من قال لك أن الإباحية التي تشاهدها تُصوَّر بالتراضي بين ممثليها؟

يفترض مستهلكي الإباحية -في كثير من الأحيان- أنه طالما ظهر أحدٌ ما في ڤيديو إباحيّ؛ فهو راضٍ عن ذلك، ولكن المشاهدين لا يرون تلك الاتفاقية بالتراضي، أليس كذلك ؟
A+ A-

يفترض مستهلكي الإباحية -في كثير من الأحيان- أنه طالما ظهر أحدٌ ما في ڤيديو إباحيّ؛ فهو راضٍ عن ذلك، ولكن المشاهدين لا يرون تلك الاتفاقية بالتراضي، أليس كذلك ؟

يتصدر موضوع التراضي بين الطرفين الكثير من  المحادثات حول العلاقات والجنس، والآن الإباحية.

منذ بداية حركة MeToo في عام 2017؛ تحدث الكثير من الناجين من الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها الرجال ذوي السلطة، وأفصحوا عن المكتوم، والآن المجتمعات المهووسة بالعلاقات الجنسية والإباحية تبحث في حقيقة ماهية الموافقة!

وهذه منطقة شائكة الآن، خصوصًا في عالم الإباحية، فكثيرًا ما يفترض مستهلكها أنه طالما هناك شخصٌ ظهر في الإباحية؛ إذًا فهو موافق على وجوده!

ولكننا لا نرى كيف تمت عملية الموافقة أو التراضي هذه، أليس كذلك ؟

هناك شيء يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار: ماذا إذا لم يكن هذا التراضي يحدث في الحقيقة؟

وحتى لو حدثت هذه الاتفاقية بالتراضي ووُثِّقَت قبل أخذ اللقطات، ماذا لو أن هذه الاتفاقية نُقضت أثناء أخذها؟ هل هناك نظام إبلاغ موضوع لأجل هذه الحالة؟ وهل هناك تأمين لهؤلاء الممثلين الذين أبلغوا؟

للأسف، الاعتداء في عالم صناعة الإباحية منتشر بطريقة لا تُصَدَّق.

وعندما تنظر عن قرب؛ تجد أنه لا يوجد أي نظام للإبلاغ -فعليًا- عن تلك الاعتداءات بطريقة تجعل المعتدين مُدانين ومسؤولين مع الحفاظ على سلامة الضحايا من الممثلين، هل تدري ما الأسوأ من ذلك؟ هؤلاء الذين يقدمون بلاغ وتقرير علني، ويتحدثون عن الإساءة التي تعرضوا لها؛ يُنبذون ويُهددون، أو يُطردون، وقد يتعرضون للمزيد من الأذى.

بالإضافة إلي ذلك؛ يكافح الكثير من الممثلين ليجدوا عملًا لائقًا خارج صناعة الإباحية؛ بسبب وصمة العار التي لحقت بهم في عملهم الإباحي، ويُعاقَب هؤلاء الممثلين داخل وخارج الصناعة، ويبقى المتهمون في ارتكاب هذه الجرائم أحرارًا، وتدور الدائرة مجددًا.

تعريف التراضي:

إليك بعض الأسئلة التي يستطيع كل مستهلك للإباحية أن يسألها مستفسرًا عمَّا إذا كانت الإباحية تُصوَّر بالتراضي فعلًا:

• هل يوافق جميع الأشخاص في الڤيديو الإباحيّ على ممارسة الجنس أمام الكاميرا، وتأدية الحركات المُوضَّحة لهم؟

• هل المرأة التي تُصوّر وهي تتعرض لسلوكيات جنسيةٍ عنيفة، على علم بها حقًا وراضية عن ذلك، أم أنّ هذا مفاجئًا لها؟

• هل الرجل الذي يُصوّر أيضًا وهو يتعرض لسلوكيات جنسيةٍ عنيفة، يعلم بهذا وراضٍ عنه؟

• ماذا لو كان الزوجان في العلاقة موافقين على تصوير نفسيهما، ولكن أحدهما لا يعلم أن الطرف الآخر سيقوم بنشره على الإنترنت؟

• لو كانت هناك موافقة مبدئية، هل كل شخصٍ يُصوّر يملك خيار إيقاف المشهد في الوقت الذي يريده دون أن يخاف عواقب فعله ذلك؟

لنعد ونتحدث عن ماهية التراضي .. على الرغم من أنّ التعريف الشرعيّ مُتغيّر حسب الموقع والظروف، إلا أنه اتفاقٌ متبادل، ويمكن أن يتوقف في أي وقت. والموافقة هنا لا تشمل الموافقة المعطاة من شخص قاصر مخمور مُكرَه مخدوع مغصوب، وهذه المبادئ تنطبق -أيضًا- على  نشر المحتوى الجنسي.

وباعتبار ذلك، فأيُّ شخصٍ لديه موافقة فعلية؛ يملك الخيار لتغيير رأيه في أي وقت، حتى لو وقّع عقدًا وقال نعم وبدأ بتصوير المشهد، لكن هذا ليس الحال في عالم الإباحية.

والموافقة -هنا- مجازية فقط، بمعنى أنه بمجرد أنّ الشخص قال نعم لمشهد جنسي واحد؛ لا يعني أنه وافق أو قام بتوقيع اتفاقية علي كلِّ شيء، كما أنّ الموافقة لا تكون قانونية وشرعية إلا إذا كانت تتم بمحض الإرادة و تنتهي بمحض الإرادة، بلا ضغطٍ أو مساومةٍ أو إكراه أو تهديد.

هل فهمت ما نتحدث عنه؟ 

من المهم أن تعرف أن الموافقة الحقيقية يمكن أن يُتراجع عنها في أي وقت، إلا أن كثيرًا من ممثلي الأدوار؛ يتعيَّن عليهم التوقيع على العقود قبل التقاط اللقطات، مما يجعل إلغاء العقد صعبًا حتى لو أصبح الموقف غير مريحٍ أو خطير.

وهل تعد كلمة "نعم" صالحة إذا لم تكن "لا" خيارًا آمنًا؟ 

إن حقيقة أنهم قد لا يحصلون على أجورهم، أو أن سمعة صناعتهم سوف تُدمّر -لو قرروا التراجع في منتصف المشهد؛ عنصر من عناصر الإكراه الذي يُبطِل موافقتهم في المقام الأول، ويمكن تعريفها قانونيًّا أنها: شكل من أشكال الإتجار بالجنس.

مفهوم الموافقة يسير جدًا، ولكنه في الواقع أكثر تعقيدًا، فالبعض أحيانا يقول شيئًا ولكنه يعني شيئًا آخر!

(معلومة مهمة: الجنس هو وقتٌ ومكانٌ للتواصل الواضح، و في عالم صناعة الإباحية - حيث الاعتداء الجنسي يُروَج له؛ يصبح الأمر أكثر وأكثر تعقيدًا.


أين التراضي والاتفاق في عالم الإباحية؟

ضع في اعتبارك أنه لا يوجد طريقة واضحة لمعرفة حقيقة ما إذا كان المشاركون في الڤيديو الإباحي موافقون على  تصويره أم لا.

إذا عرضت مشاهد العنف في أفلام هوليوود؛ يعلمُ المُشاهِد حينها أنها كُتِبت ضمن النص أو أنها وهمية، ولكن في الإباحية كل شئ حقيقي!

في كثير من الأحيان، يتعرض الممثل لاعتداءات في المشهد أمام الكاميرا، وفي الواقع هذه ليست خدعة من الكاميرا أو قتال مفبرك!

إن الدم الذي تراه، والكدمات والدموع والإصابات؛ في كثير من الأوقات حقيقية، وبالنسبة لبعض المشاهدين هو الجزء الذي يجذبهم في الإباحية العنيفة! فهل من سامع وعارف يتّعظ!

منذ فترةٍ ليست ببعيدة كان هناك غضب عارم إثر كشف أمر أحد منتجي الأفلام، إذ قام بعدم حفظ حقوق الممثلة، أو حتى طلب الموافقة منها قبل تصويرها في مشهد اغتصاب لم يكن مكتوبًا ضمن النص!

بعد ذلك كان هناك ثورة غضب أخرى؛ لأن الفيلم ليس فقط ينتهك الحقوق للممثلة أمام المشاهدين، ولكنها أثرت على الممثلة المغتصَبة -نفسها- لسنواتٍ عديدة بعد ذلك.

ما حصل حقيقي، ومع ذلك لا نرى مثل ذلك الغضب يظهر بسبب مشاهد الاغتصاب والممارسات الجنسية العنيفة التي تُنشر على المواقع الإباحية، والتي يستهلكها الملايين يوميًا.

إذا لم تقتنع بأن هناك ڤيديوهات إباحية على المواقع الشائعة تحتوي على مشاهد اغتصاب؛ فاقرأ عن الحقائق التي صرح بها ممثلين مشهورين -كالتي على موقعنا وفي كتبنا، ومنهم الممثلة التي تُذكِّر المشاهدين بأنهم حينما يشاهدون الأفلام التي تمثلها؛ فإنهم يشاهدونها وهي تُغتَصب!

وروت ممثلة إباحية سابقة عن مُختلف الاعتداءات التي حدثت لها وللفتيات الأخريات قائلة:

"معظم هؤلاء الفتيات بدأن في البكاء عندما تأذين بشكلٍ سيء لم أستطع التنفس! لقد تعرضتُ للضرب والخنق وكنتُ منزعجةً ولكنهم لم يتوفقوا، لقد استمروا في التصوير! لقد توسلتُ إليهم أن يُبعدوا الكاميرا عني أو يُطفئوها، لكنهم استمروا في التصوير.

وفي إحدى المقابلات مع موقع (Anti-pornography.org) أوضحت ممثلة:

"مثلي مثل ممثلي الإباحية، فقد جاريت الكذبة التي تقول "أنني أحب وظيفتي، ومن الأجوبة التي كنتُ أُفضِّل أن أذكرها عندما أُسألُ عن أدائي لمشاهد محددة: أنا أفعلُ ما أُحبه، ولا أفعل ما لا أُحبه -مع ابتسامة صفراء، ويا لها من كذبةٍ! الحقيقة هي أني أُرغمتُ على العمل هنا والحصول على الشهرة.

وفي أعين الناس، يجب أن يظهر ممثلي الإباحية كمن ليس لديه حدود، والفنانين الهواة للجنس؛ يجعلون كل شئ يبدو مثيرًا جنسيًا، ولكن كما قد تستنتج من قصص هؤلاء الممثلين؛ فالحقيقة مغايرة جدًا عما نراه على الكاميرا، أو حتى ما يقوله الممثل في المقابلات، إذ كيف للعنف وقلة الاحترام وتجاهل أخذ موافقة الممثل أن يكون مقبولًا في عالم الإباحية؟ والأسوأ من ذلك، كيف أصبحنا ذلك المجتمع الذي يتأتّى له تسجيل الإعجاب والمشاهَدات، غافلاً عن أهمية إقبال الممثل على تصوير المَشاهد؟

وها نحن نعلم أن خفايا هذه الصناعة ليست كلها تتم بالموافقة، ونحن لا ندّعي أن كل المشاهد لا تتم بالتراضي، ولكننا نريد رفع مستوى الوعي بحقيقة أنه لا يوجد طريقة لمعرفة ما إذا كانت الإباحية التي يشاهدها المُستهلِك صُوِّرت بالتراضي أم بالإكراه، وإذا كنتَ إلى الآن غير مقتنع؛ فاقرأ -إن شئت- كل قصص الممثلين الإباحيين في الغرب، ومنها قصص مستقلة مشهورة للحصول على دليل يقنعك بأن صناعة الإباحية السائدة؛ تعرض مقاطع صُوِّرت دون تراضي، ومقاطع أخري لأشخاص يُتّجَر بهم، وذاعت أخبار -خلال السنتين الماضيتين- عن مواقع شهيرة تحصل على الربح عن طريق نشر محتويات لم يُوافَق على نشرها، وأخرى للقاصرين ولأشخاص على الأرجح أنه يُتّجَر بهم، ووردت تقارير وبلاغات من العامة عن محتوى يصوَّر فيه القاصرين على المواقع الإباحية الشهيرة، ولا يزال هناك -بلا شك- العديد من التقارير التي لم نسمع عنها.

وعلى سبيل المثال، كانت إحدي الضحايا في عمر الخامسة عشرة مفقودة لمدة عامٍ قبل أن تُشَاهد في عددٍ من الڤيديوهات الإباحية على موقع إباحي مشهور، وكان الحساب الذي نَشر هذه الڤيديوهات هو حساب موثق!  وفي حادثة أخرى، اضطرت شابة للاتصال بمركز الشرطة لإزالة مقاطع ڤيديو لها -وهي تبلغ من العمر ستة عشر عامًا، نُشر من حساب موثّق على موقع إباحي شهير، وهناك مثال آخر، عُرضت ڤيديوهات لفتاة ذات أربعة عشر عامًا على موقع إباحي بعد تهديدها بالسكين، وقد صرحت: لقد أرسلتُ رسائل عبر البريد الإلكتروني لهذا الموقع لسؤالهم حذفها، إذ كتبت لهم : من فضلكم، أنا قاصرة، ولقد كان هذا اعتداءًا، أرجوكم احذفوا هذه المقاطع" لكنهم لم يستجيبوا لها، وبقي الحال هكذا، حتى جاءت لها فكرة التظاهر بأنها محامية، وهددتهم باتخاذ إجراءات قانونية، وأرسلت إليهم بريدًا إلكترونيًا آخرًا على هذا الأساس، وعندها -حسبما ورد- أُزيلت المقاطع في غضون 48 ساعة!

ونُشر ما لا يُحصى من صورٍ مخلةٍ لأشخاصٍ على مواقع إباحية بدون موافقتهم، وكثير منهم لا يدري بأنه قد التُقِطت له صور أو مقاطع سجلت ورفعت، ناهيك عن نشرها! وتُشير الأبحاث إلى أن الكاميرا الخفية شائعة في عالم الإباحية.

عندما تلتبس الموافقة…

نعم، عادة ما يوافق ممثلو الإباحية على كلِّ شيء سيؤدونه في الفيلم، لا تتهمنا بالافتراء عليهم، يوجد مقاطع صورت فعلا بالتراضي، ولكن ، كيف لك أن تتيقن من ذلك؟ كيف التيقن عين اليقين؟

وتقتنص المواقع الإباحية لحظات غياب العقل والوعي أو الهوس، حيث لا يمكنك أن تتيقن من وجود الموافقة أو عدمها، مثل مباشرة شخصٍ نائم أو فاقد الوعي، والذي يعد اغتصابًا، أو الأسوأ من ذلك، الاغتصاب الجماعي أو الاعتداء الجنسي أو أي مشاهد تتضمن المراهقين!

وحتى لو وافق الممثلون على تمثيل مَشاهدٍ تتضمن اعتداءات أو اغتصابات، ما الرسالة التي يوصلونها للمُشاهد؟

أن الاستثارة بالعنف مقبولة! وأن تعنيف المراهقين مقبول!

حقيقة هذه الصناعة -اليوم- هي إكراه الممثلين على البغاء أمام الكاميرات تحد التهديد أو الترهيب حتى قول نعم، ومرة أخرى، هذا يحدث في الإباحية السائدة أيضًا.

الموافقة ليست اختيارية:

وبعد ذلك، كيف لك أن تتيقّن أن ما تشاهد يحدث بالتراضي؟

الحقيقة أنك لا تعرف.

ودعنا نذكرك -ثانيةً- أن الغرض من الإباحية هو الإتجار بالجنس، وأنت إذ تشاهد في منزلك ليس لك أن تعرف من أين أتى المشهد، وأن تُميِّز مَن وافق مِمن أُكره عليها!

ولهذا السبب يجب ألا نزيد الطلب على الإتجار بالجنس بالمشاهَدة [ناهيك عن أن زيادة المشاهدات يذهب لعدّاد سيئاتِك] وعليك أن تتعلم حقائق عالم الإباحية وأهمية التراضي في كل العلاقات، وبينما تشيع الأخبار عن الاعتداء الجنسي وتشيع معها أسماء الجُناة؛ لا تنس الجرائم الإباحية التي تُرتكب في الإباحية التي قد تشاهدها كل يوم.

ونسألك لآخر مرة، كيف لك أن تعرف إذا كانت الإباحية التي تشاهدها تُصَوَّر بالتراضي أم لا؟

الحقيقة المُرَّة هي أن صناعة الإباحية لا يوجد بها أي ضمانات، ومن المستحيل أن تعلم علم اليقين أنه قد صُور محتوًى معينًا بالاتفاق دون جريمة أخلاقية أو قانونية حتى. 

وفي النهاية، هل يجب أن نسأل هذا السؤال أصلًا؟ هل ستستمر في المشاهدة التي تستفيد منها صناعة كاملة دون أخلاقيات؟ هل ستستمر في المشاهدة وتساهم في استغلال شخصٍ ما جنسيًا، أو إعادة إصابته بالصدمة النفسيّة والاضطراب؟

من أجلك، ومن أجل الضحايا في المجتمع؛ توقّف.

  • اسم الكاتب: fight the new drug
  • اسم الناشر: aya gamal
  • ترجمة: آيه عمر
  • مراجعة: حفصة البلبيسي
  • تاريخ النشر: 14 يناير 2024
  • عدد المشاهدات: 991
  • عدد المهتمين: 41

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك