل العضو الذكري ناهيك عن أدوية تحسّن الانتصاب وراء كل هذه المشاهد، وممثلات في صناعة الإباحية احترفن ادّعاء المتعة، والشخص الذي يُشاهد كل هذا الخِداع يظنُّ أنه إن لم يتمتع بهذا الوصف، فإنه خارج المنافسة.

ولعل هذا النوع من الدروس المشوّهة على الأغلب تترك الرجال يُصارعون عدم الشعور بالثقة والخزي والخوف حتى لو حاولوا إخفاء ذلك جيداً، وأظهروه بين محركات البحث على الإنترنت فقط.

- بالرغم من النظرة النمطية بأن "الرجال يُريدون الجنس فقط"، فإن الإباحية تترك مستهلكيها بدون حميمية عاطفية.

من الشائع كنوع من المزاح لدى الرجال تفضيل الإباحية على العلاقات العاطفية؛ لأن هذا الإشباع الجنسي هو فوري وغير نهائي وبدون جهد يُذكر وبعيد عن خطر الحمْل والأمراض المنقولة جنسيًّا.

ولكن هذه الممازحة المدعومة من وسائل الإعلام الحالية تتستّر على حقيقة أن الرجال بحاجة لأكثر من سيناريو "إثارة الشهوة وإطفائها بكبسة زر" مرة تلو الأخرى.

في الحقيقة، التعوُّد على مشاهدة الإباحية يُغذِّي الوحدة والاكتئاب عند مستهلكيها، بما في ذلك الرجال.

العديد من الدراسات التي تم مراجعتها من خلال جهد مشترك من خبراء في نفس المجال وجدت رابطًا بين استهلاك الإباحية وآثارها على الصحة العقلية مثل الاكتئاب والتوتر والوحدة وقلة الرضا عن الحياة والتقدير المتدنّي للذات والصحة العقلية عموماً. وجدت هذه الدراسات أن هذه الروابط تكون قوية بشكل خاص عند استهلاك الإباحية بالتزامُن مع محاولة الهروب من العواطف السلبية، وعندما يصبح استهلاك الإباحية مكثَّفًا وقهريًّا أيضاً. وبحسب دراسة أخرى أُجريت في الولايات المتحدة، وجد الباحثون ترابطًا ملحوظًا ثنائي الاتجاه بين الإباحية والوحدة، دفعتهم للاستنتاج بأن:

"هذه النتائج كشفت أن العلاقة بين الوحدة ومشاهدة الإباحية حقيقية وملحوظة…هؤلاء الذين شاهدوا الإباحية كانوا أكثر ميلاً للمعاناة من الوحدة، وهؤلاء الذين يُعانون من الوحدة كانوا أكثر ميلاً لمشاهدة الإباحية. وخلاصة هذه الدراسة تتوافق مع الأبحاث التي تربط بين الإباحية والأثر السلبي لاستخدامها"

ونتلقى قصة تلو الأخرى لشباب (وشابّات) وجدوا السعادة الحقيقة والرضا والتخلُّص من الاكتئاب بالابتعاد عن الإباحية وإقامة علاقات صحية مع أُناس يهتمون لأمرهم والتي لم يكن بالإمكان إقامتها في السابق.

- الإباحية تُساهم في فهم غير صحِّي للذكورة.

الأكاذيب المتعلقة بالإباحية من الممكن أن تملأ مكتبة كاملة. دعونا نناقش إحدى هذه الأكاذيب الموجَّهة للرجال.

أحد أضخم الأكاذيب وأعمقها في مواضيع الإباحية التي بُنيت للرجال هي : أنت فقط ذو قيمة عندما تملك القدرة على التحكم بالآخرين وتكون عدائيًّا أيضًا. هذا ما يعني كونك "رجلاً".

لا نريدك أن تُسيء الظن فيما نقول هنا، الدوران غير الصحِّي حول معنى الذكورة لا يُمثّل بالضرورة مفهوم "الذكورة" بحد ذاته، ولكنه نسخة مشوّهة جدًّا فيها هوس التحكم والسيطرة على الطرف الآخر. هل ترى الفرق؟

وكما تَحصر الإباحية النظرة للنساء كأدوات للمتعة، كذلك الإباحية تحصر النظرة للرجال على أدوات للسُّلطة والهيمنة. فهي تقول: أن الرجال هم "رجال" فقط عندما يفرضون بنجاح على الآخرين الخضوع والتحكم بسلوكهم واستجابتهم والتحكم بمتعة مَن حولهم، خصوصاً النساء.

الإباحية دائما تُعتبر ضربًا من ضروب الخيال والوهم الخادع، ولذلك فهي تخدم الرجال على نحو سيّء بإعطائهم مثالًا غير صحّي للنّظر إليه. ومن المهم الأخذ بعين الاعتبار كمية الانحطاط والتجسيد ( بمعنى النظر للجسد كأداة للجنس فقط) المرتبط بهذا الوهم. ولذلك فالربط بين قيمة الرجل من خلال السلطة هو ربط مشوَّه وتقييم غير عادل لماهية الرجولة. فالقيادة هي سمة وفطرة جميلة وسليمة في الرجال، وهي من الصفات التي من الممكن تعزيزها عند الرجال والنساء على حد سواء، ولكن القيادة هي نقيض الهيمنة التي تشجّع عليها الإباحية، وهذه (القيادة) واحدة من العناصر المهمة للمفهوم الصحِّي للذكورة.

النتائج الوخيمة للنسخة المشوَّهة من الذكورة والتي تُعرض في الإباحية هو أن الأولاد بعمر الثامنة، وعلى عتبات الرجولة يتم تعليمهم من خلال مشاهدة ساعات من الإباحية وليس من خلال مقاعد الدراسة تعليماً مفاده أن هوِّيتهم الذكورية هي في مسار واحد.

لأن الإباحية تتجاهل هذه الطبيعة المدهشة ذات الأوجه المتعددة؛ لكوننا قادرين على الإبداع واللطف والتعاطف والحب. والمفارقة الساخرة والسوداوية من هذا؟ هذه هي السمات التي غالباً يبحث عنها الشريك الرومانسي، وليس العنف الجنسي الذي تُروِّج له الإباحية.

الرجال يستحقون ما هو أفضل من الإباحية.

تحت تأثير الإباحية، الأشخاص بسهولة يُمكنهم حصر أفضل ما عندهم تحت بُعدٍ واحد وإهمال باقي الأبعاد وذلك يجعلهم أقل أماناً في الحقيقة، وأقل رضا في حياتهم اليومية بشكل عام. نحن نثق بإمكانية الرجال وقدراتهم أكثر مما تفعل صناعة الإباحية، ونقاتل لأجلهم أيضاً.

كل شخص -ومن ضمنهم الرجال- يستحقون الأفضل لعقولهم وقلوبهم وأجسامهم، وهذا من المستحيل على الإباحية أن تُلهمه فيهم أو تقدمه لهم، فالإباحية هي القمامة، وأنت تستحق الأفضل بغضِّ النظر عن كونك رجلاً أو لا.

  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: خليل حامد
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 18 سبتمبر 2022
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 89

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك