فتاة تحكي قصة نجاحها من التعافي (قصة حقيقية)

تجربة مؤثّرة جدا ومُعبّرة أرسلتها لنا صاحبتها، إنها قصة إحدى بطلاتنا ترويها لنا بعد مرور 90 يوم دون إباحية. وأحب أن ألفت نظركم إلى أن هذه القصة تثبت أن من لجأ إلى الله،واعتصم به ثم أخذ بالأسباب بعزم وإرادة فإنه سينجح.
A+ A-

تجربة مؤثّرة جدا ومُعبّرة أرسلتها لنا صاحبتها، إنها قصة إحدى بطلاتنا ترويها لنا بعد مرور 90 يوم دون إباحية.

وأحب أن ألفت نظركم إلى أن هذه القصة تثبت أن من لجأ إلى الله واعتصم به ثم أخذ بالأسباب بعزم وإرادة فإنه سينجح.

وإليكم الرسالة:

السلام عليكم ورحمة الله

سأكتب لكم قصتي مع العادة والإباحية باختصار.

والتى أحب أن أضع لها عنوانا وهو:

"كنت غريقةً فأنقذني الله".

نعم فقد كنت غريقة تائهة ضائعة وحيدة، ولولا الله لظللت تائهة طوال حياتي منغمسة فى ذلك المستنقع.

أتعلق بشخص وأقول هذا من سيأخذ بيدي، وإذا به يتركني أو يغرقني أكثر، ثم أتعلق بآخر ويفعل بى كما فعل الأول، وهكذا أجد نفسى أغرق أكثر فأكثر.

إلى أن توجهت بصدق إلى الله، فأنا أريد النجاة وهنا فقط نجوت من الغرق.

فقد أنقذنى الله.

كانت بدايتى وأنا عمرى 8 أعوام حينما تحرش بى أخى، ليس مرة أو إثنان ولكن كثيرا جدا، والله إن قلبى لينزف دمّا وأنا أقول أخي، لكننى عاهدت نفسي على أن أتحدث معكم بكل صدق.

نعم هو أخي السبب الرئيسي لوقوعي فى هذا النفق، ولكن أشهد الله اني أسامحه كى يسامحنى الله عما اقترفته.

ثم بعدها لا أذكر الوقت تحديدا مارست العادة السرية وأنا طفلة وأدمنتها.

لم أكن أعرف كالكثيرين منكم ما هي وما حكمها، ولكن قلبى كان يحدثنى دائما بأنها شئ خاطئ.

بعد ذلك جاء الحدث الذي قسم ظهري بموت أحب الناس إلى قلبى وعقلى وكياني.

فلقد ماتت حبيبة قلبى، ماتت مصدر ثقتي وأمني وأماني، ماتت من كانت لى الحياة.

فشعرت وكأن قلبى ينتزع منى وأنى جسد بلا روح.

لم يمر وقت طويل على وفاتها إلا وتوفى أبى.

أصبحت يتيمة الأبوين، شريدة، وحيدة، كئيبة، لا أعبأ بأحد، ولا أحب أحدا.

فلا أم، ولا أب، ولا أصدقاء، ولا أقارب.

تماسكت ظاهريا فقط، لكننى كنت محطمة ومكسورة داخليا.

فى بداية دخولي الجامعة قرأت مشكله فتاة تحكى أنها تمارس العادة.

فتفاجئت جدا أن ما أفعله هو العادة السرية وقرأت الرد، فإذا هي محرمة وقرأت أضرارها.

ثم بعدها حاولت أن أقف وأن أبتعد عنها، ولكنى كنت أعود دائما بعد فترة سواء قصرت أو طالت.

كنت أعتقد أن ما حدث لى هو الشيء الأسوأ فى حياتى.

إلى أن دخلت الجامعة وتقربت صديقة مني على وعد منها بأن تساعدنى لأنها كانت تعرف ظروفي ووحدتي.

تعلقت بها فإذا بها توقعني في فخ أكبر.

قضت على ماتبقى لديّ من أمل، وأصبحت أهرب من إدمان الى إدمان آخر.

بدأت بالعادة ثم بقراءة القصص المثيرة ثم انجرفت لنفق الإباحية المظلم، لم أكن أعلم أني أفعل ذلك كى أعوض الفراغ والنقص والكسر والألم الذى في داخلي.

زاد كتمانى أكثر، فكلما حكيت لأحد ولو جزءا صغيرا من حياتي، إما أنه لا يفهمني أو يستغلنى أبشع استغلال.

لم يكن جانبى أحد، لا أهل ولا أصدقاء.

كنت وحيدة كأقصى وأشد ماتكون الوحدة، كنت أمكث أياما أبكي وحدي داخل غرفتي لا يشعر بي أحد، كنت مدمرة حقا.

أبكي وأصلي قيام ليل وركعتي توبة، أتوسل إلى الله، وأعاهده أنني لن أعود، وإذا بي أعود مرة ثانية.

حاولت مرارا وتكرارا، وأخذت أبحث على الإنترنت وأسمع دروسا دينية، وأبتعد، ولكن إذا بي أرجع ثانية، وهكذا.

ظننت أن الزواج هو الحل فخطبت أكثر من مرة ولكن فسخت خطبتي قبل الزواج مباشرة، فتدمرت أكثر وأكثر، لكنني بعد ذلك علمت أن الله أنقذني أيضا، فقد خطبت لأشخاص سيئين، وكنت أعرف ذلك ولكني كنت دائما أعرف انى أكثر سوءا، ولا أستحق أفضل منهم بسبب إدماني.

ثم جاءني النور أخيرا.

فكان لابد ان أعيش فى العتمة طويلا حتى أستشعر النور بكل كياني.

فقد وجدت صفحة "علاج إدمان الإباحية" بالصدفة.

كان ذلك منذ 90 يوما، لم أتردد ولو للحظة واحدة ودخلت مباشرة إلى جروب التليجرام.

وهنا أعتبرها نقطة التحول التي غيرت حياتي كلها، وهذا كله من فضل الله.

اندمجت مع البنات واطمأننت إلى أنني لست الوحيدة التي تعاني، وقرأت عددا لا بأس به من المقالات، وسمعت جميع دروس أندرو ميشيل وسين راسيل وأليكس (دورات التعافي على موقعنا في الساوند كلاود )

صدمت من كم المعلومات التي عرفتها بداية من "كونى مدمنة" رغم صعوبة وقسوة تلك الكلمة، إلا أنني أعترف بكوني مدمنة لأصعب أنواع الإدمان.

ثم معرفتي لنفسي ولحقيقة إدماني والأسباب التى دفعتنى إلى الإدمان، وغيره الكثير.

أشفقت على نفسي كثيرا وأخدتها فى حضني وبكينا سويا بكاءً حارًّا مريرًا، بكاء يحمل سنوات من الكبت، والدمار، والوحدة، والألم، والإنكسار، ومعاناة طوال 16 سنة أو يزيد.

ظلمتك يا نفسي ظلمًا كثيرا، فسامحيني.

"وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (118)  النحل

ثم أخذت ذلك العهد على نفسي أني لن أعود أبدا مهما حدث، فها قد أرشدني الله إلى الطريق والرفقة الصالحة.

فليس أمامي إلا أن أصدق الله، وأسير بجد إلى بناء ما عكفت على هدمه طوال تلك السنوات الكثيرة.

- بدأت بكتابة خطتي الشخصية للتعافي.

كتبت فيها أهدافي من التعافي، والأضرار التى ستحدث إذا لم أتوقف.

وأيضا الأسباب التى تجعلني أعود وأنتكس، وعزمت على أن أعالجها جميعا.

- بدأت بتطبيق تقنية التعرض ومنع الإستجابة المصغرة (إحدى التقنيات في دورة أليكس للتعافي).

- استخدمت تطبيق shield my teen

و ABP لحجب الإعلانات.

- وجدت الفيس بوك يؤثر عليّ سلبا عندما أعرف أخبار من حولي، كما أنه يضيع وقتي، فألغيت حسابي.

- وأيضا كنت مدمنة للروايات لكنني وجدتها سببا كبيرا فى انتكاستي من قبل، فلم أعد أقرأها نهائيا.

- وجدت بعض صديقاتي كلامهن يؤثر سلبا عليّ، فابتعدت عنهن.

- وقضيت على فراغي تماما، فذهبت إلى دار تحفيظ القرآن، أصبحت إجتماعية أكثر، وأحاول أن أصل رحمي، وتعلمت مهارات يدوية جديدة.

وجدت أن هناك العديد من الأشياء الجميلة والنافعة التي أستطيع أن أشغل وقتي بها.

بل أصبح الوقت لا يكفي لأنجز مهامي.

- بدأت أراقب مشاعري، وأحاول ألا أصل إلى درجة الحزن الشديد.

هدفي التعافي، ولن أسمح لأي شخص أو شيء أن يبعدني عنه، لذلك كلما زادت مشاكلي وبدأ الحزن الشديد يتملكني، يرن جرس الإنذار داخلي أن احذري، فأدعو الله أن يفرج عني وأشغل نفسي بعمل نافع.

الحمد لله، أتممت 90 يوما بلا زلات، لكنني..

حصلت معي هفوة واحدة كنت سأقع فيها، لكني وأنا أفتح مقطعا بكيت ودعوت من قلبى ساعدني يارب لا أريد أن أعود!!

لم أستطع أن أبعد الهاتف ومازلت أفتح المقطع، فإذا بالمقطع لم يفتح لأنني كنت فعّلت برنامج حجب الاباحية من قبل.

فحمدت الله كثيرا فقد أنقذني الله.

تعلمت خلال هذه الايام:

*اني أجاهد بتركي للإباحية، وسلاحي هو حسن ظنى بربي أنه سبحانه يعلم صدقي ولن يضيعني أبدا.

"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (69) العنكبوت

*وأن أسد فراغ نفسىي بلجوئي إلى الله.

وألا أيأس أبدا، فليس مهما متى نصل ولكن المهم أن نموت على الطريق.

*تعلمت أن أحل مشاكلي وأواجهها بدلا من الهروب.

*تعلمت أن إذا أذنبت سأتبع ذنبي بطاعة مباشرة.

"وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"

(102) التوبة

*تعلمت أني أصبر ولا أتعجل فى التغيير الكلي، وأن أعامل نفسي بهدوء.

*تعلمت أن الشيطان لن يتركني، أو يترك أيا منا ليهنأ، فهو سارق الإيمان.

لذلك، أثناء رحلة التعافي فهو يضع المزيد من العقبات والأحزان في طريقنا كى يمنعنا ويعيقنا عن الوصول ويصعب علينا الطريق.

ولكنني كلما وجدت الدنيا تضيق بي ألجأ إلى الله وأدعوه أن يثبتني ويعينني على الخروج من تلك المشاكل.

أحدّث نفسى أنها ستمر كما يمر كل شئ، وأنه لابد أن أواجه صعوبات كى أخرج من هذا النفق.

الأهم أن أسير فى طريق التعافي.

لأول مرة أشعر بطعم الحرية، فقد كنت حبيسة قفص مظلم لا أعرف كيف أغادره، وأرشدني الله وساعدني وغادرته بلا عودة بإذن الله.

اليوم فقط أشعر أنتي إنسانة، تنهمر دموعي ليس حزنا ولكن فرحا شديدا بنعمة الله وفضله عليّ.

اليوم فقط لي هدف لأعيش لأجله فلم أعد تلك الفارغة.

فلك الحمد يا الله على نعمتك وفضلك عليّ.

دائما كنت أسأل الله وأبكي لماذا؟ لماذا هذا الذنب؟

الآن فقط أدركت نعمة ربنا عليّ.

ابتلاني ليطهّرني لينقّيني لكي أكون أقوى وأفضل، فلقد تغيرت حياتي كلّها وأصبحت متّزنة، أشعر بحالة من السلام النفسي والتسامح مع الجميع.

اليوم فقط أجد نفسى مختلفة 360 درجة عن تلك التي دخلت الجروب من 90 يوما.

المعتقدات الخاطئة التي كنت أعتقدها:

- أن الزواج هو حل لهذه المشكلة.

ولكن الآن أدرك جيدا أن الزواج ليس حلا كما كنت أعتقد، فأكثر المدمنين متزوجون.

لذلك أنا أريد التعافي لله أولا، ثم لنفسي، أما الزواج فليأتي فى الوقت الذى يأذن به الله.

فلأتفرغ الآن إلى بناء نفسي وتطويرها ومساعدة غيري.

- أن العادة السرية أمر طبيعي، وأن عدم تفريغ الشهوة يُحدث كبتا.

ولكن هذا خطأ، فلم يحدث أن مات أحد لعدم ممارسته للعادة، فلو كانت صحيحة لما حرمها الله.

حسبي الله ونعم الوكيل على من يدمرون عقولنا بتلك الخرافات.

- أن العادة والإباحية لم تكن بسبب شهوة زائدة عندي.

لكنها وسيلة اتخذتها للهروب من الضغط والوحدة والاكتئاب الشديد.

- الشهوة من الصعب جدا السيطرة عليها، ولكن هذا ليس صحيحا فلسنا حيوانات.

فالموضوع يرجع إلى دماغنا وإلى برمجتها وتغذيتها بالمعلومات الصحيحة.

فإذا استطعنا أن نفهم دماغنا جيدا استطعنا التغلب على الإدمان.

وأرجو لكل من يقرأ قصتي أن يدعو لأمي بالرحمة والمغفرة، وأن يدعو لى بالثبات.

جزاكم الله عني خير الجزاء، لا أعرف كيف أشكركم.

أدعو لكم دائما.

أضاء الله حياتكم كما كنتم سببا فى نور حياتي، وجعل ما تفعلونه لنا فى ميزان حسناتكم أنتم و (مديرة جروب الفتيات) ومن يعاونها وكل العاملين فى الصفحة.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • مراجعة: د. حازم حامد
  • تاريخ النشر: 29 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 11K
  • عدد المهتمين: 219
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك