رسالة إلى من يراني على الجانب الآخر من الشاشة!

أَتعرِفُ المرأة التي تنظر لها على الجانب الآخر من الشاشة؟ أنا تلكَ الفتاة، أنا كُنتُ الضحية..
A+ A-

أنا لا أعرفُ من أنت، ولا ماذا تفعل، أو حتى حالتَك َالاجتماعية، أو كونَك والِدًا أم لا، ما أعرفه هو أنني إنسانة (شخصٌ حقيقي)، أنا ابنةُ شخصٍ ما، وطالبة، وسيدة، وفي الغالبِ أعلمُ أن لديَّ أملٌ ومستقبلٌ.

لكنهُ لم يكن دائمًا هذا الطريق، أَتعرِفُ المرأة التي تنظر لها على الجانب الآخر من الشاشة؟ أنا تلكَ الفتاة، أنا كُنتُ الضحية..

خلالِ تِلكَ الفترةِ مِن حياتي، أخبرني صديقي أننا كُنَّا نقومُ بِمشروعٍ فنيٍّ في المنزل، كان مِن المُفترض أن يكونَ سِريًا ومُقتصِرًا علينا فقط، لكِن بعد عِدةِ سنواتٍ اكتشفتُ أنها كانت أُكذُوبة، ولَم يَكُن صديقي كما توَقَعْت؛ وأن هذا المشروع كانَ في الحقيقةِ إباحيَّاً، وقد فعلتُ نفسَ الشيء كما تُشاهِد.

هُناك نقطةٌ مهمةٌ جدًا أُريدُكَ أن تعرفِها مِني، أريدُ أن أترككَ تعرف أني أُسامحك، أُسامِحُك لاختيارِكَ مشاهدةَ ما يُجبِرنُي صديقي المُجرِم على القيام به عندما يَشعرُ بالوحدةِ، أُسامِحُكَ لاستغلالي كوسيلةٍ للاحتيالِ على شريكِ حياتِكَ.

أُسامِحُكَ على استغلالي كأداةٍ تُساعِدُكَ في التغلبِ على الأوقاتِ الصعبةِ التي تشعُر فيها بِالوحدةِ والاكتِئاب، أُسامِحُك عندما تُنفِقُ مَالكَ الخاص للحصولِ على الإباحيةِ، هذا المال الذي لم أرَ مِنهُ شيئًا لأن صديقي المُجرِم كان يحتكرهُ لِنفسهِ فقط.

أعرِفُ أنكَ رُبما لم تُقدِم على فعلِ كُلِ هذهِ الأشياء، ولكن بِغَضِ النظر، أنا أُسامِحُك مِن كُلِ قلبي.

إذا لم تكُن تعرِف بالفِعل السببَ الرئيسيَّ لِدفعِ الناسِ إلى إدمانِ الاباحيةِ؛ هو أن لديهِم ألمٌ بداخِلهِم لم يتِم التعاملُ معهُ جيدًا، وأريدُكَ أن تعرِف أنني أيضاً شعرتُ بِهذا الألم، شعرتُ بهذا الألمِ عندما تحملتُ العارَ مِن تعرُضي للإيذاء الجنسي كطفلة، شعرتُ بِهذا الألمِ عِندما لم أجِد من يقفُ بجواري عندما كنتُ صغيرةً، أحسستُ بالوحدةِ وكأننى في نهايةِ نفقِ مُظلمٍ لا يُوجدُ في نهايتهِ ضوء.

إن الألمَ الذي ينتابُني الشعورُ بهِ أثناء قيامي بالأفعال الاباحية كان واقعيًا، والحقيقةُ هو أنني لم أجِد نفسي إلإ بعدما تحررتُ مِن عُبوديةِ ما كُنتُ فيه، فهل تستطيع أنتَ التحرُرَ مِنها؟

خِلال سنواتٍ عديدةٍ من تقديمِ المشورةِ وتطويرِ نِظامِ دعمٍ قويٍّ وطلبِ المُساعدةِ مِن خلالِ هذا البرنامجِ، أصبحَتْ حياتي جميلةً مرةً أُخرى، والآن أستطيعُ أن أعلَّم كيف أحبُ نفسي وأرى نفسي كإنسانةٍ نظيفةٍ ومُحررةٍ، ولم أعد تلك الفتاة التي تراها على الجانب الآخر من شاشتك، أعرف أن مستقبلي مضيء وأستطيعُ الشعور بالسعادةِ الحقيقية.

كما أنني أَتفَهمُ الصعوباتِ التي تواجِهُكَ مع الإباحيةِ، والتي تبدو كعادةٍ لا يُمكِنُ كَسرُها، وأنا هنا كي أخبِركَ أنَهُ يُمكِنُ كسرَ تِلكَ العادةِ، لديَّ اعتقادٌ كامِلٌ أنكَ تستطيع التغلُبَ على هذا الإدمان، لأنهُ ليس أنتَ ذلِك الشخص، تماماً مِثل تجربتي، حيثُ تمَّ الاتجارُ بي جِنسياً، واستغلالي في صناعةِ الموادِ الإباحيةِ، لم يكُن دائماً جِزءاً من حياتي، ولم يَكُن هذا الإدمان الذي تعاني أنتَ منه.

المشاكلُ التي يتمُ دفنها على قيدِ الحياةِ لا تموت:

يجبُ عليكَ التعاملُ مع أصلِ المشكلةِ حتى تكون قادرًا على أن ترى الأشياءَ وهي تُزهِرُ مِن جديد، لديَّ اعتقادٌ راسِخٌ أنكَ تستطيعُ الانتصارَ على إدمانِك للإباحيةِ، فالإباحيةُ هي أكثرُ مِن مُجردِ صورٍ وفيديوهاتٍ، إنهم أطفالٌ غالبًا ما يكونوا إناثًا، وأحيانًا يكونوا ذكورًا، وبِغَضِ النظرِ عن جِنسهم، هُم حقيقةً لا يريدوا أن يكونوا هُناك، فهم بشرٌ مِثلُنا.

أنا أؤمِن أنكَ تستطيع، والأهمُ مِن ذلكَ كُلِه؛ هو أنني وبِكُلِ إخلاصٍ أُسامحُكَ (المرأة المُستعادة التي لم تَعُد على الجانبِ الآخرِ مِن الشاشة).

المؤلفة:

(آنا) تعملُ حاليًا كَمُتحدثةِ علاقاتٍ دوليَّةٍ، بالإضافةِ إلى ذلك فهي ناجية، وتعملُ داعيةً سياسيةً في حركةِ «وقفِ الاتجارِ بالبشر».

تركيزُها الشخصي على الربطِ بين الاتجارِ بالجنس والإباحيةِ، وقدْ تَركَزَ دورُها في الحركةِ حول السياسةِ والقانون، وتطويرِ المناهجِ الدراسيةِ للمنازِل الآمنة، والعملِ مع الناجينَ مِن الاتجارِ بالجنس.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د.محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 28 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 989
  • عدد المهتمين: 146
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك