أنواع إدمان الإباحية

في عالمِ اليوم نرى أنَّ الإِباحيةَ أصبَحت في كُلِّ مكانٍ تَقريبًا ، وَ معَ هذِه الزِّيادَة المُتسارِعَة في نمو صِناعَة الإِباحية وَسُهولَةِ الوُصول إِليها، نلاحظ أيضًا ازديادًا مُضطردًا في عَدَدِ مُدمني الإِباحيّة الَّذينَ يَبحثونَ عن العِلاج.
A+ A-

كتب روبرت وايس الخبير العالمي والمؤلف الشهير في مجال إدمان الجنس مقالا بتاريخ 29-9-2016 يقول فيه  :

في عالمِ اليوم نرى أنَّ الإِباحيةَ أصبَحت في كُلِّ مكانٍ تَقريبًا ، وَ معَ هذِه الزِّيادَة المُتسارِعَة في نمو صِناعَة الإِباحية وَسُهولَةِ الوُصول إِليها ، نلاحظ أيضًا ازديادًا مُضطردًا في عَدَدِ مُدمني الإِباحيّة الَّذينَ يَبحثونَ عن العِلاج.

و بِذكرِ الإِدمان، علينا أن ندركَ أن الأشخاصَ الذين يستهلِكونَ الإِباحيةَ يُصنَّفون عِدَةَ أَصنافٍ ، فهناك المدمنون و هُناكَ مَن هُم دُونَ ذلكَ ، و الجديرُ بالذكرِ أنَّ إِدمانَ الإباحيةِ أيضًا يمكن تصنيفه لعدةِ أشكالٍ.

هل أنتَ مدمنٌ للإباحيةِ ؟

حتى نَعتَبرَ أَنَّ المُشاهِدَ وَصَلَ إِلى حَدِّ الإِدمانِ فَيَجبُ أَن نَأخُذَ بِعَينِ الاعتِبارِ المعاييرَ التاليةَ :

أولاً: سيطرةُ الإِباحية على عَقْلِ المُدمن بِحيث تَصِلُ إلى حَدِّ الهوَس و الوَلع .

ثانياً: فُقدانُ السَّيطَرةِ على النَّفسِ ، وَ هذا يتمثل في فقدانِ المدمنِ القُدرةَ على كَبحِ نَفسِهِ و الَفشل مَرةً تلوَ الأُخرى في الإقلاع عن الإباحية.

ثالثاً: الآثارُ السلبيةُ الحقيقيةُ للإباحيةِ على حياةِ المدمنِ ، كخراب العلاقاتِ ، والمشاكلِ في العمل و الدراسة ، والاكتئابِ والعُزْلة ، وقلةِ الاهتمام بالأنشطة غير الجنسية ، ومشاكلَ ماليةٍ ، ومشاكلَ قانونيةٍ ، وعجزٍ جنسيٍّ و غيرِه الكثير مما لا يسعنا ذكره .

إن الفرقَ الوحيدَ بين مدمني الإباحية و بين مدمني الكحول أو المخدِّرات أو القمار ، أو أي شكلٍ من أشكال الإدمان هو طريقة العلاج حيث ينقسم إدمان الإباحية إلى قسمين الإدمانُ الكلاسيكي و الإدمانُ المعاصر .

حتى فترة ليست ببعيدةٍ ، فإن إدمانَ الإباحية كان عبارةً عن تصفح المواقع الإباحيةِ التي تحوي كمًّا هائلًا من المحتوى الجنسيِّ المتنوعِ والمتزايدِ كمحاولة من المدمن تلبيةَ طلبات دماغِهِ المتزايدةِ من الخيالاتِ الجنسية ، و محاولته استخدامَ ذلك كطريقةٍ لتخدير النفس و الهروب من الضغوط العاطفيةِ والنفسيةِ , و هو ذاته نفس الدافع الذي يدفع مدمني الكحول للشربِ ، و مدمني المخدرات للتعاطي و مدمني القمارِ للمقامرة على أي شيءٍ مهما كانَ .

و بشكل عامٍّ فإن المحورَ الرئيسيَّ في الإدمان هو ليس أن تشعرَ أنك أفضل بقدر ما هو تقليل الشعور السيءِ لفترةٍ وجيزةٍ .

ولكن مؤخرًا ، لاحظَ المعالجون نشوءَ جيلٍ جديدٍ من مدمني الإباحيةِ و الذي يضمُّ بشكلٍ أساسيٍّ المراهقينَ الذين يستعملون الإباحية لما تحويه من تنوعٍ رهيبٍ من الخيالات الجنسيةِ و المشاهدِ ، و ليس بسبب الضغوط النفسية و العاطفية أو الاكتئاب.

و بسبب هذا كان لا بدَّ للمعالجين من تصنيف الإباحية تصنيفاً جديداً : معاصرة و كلاسيكية.

الإدمان الكلاسيكيُّ للإباحية:  كأيِّ إدمانٍ من نوع آخر  يظهر عند أناس تعرضوا لضغوطاتٍ أو حوادثَ نفسيةٍ في صغرهم ( عنف أسري ، إهمال ، إدمان في البيت ، أو أي نوع من أنواع المشاكل الأسرية).

فعندما يحاول هؤلاء الأشخاص التعافي من الأثر النفسي التي تركته طفولتُهُم المأساويةُ ، قد يبدو لهم الإدمانُ الجنسيُّ حلاً ناجحا ، و هذا يمثل مُعْضِلةً بالنسبة للمعالجين ، كأي نوع آخر من أنواع الإدمان . كمثال على الإدمان الكلاسيكي ، شابٌ عمرُهُ 28 سنة يستعمل الإباحيةَ لمدة قد تصل الى 30 ساعة أسبوعيًا منذ سنواتٍ . و بسبب هذا الإدمان على الإباحية فإن حياته بدأت بالانهيار ، فقد تلقى إنذارًا في عمله بسبب مشاهدة الإباحية أثناء العمل ، و أصبح فاشلًا في علاقاته و أصبح منعزلًا عن عائلته و أصدقائه و هو بطبيعة الحال مكتئبٌ . و في كل مرة يحاول التوقفَ عن استعمال الإباحية فإنه يفعل ذلك ليوم أو يومين ثم لا يلبثُ أن يقعَ تحت ضغوط الحياة ليجدَ نفسَهُ قد عاود استعمال الإباحية مرةً أخرى .يوهم نفسه بأنه سيشاهد لبضع دقائقَ فقط ثم يجدُ نفسه قد أمضى عدة ساعاتٍ أمام الشاشة .

إدمان الإباحية الجديد أو المعاصر: هو ذلك النوع من الإدمان الذي ليس مرتبطًا بالضغوط أو الحوادث السابقة في العادة . فهؤلاء الأشخاص يبدأون استعمال الإباحية في وقت مبكرٍ جدًّا ربَّمَا قبل فترة المراهقةِ ، و يرجع ذلك إلى كونها متاحةً و مسليةً بالنسبة لهم .

و مع فترة المراهقة و بدء الميولِ الجنسيِّ فإن استعمالهم للإباحية يزداد أكثر لأن الإباحيةَ توفر لهم حاجاتِهِم الجنسيةَ بعيدًا عما تحتويه العلاقات الحقيقية من ضغوطات عاطفية . و بعدها يسيتقظون في بداية العشرينيات من العمر ليجدوا أنفسهم مدمنين على الإباحية و غيرَ قادرين على البدء بعلاقةٍ حقيقية لأنهم لم يتعلَّموا ذلك مسبقًا . و كمثالٍ على ذلك ، شابٌ في عمر ال 20 كان قد بدأَ إستعمال الإباحية في بداية المراهقة على عمر 12 سنة ، و على عمرِ 15 سنة نجدُه قد بدأَ يترك هواياتِه كالرياضة و غيرها و أصبح يفضِّلُ البقاءَ منعزلاً حتى يتسنَّى له المشاهدةَ و ممارسةَ العادةِ السريةِ . درجاتُه في المدرسة أصبحت سيئةً و علاقاتُه بأصحابه أصبحت تخفُّ تدريجيًا . ما زال يرغبُ في تحسين تحصيله في المدرسة و يتمنى أن تكون علاقاتُه بأصحابه أفضل ،و أن يكوِّن علاقاتٍ جديةً لكنه يفتقرُ للطريقة المناسبة لذلك .

و نتيجةً لذلك فهو يبقى غارقًا في مستنقع الإباحية إلى المالانهاية.

مما يلفتُ النظرَ بالنسبة للنوعين الذين ذكرناهما من أنواع إدمان الإباحية هو أنَّ كليهما يحتاج إلى علاجٍ للإدمان الجنسيِّ و يكون على الأغلب خليطًا بين العلاج السلوكي المعرفي ، ومحاسبة النفس و المسؤولية ، و مجموعات الدعم الخارجية التي تضم أشخاصًا يبحثون عن التعافي و يكونُ كلٌّ منهم مشاركًا باسمٍ وهمي بحيث تُحفَظُ الخصوصيةُ.

الفرقُ الأساسيُّ بين النوعين هو أن الإقلاع عن الإدمان المعاصر قد يكون أسهلَ و يرجعُ ذلك إلى عدمِ ارتباطه بحوادثَ أو ضغوطاتٍ متجذرةٍ في النفسِ من مرحلة الطفولة . أيضاً ففي الإدمان المعاصر فإنه و بمجرد الإقلاع عن الإباحيةِ فإننا نجد أن المشاكل التي كانت مصاحبةً له قد تبدَّدَتْ بشكل سريع خاصةً فيما إذا استُبدلت تلك العادات القديمة بعادات جديدة مفيدة و علاقات اجتماعية راسخة.

لذلك فإن الخطوة التي يعمل عليها المعالجون بعد الإقلاع عن الإدمان المعاصر تتمحور في تعويض النقص من ناحية العلاقات الاجتماعية على غرار النوع الكلاسيكي الذي يحتاج علاجًا سلوكيًا و وظيفيًا للحوادث والضغوطات المتعلقة بالطفولة.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: محمد عزت
  • تاريخ النشر: 22 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 144
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك