زين يضيء أنوار مسرحه الداخلي

في حالة زين كان الألم الذي يشعر به نتيجة عزلته هو ما دفعه أخيرا إلى مواجهة ذاته المدمنة. لقد أضاء أنوار مسرحه الداخلي، وتحدث مع الشخصية الفرعية للمدمن الكائن في داخله
A+ A-

يقول جورج كولينز في كتابه "كسر الدائرة":

في حالة "زين" كان الألم الذي يشعر به نتيجة عزلته هو ما دفعه أخيرا إلى مواجهة ذاته المدمنة.

لقد أضاء "زين" أنوار مسرحه الداخلي، وتحدث مع الشخصية الفرعية للمدمن الكائن في داخله، وتذكر أنه قد يكون هناك العديد من الشخصيات الفرعية لديك، لكن عادة تكون إحداها أكثر إلحاحا من الأخريات.

كان زين يلعب كرة سلة في المدرسة الثانوية، لذا تخيل نفسه داخل صالة ألعاب رياضية مظلمة، وأن هناك جماهير تجلس في المدرجات، لكن الظلام كان دامساً، فلم يكن يستطيع أن يرى أي شيء تقريباً.

وبينما كان يسير في صالة الألعاب هذه لم يكن يرى أي شيء على الإطلاق، وكان الضوء الكاشف المسلط عليه يتبعه في كل مكان يسير فيه.

كان يشعر بأنه وحيد تماماً، رغم أنه كان يعرف أن هناك جماهير في المدرجات تشاهده، وشعر أنه أحمق لكنه استمر بالمحاولة، وهذا الحوار هو نتيجة إحدى محادثاته الداخلية مع إحدى الشخصيات الفرعية داخله تسمى الذات المدمنة.

زين: هيا، إنني أعرف أنك هنا تحدث معي.

لم يسمع "زين" أي جواب، فحاول أن ينظر إلى المدرجات لكن الظلام كان يعم أرجاء المكان.

زين: من أنت؟

الذات المدمنة: إن هذا ليس من شأنك، إنني هنا لمساعدتك.

زين: انزل إلى هنا وتحدث معي وجهاً لوجه.

الذات المدمنة: أنا هنا، وأنت تضيع الوقت بوقوفك هناك، فلنذهب إلى أحد الملاهي الليلية حيث يمكننا مشاهدة السيدات وهن يرتدين الملابس الضيقة التي تحبها.

زين: ما اسمك؟ أخبرني ما اسمك.

الذات المدمنة (مدمن النظر إلى النساء): أنت تعرف من أكون، إنني صديقك، إنني أنا المدمن محب النظر إلى النساء.

زين: أنت لست صديقي، إنك تضرني، إنني أريد أن أراك هذه المرة، سأضيء الأنوار.

مدمن النظر إلى النساء: إنك تضيع الوقت، هيا فلنذهب لننظر إلى هؤلاء السيدات المثيرات اللائي يرتدين الملابس الضيقة للغاية.

زين: انتظر انتظر، إنني أريد أن أراك، انزل هنا إلى النور.

مدمن النظر إلى النساء: لست مضطراً إلى أن تراني، إنني أدعمك وأساندك فأنا أعرف ما تحب، إنك تحب النظر إلى هؤلاء النساء المثيرات بملابسهن الضيقة للغاية.

زين: إنني أشعر برغبة شديدة في الذهاب إلى نادي الألعاب، لكنني سأشعل الضوء هذه المرة.

مدمن النظر إلى النساء: لست محتاجاً إلى فعل ذلك، فلتذهب فقط ولتنظر إلى هؤلاء النساء حتى يمكنك أن تعود إلى البيت وأنت في حالة كبيرة من الإثارة، فأنت تعرف أن هذا هو ما تحتاج إليه.

زين: قلت لك فلتأت إلى هنا ولتتحدث معي وجهاً لوجه.

مدمن النظر إلى النساء: يمكنني أن أساعدك بشكل أفضل عندما أكون في الظلام.

زين: لكنك لا تساعدني! إنني ما زلت وحيدا، إنني أريد ما هو أكثر من ذلك، أريد شيئا حقيقياً.

مدمن النظر إلى النساء: هل تقول أنك تريد شيئاً حقيقياً؟ لا، أنت لا تريد ذلك، بل تريد أن تنظر إلى هؤلاء النساء وهن يرتدين الملابس الضيقة وتتخيلهن وهن يفعلن ما تريد أن يفعلنه.

زين: سوف أشعل الضوء الآن، لا أريدك أن تدير حياتي من الظلام بعد ذلك.

بعد ذلك قام زين بإشعال الضوء في مسرحه الداخلي وهو صالة الألعاب الرياضية في حالته، ورأى أن "مدمن النظر إلى النساء" طفل يبلغ من العمر اثني عشر عاماً، يدمن النظر إلى الفتيات وهن يتدربن في حصة التمارين الرياضية، ربما كانت هؤلاء الفتيات في صف آخر غير صفه، يقع في نهاية صالة الألعاب، أو ربما يكون قد قام بالتجول في صالة الألعاب الرياضية، أو ربما رآهن يجرين في الخارج في ملعب كرة القدم.

وبعد إجراء مزيد من الحوارات مع مدمن النظر إلى النساء، تذكر زين كيف كان يقف وهو في التاسعة من عمره في الظلام في غرفته يختلس النظر إلى نافذة جيرانه، حيث رأى فتاة تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً تستعد للذهاب إلى النوم، لقد كان هذا الصبي – مدمن النظر إلى النساء – هو من يحاول أن يستعيد تلك الإثارة التي كان يشعر بها "زين" وهو فتى صغير.

وبمجرد أن قام زين بإشعال الضوء وتمكن من معرفة هوية مدمن النظر إلى النساء القابع في داخله، وتمكن من التواصل مع هذا الجانب في شخصيته، فقد هذا الجانب جزءاً من قوته التي كان يسيطر بها على حياة "زين" وعلى سلوكه الجنسي.

أما بالنسبة إلى "زين" فقد استمر حواره مع مدمن النظر إلى النساء القابع داخله على نحو متقطع عدة أسابيع، وهذه التقنية هي تدريب يأتي بنتيجة مع الممارسة، إنها ليست عملاً خارقاً، وبالطبع ففي المرة الأولى التي ستقوم فيها بذلك فإن ذاتك المدمنة سترفض الحديث ولن تريد منك أن تشعل الضوء، لكن عليك أن تشعل الضوء من أجل أن تتمتع بصحة عقلية سليمة وبحياة جيدة.

فقل أي شيء من أجل استمرار هذا الحوار، حيث يمكنك أن تتحدث معها عن بدئك عملية التعافي، أو يمكنك أن تتحدث معها عن كيفية معرفتك بوجود ذاتك المدمنة، المهم هو أن تقول أي شيء.

ربما تضطر إلى التحدث مع شخصيتك الفرعية المدمنة خمس مرات أو أكثر، وفي النهاية سيتضح لك أن هذه الشخصية الفرعية لا تمثلك، بل تمثل تجاربك الماضية وتاريخ حياتك القديم هو من يتحدث.

ربما كان والداك يعاملانك بطريقة سيئة، أو ربما ذهبت إلى غرفتك وتخيلت قصة إباحية، أو سرقت إحدى المواد الإباحية وشاهدتها، وربما كان والداك مدمني معاقرة الكحوليات وأنت وجدت الراحة ب "صحبة" تلك المواد الإباحية، أو في غرف الدردشة على شبكة الانترنت.

إن ذاتك المدمنة الموجودة في المسرح ليست صديقاً لك، بل هي جزء منك انفصل عنك ويشعر دائما بالخوف من التحدث إلى النساء الحقيقيات.

ونظراً إلى هذا الخوف، فإن هذا الجزء سوف يستمر بتشجيعك على الاستمرار في ارتباطك الزائف بمشاهدة تلك المواد الإباحية ومرافقة النساء سيئات السمعة، وإجراء المكالمات الجنسية، إلخ.

إنني أعرف أنه من الصعب أن تغير من سلوكك أو من تفكيرك، فماذا لو وجدت نفسك في أحد متاجر بيع المواد الإباحية لكنك تشعر بصراع يدور في داخلك؟

ماذا إذا كنت في المنزل وتحدق النظر إلى إحدى المواد الإباحية المعروضة على شاشة الكمبيوتر؟ وماذا إذا قمت في هذه الأثناء بإجراء حوار مع ذاتك المدمنة؟

ماذا إذا قمت بدور معالجك الخاص؟

تمرين:

أشعل الضوء وواجه المدمن في داخلك.

إن هذا التمرين يستغرق نحو خمس عشرة دقيقة، تخيل نفسك تقف على خشبة مسرحك الداخلي والأنوار مضاءة ، وأنت تنظر إلى الشخصية الفرعية السلبية البغيضة التي تخبرك بأن تشاهد المواقع الإباحية أو تقوم بتصرفات جنسية غير سوية، فماذا ستقول لها؟

إن أول خطوة يجب عليك القيام بها هي أن تطلق اسما مستعارا على الشخص الموجود في داخلك.

فعلى سبيل المثال أنا اسمي "جورج" والمدمن الكائن في داخلي اسمه "بورجي" كما في أغنية الأطفال الشهيرة: جورجي بورجي، إن بعض الحالات من الذين أعالجهم يطلقون على المدمنين الكائنين داخلهم الأسماء المستعارة التي كانت تطلق عليهم في طفولتهم ، مثل "داني" الذي يعد اسم تدليل لـ "دانيال"، وآخرون يسمون المدمن القابع في داخلهم أسماء مستعارة مثل فتى أحلام النساء، الفاشل، السيد عابث، إلخ.

تحدث مع تلك الشخصية الفرعية الموجودة داخلك كأنها شخص حقيقي، وعلى سبيل المثال اسأل هذا الشخص قائلا: من أنت؟

لماذا تريد أن تجعلني ان أتصرف على هذا النحو؟

وعندما تفعل ذلك تخدع عقلك حتى تمسك أنت بزمام الأمور، بدلا من أن تمسك بها تلك التصورات التي يخبرك بها عقلك، إنك تبدأ الفصل بين تفكيرك وتصوراتك وشخصيتك الحقيقية.

فحاول أن تقضي على الأقل عشر دقائق يوميا في القيام بهذا التمرين.

وعندما يحل اليوم التالي، فلتعتل خشبة مسرحك الداخلي حتى يظهر المدمن في داخلك عليها، وإن كنت ستقضي بضع دقائق هناك، فهذا المدمن هو جانب من جوانب شخصيتك، وهو شخصية مركبة، إنه شخصية فرعية عليك أن تتحدث معها، فحاول أن تدون ذلك الحوار وأنت تتخيله، أو افعل ذلك في وقت لاحق إذا اضطررت إلى ذلك. إن تدوين ذلك الحوار سيضفي على تلك التجربة تأثيرا أقوى، فإذا فكرت فيها فقط فإن هذا الأمر لن يجدي نفعا لأنه لن يبدو مهما بالنسبة إلى عقلك.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د.محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 29 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 144
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك