كدت أن أَمْتَهِن صناعة الإباحية لأني اعتقدت أنها كسْبٌ سهل !
تواصلت معنا إحدى النساء لتشاركنا سبب تراجعها عن مهنة صناعة الإباحية بعد أن أوشكت على اتخاذها مهنة لها ، و من تجربتها نرى أن عالم الإباحية ليس ساحرًا و ممتعًا كما يبدو على الشاشة .
هذا ما قدمته الإباحية لي !
لقد جعلتني أشعر بالخجل من نفسي ؛ لأنني لم أكن أمتلك الثقة لإيذاء الرجال ، أو إذلالهم من أجل المال !
تحذير: تحتوي هذه المقالة على شيء من الوصف للعنف ؛ فلينتبه القارئ .
يتواصل جمعٌ كبيرٌ من الناس مع موقعنا ليشاركوا قَصصهم مع الإباحية و كيف أثّرت على حياتهم أو حياة عزيز عليهم ، و نحن نقدر ذلك كثيرًا ؛ لأن الدراسات - مع ما فيها من علمٍ رصين في ذاته - لا تُضاهي قصص أشخاص عايشوا ذلك الواقع ، فهي تصيبُ كبد الحقيقة ! حقيقة الخراب الذي تخلّفه الإباحية على حياة متابعيها .
تواصلت معنا إحدى النساء لتشاركنا سبب تراجعها عن مهنة صناعة الإباحية بعد أن أوشكت على اتخاذها مهنة لها ، و من تجربتها نرى أن عالم الإباحية ليس ساحرًا و ممتعًا كما يبدو على الشاشة .
" أحيي جهدكم و أشكركم أولًا "
أردت مشاركة قصتي ؛ لأضم صوتي إلى أصوات الكثيرين الذين شاركوا قصصهم على موقعكم ، عن تأثير المواد الإباحية على نظرتهم لأنفسهم ، و للجنس ، و لحياتهم عمومًا .
يمكنكم نشرها إذا رغبتم في ذلك ، على ألا تُعرف هُويّتي .
طفولة عوّقتها التقنية:
لا أستطيع - حتى - أن أتذكر أول مرة عرفت فيها الإباحية مثل الكثير في هذا الزمن ، و كان والداي منغمسَيْن في عالم التقنية ، و يستميلهما الخوض مباشرة في الجديد منها ، دون التفكير في أي عواقب محتملة .
و كان لدي حاسوبًا في غرفتي منذ صغري ، و سمحا لي باستخدام الإنترنت - دون قيود - منذ ظهوره ، ولم أمُرّ أبدًا بأي استغلال جنسيّ عبر الإنترنت الذي نخافه جميعًا ، لكن كثيرًا ما تعرضْتُ لمحتويات الإباحية و العنف ، وكثيرًا ما اجتمعا .
كنت طفلةً فضوليّةً ، و لم أكن قادرة على ضبط نفسي لأدفع عن نفسي الضرر الذي تسببه هذه الصور .
رأيت صورًا للموتى و القتَلة ، و مظاهر للوحشية والتعذيب ، و كان الكثير منها عبارة عن صور ذات طبيعة صادمة ، و كان كثيرًا ما يخالطها الإباحية .
و قد شعرت بخجل شديد لسنواتٍ بسبب هذه الصور ، شعرت أنني قمت بعمل فظيع لأنني شاهدتهم ، و أنهم سيظلون وصمة عار عليّ إلى الأبد .
أدرك الآن أنه عندما كنت طفلة = لم يكن لديّ أيّ تحكّم بطبيعة الإدمان لهذا النوع من الصدمات النفسية ، وأن هذه كانت مشكلة شائعة بين من هم في سني ، وأن عددًا - لا يحصى - منهم أُصيبوا بصدمة نفسية بسبب تساهل آبائهم ، أو أصدقائهم في المدرسة ، الذين عرضوا عليهم تلك المشاهد ذات الطبيعة الصادمة ، أو بسبب أنهم رغبوا في أن يكونوا مذهلين في عيون الأصدقاء الذين يباهون بعدم تأثرهم بتلك الصور !
أَعلم أن هذه الصور تلازم الآلاف من الناس ، وآمُل أن يعرفوا أنه ليس ذنبهم .
و كان يوجد - أيضًا - الكثير من المواد الإباحية العاديّة في حياتي .
الإباحية قبل الإنترنت و بعده:
قبل الإنترنت ، كانت لوالدي مجموعة من المجلات الإباحية ، و مشاهد محفوظة كمفضلة له هنا و هناك في القنوات على التلفزيون الذي في غرفة نومه ، أما بعد الإنترنت طبعًا أصبحت مجانية للعامة .
أكثر ما أتذكره هو استغلال الضعيف !
كان الجنس يتمحور حول متعة الرجل ، و لم تكن هناك أي مداعبة ، و احتجت إلى متابعة مقاطع فيديو أكثر غرابة و أكثر تطرفًا ؛ لأصل للإشباع الجنسي .
أتذكر - منذ بداية تعرضي للإباحية - شعوري بالخجل الشديد تُجَاه الجنس ، كما لو كنت أُراقَب دائمًا ، و أن عليّ أن أخفي ما أفعله .
لقد تبنّيت عادة التكتم عن جانب حياتي الجنسي ، و حافظت على سرّيته و ستره و أمانه قدر الإمكان ، ولم يبدو هذا متّفقًا مع الفكرة التي روّجَتها المواد الإباحية بأنه : كلما علا صوت المرأة أثناء الجنس ، شعرت بالمتعة وأرضت زوجها أكثر ، وهذا سبب آخر لشعوري بالدونية لسنوات و سنوات ، و كله بفضل الأخت الإباحية .
و لطالما سمّوني بـ الملتزمة ، فقد خجلت من نفسي كثيرًا ؛ لأن أصدقائي جميعهم خاضوا الجنس قبلي ، مع أناس كُثر، ويبدو أنهم يستمتعون بها أكثر ، و حاولت تجربة الجنس بطريقة عابرة ، لكن حدث أن كان محرجًا أكثر من كونه مثيرًا ، و دائمًا ما كان ينتهي بي الأمر إلى أن أشعر بالخجل .
شعرت بشيء داخلي يقاوم استغلال نفسي و جسدي ، لكن الإباحية - التي برمجت عقلي - أخبرتني بخلاف ذلك ، و بصوت عالٍ أخبرتني : أن خوض الجنس مباشرة ، و دون وقاية - إذا أراد الرجل ذلك - طريقة لجعله يحبني ، أو على الأقل يرغب بي .
أخبرني رجل ذات مرة أثناء العلاقة ، أنه لا سبيل له لبلوغ هزة الجماع من خلال الجنس و حسب ، ولما علم أنه لن ينال ذلك توقف و نام ، فشعرت بالإهانة و الحَيْرة ، حتى أخبرني أنه يشاهد الأفلام الإباحية كثيرًا لدرجة أن الجنس الطبيعي لا يشعره بالرضا .
لم يهمني معرفة ما يحتاجه مني لأرضيه ، و لكن لاحقًا أخبرني كيف كانت امرأة له تحب أن يتظاهر باقتحام منزلها و اغتصابها !
هذا ما علمته الإباحية أن يشتهيه .
اصطدامي بصناعة الإباحية :
كنت أعيش في لوسَ أنجلوسَ ، و في تلك المدينة - ذات الطابع الجنسيّ المفرط للغاية - كانت لي صولات وجولات لا بأس بها مع صناعة الإباحية .
كان أول عمل لي مع وكالة مؤقتة ، أجرت لي مقابلة مع شركة تنتج أقراص إباحية DVD ، و كانت مهمتي تحرير و تعديل أغلفة الـ DVD بالفوتوشوب ، و في ذلك الحين شعرت أنه سيكون عملًا رائعًا و متناهيًا في الروعة ، و قد جعلني ذلك العمل أفكر : لماذا لا أعمل في صناعة تناسب البالغين ؟ ألم يحن الوقت لأكفّ عن الحياء ؟
و من بين أنواع الوظائف بدأت أبحث عن وظيفة في مواقع العمل من تصنيف البالغين ؛ بُغية كسب المال بيسر و سهولة ، و أخبرت نفسي منذ البداية أنني لن أفعل أبدًا أي شيء يتخلله سلوكيات جنسية أو مواد إباحية .
و لو أني اخترت هذه الطريق ؛ لكنتُ رمزًا خالدًا للممثلة الإباحية الكُفء !
كنت سأقول - بفخر- أنني امرأة متعلمة ، جامعية ، شقراء ، من الطبقة المتوسطّة العليا ، و تمكّنت من اتخاذ القرار - الواعي - بأن أكون في صناعة الإباحية ؛ لأنني احتفيت بحياتي الجنسية عوضًا عن الخجل منها .
و لاحظْتُ حينئذٍ تعريضًا عما أفهمه تمامًا الآن ، و هو : لو أني ركنت لهذا الخيار؛ لما كان خيارًا منبعهُ القوّة و التّمكين ؛ بل خيارًا منشؤه العار !
و ذلك ضربٌ فريدٌ من ضروب العارِ، استحدثته الإباحية .
فقد جعلتني أشعر بعدم القيمة ؛ لأنني أرفض استغلال نفسي ، و كان هذا الاختيار سيلازمني طيلة حياتي .
و الحمد لله ، أنقذني نداء العقل الرزين في داخلي ..
و إنكاري لأن أكون مادةً للتصوير ؛ انتشلني من هذا المصير، إلا أنني فكّرت في خيارات واسعة جدًا من أعمال صناعة الترفيه الأخرى ، و شرعت في ترجيح مضارّ و منافع ، كوني سأصبح فتاة الكاميرا الخجولة .
و نشر جمعٌ من الرجال إعلاناتٍ على هذه المواقع ، عن شخصياتٍ جنسيةٍ جسّدوها في خيالهم ، و منها أن أحد الرجال كان يبحث عن امرأة لتكون مساعدته في العمل في منزله ، و كان عليها أن ترتدي تنورة قصيرة ، و حذاء بكعب عالي ، و جوارب طويلة شفّافة للعمل .
و لقد خرجت بالفعل و اشتريت بعض الجوارب الطويلة ، و ارتديتها مع أقصر بنطال و أعلى كعب عندي ، و اعتزمت الخروج قبل إلغاء المقابلة .
و بالنظر لما فات ، أدركُ الآن أني كنت على صواب حين اتبعت إحساسي ( أي أنها تراجعت عن العمل ) فسرعان ما كان سيتحول هذا الرجل من موظِّفي إلى مغتصبي .
مصادفتي لعالم السلوكيّات العبودية ، و الهيمنة ، و السادية ، و المازوخية الجنسيّة أو الـ BDSM :
مصادفتي الأخيرة لهذه الصناعة كانت بعد رؤيةِ إعلانٍ لشرِكةٍ توظّف النساء ليكنّ ساديّات مسيطرات على شركائهن ، و أتاحوا تدريب أي امرأة بشرط أن تكون سيدة مسيطرة ، و تعهّدوا براتب سخيّ لها للغاية ، و بنفسٍ أعماها الفضول ؛ تقدمت بطلب التوظيف .
دلني على الطريق رجل ذو عضلات ، طويل القامة ، محلوق الرأس ، أخذني إلى زنزانة إنارتها خافتة ، و بها غرف تفوح منها رائحة المنظّفات القويّة ، و مليئة بسياط من الجلد و كراتين من المعدات المكتبية ، ثم أغلق باب غرفة النوم بعد دخولنا وبدأ في شرح تفاصيل الوظيفة .
لقد كان صريحًا جدًا و شارد الذهن و هو يصف ما يفعله موظفوه لعملائهم ، وصف كيف كانوا يعذّبونهم ويهينونهم ، و كيف كان العملاء - غالبًا - رجالًا أثرياء و أقوياء و مشاهير، يتلذذون بالإهانة ؛ لأنهم كانوا دائمًا المهيمنين في جانب حياتهم الشخصيّ و المهنيّ .
ثم وصف ما فعلته ثلاث من السيدات لرجل في الحمام - الذي كان أمامي مباشرة - يوم أمس .
و باختصار، لم يقبل بي ، إذ قال لي : ليس الأمر في المظهر، بل في السلوك و الثقة ، إذا رآكِ الرجال تتهاونين ، فإنكِ تفسدين عليهم خيالهم !
طلبت منه أن يمنحني فرصة ، أن يعلمني ، لكنّه قادني إلى الباب حيث تلاشى حلمي بالمكسب اليسير و اللقاء بالمشاهير، و شعرت بالخجل الشديد بسبب استحيائي الذي كلّفني هذه الفرصة
هذا ما فعلته الإباحية بي .
لقد أخجلتني من نفسي لأنني لم أكن أمتلك الثقة لإيذاء أو إذلال الرجال من أجل المال ، و قد توقفت عن مشاهدة الأفلام الإباحية تمامًا بعد بضع سنوات ، و طويتها مع صفحات الماضي بلا عودة .
ما ظفرت به حين تركت مشاهدة الأفلام الإباحية :
كان أكبر ما دفعني لتركها ؛ الأثر الذي تركه زوجي الحاليّ في نفسي ، إذ صارحني بأسباب تركه مشاهدة الأفلام ، و قد فاجأتني حقيقة أنه : يوجد امرؤٌ على هذه الأرض قال بأنه لا يشاهد الأفلام الإباحية ( و هو يعني ذلك حقًّا ) .
و قد أبصرت للمرة الأولى أنه لم يكن عليّ أن أكون تلك المشاهِدة الغافلة ، و أدركت أنني لا أحتاجها لأكتفي جنسيًا ، و أنه لم يكن عليّ مقارنة أدائي الجنسي بأداء الممثلات على الشاشة ، و أنا راضية جدًا بذلك ، و لم أعد أخجل من رغبتي الفطريّة في ستر نفسي .
و أنا على يقين بأنني سأكون أشدّ حرصًا على وقاية أطفالي مما كان عليه والداي ، و أنا شاكرة لوجود مؤسسات مثل مؤسستكم ، التي تكشف حقيقة الخراب الذي تسببه المواد الإباحية على الأطفال و مجتمعنا .
استغلال حقيقي لأناس في الواقع :
التمثيل في الإباحية ليس وظيفة عاديّة .
فكّر بها هكذا : لا وجود لوظيفة أو مهنة أو صناعةٍ تستبيح العنف الذي هو قوام صناعة الإباحية سواها !
و أعيد : من الناس من لا يملك تمام الحرية في الاختيار .
يدخل بعض الممثلون تلك الصناعة بسبب الاحتياج المادّي و الظروف القهريّة ، مما تجبرهم على تقبل ما لن يقبلوه بفطرتهم .
و هذا ليس عذرًا ، إلا لقلةٍ قليلةٍ مُكرهة حقًّا ، فمن الناس من استعبدته الإباحية و تمكّنت منه ، حتى إذا أُتيحت له فرص العمل ؛ استساغها و هو مُغيّب العقل تمامًا ، و هذا كان حال كاتبة الرسالة قبل أن تستعيد رشدها .
و إنّ من الناس من يسعى إلى تحصيل عمل أدنى من المبتغى بدافع الاحتياج المادي ، لكن هل يعني ذلك الرضا بما تتطلبه صناعة الإباحية - على ما يبدو - كالاغتصاب بالغ العنف أو الاستغلال الجنسي من أجل أن يدفع المرء إيجار بيته ؟
فعادةً ما يكون المال هو الباعث الأقوى لدخول الناس صناعة الإباحية !
و قد يواجه الممثلون التعنيف الجسديّ و اللفظيّ و الاغتصاب و الإدمان في تلك الصناعة ، و لكنهم يصمتون ؛ لأنهم يخشون التفريط في الراتب و هم في أمَسّ الحاجة إليه .
إنّ الإكراه : هو أنْ يُجبر المرء بسبب إنسان آخر ، أو ظرفٍ معينٍ ، على أن يسلك طريقًا قد لا يختارها إن أتيحت له فرصة الاختيار، و ذلك مما يجب فهمه لمعرفة كيف يحصل الاستغلال و الإتجار بالبشر في تلك الصناعة .
فإن من ممثلي الإباحية من يلتحق بأمور الإتّجار في هذه الصناعة بسبب الظروف القهرية ، في حين أن منهم من يُتّجر به فيها قسرًا .
و أتدري أشد ما قد يسوؤك في ذلك ؟
يستحيل على مشاهدي الإباحية معرفة ما إذا كانوا يشجّعون بمشاهدتهم على الاستغلال الجنسيّ أم لا .
و نحن لا نزعم بأن الإباحية كلها تقوم على الإجبار، و لكننا نريد أن نوصل للأذهان حقيقة أنه يستحيل في أكثر الأحوال معرفة : هل الإباحية التي يشاهدها مستعمِلُها ، تُصوَّر بالتراضي أم بالإكراه ؟
الحصول على رابط مختصر :
المصادر
- I Almost Did Porn Because I Thought It’d Be Easy Money الدخول للمصدر