من ممثلة للإباحية إلى محاربة لها!

ليس سرا أن صناعة الإباحية هو عالم مظلم من العنف والمخدرات، والاعتداء، والنشاط الغير قانوني.
A+ A-

من ممثلة للإباحية إلى محاربة لها (1)

ليس سرا أن صناعة الإباحية هو عالم مظلم من العنف والمخدرات، والاعتداء، والنشاط الغير قانوني.

هناك حسابات لا تعد ولا تحصى من قصص لممثلي الإباحية السابقين الذين يتحدثون بعد تركهم صناعة الإباحية المشينة ، حيث إنهم قد اعترفوا بسوء المعاملة القاسية، وفي بعض الأحيان يروون حقائق مفزعة عن صناعة المواد الإباحية.

في الآونة الأخيرة، تلقى موقع |(حاربوا المخدر الجديد) الأمريكي الشهير رسالة عبر الفيسبوك من امرأة أرسلت لهم صورة لنفسها ترتدي بفخر قميص من إنتاجهم مكتوب عليه  “الإباحية تقتل الحب”، ثم طلبت مشاركة قصتها معهم .

كشفت لهم أنها كانت ممثلة للإباحية، ثم استطاعت أن تهرب منذ 3 سنوات من صناعة الإباحية، إلا أن هذا كان بعد أن كلفتها خسائر خطيرة للغاية وضارة على حياتها وعلى صحتها الجسدية والعقلية، وأنها تمكنت من أن تهرب من قبضتها المدمرة على حياتها.

ما كان حزينا حول قصة (*******)  هو أنها واحدة من قصص لا حصر لها من ممثلي الإباحية السابقين الذين كانوا يكذبون حين يفعلون الفواحش لجعلها تبدو براقة، ومن ثم إذا كانوا محظوظين بما فيه الكفاية يهربون من ذلك الوحل، والحقيقة الفعلية تأتي بعد الخروج.

وكانت قصة (*******) نفس معظم ممثلي وممثلات الإباحية الذين يتسترون على تجربتهم في الإباحية في حين لا يزالون يفعلون ذلك، قائلين أنهم يحبون ذلك، وأنها وظيفة حالمة، وأنها هي كل ما كانوا يريدونه في أي وقت مضى، ومع ذلك، وبمجرد أن الكاميرات تُطفأ ويحدث الأذى والضرر،فإن الواقع والحقيقة يأتيان إلى النور.

وجدنا مقابلة مع (*******) عندما كانت في صناعة الإباحية ثم قارناها مع تلك القصة التي أرسلتها لنا، كان هناك تناقض صارخ بينهما، من فتاة تدعي أنها سعيدة بهذا العمل الفاحش إلى إنسانة تحكي مآسيها مع تلك الصناعة المدمرة وأنها محظوظة لانها استطاعت أن تهرب منها .

إنها طلبت منهم عدم مشاركة قصتها ولكن لدينا قصة لممثلة أخرى موثقة في بي بي سي والتي توضح كيف أن تلك الصناعة تضر بالبشر ، وتفضح ذلك البريق الخادع، وتلك “المتعة الزائفة التي لا نهاية لها”  .

الوقت الذي قضته في صناعة الإباحية هو مفجع بقدر ما هو مثير للقلق، صناعة الإباحية تبيع الحلم وهؤلاء الذين يقعون في فخها يدفعون الثمن، هما ليستا سوى اثنتين من الآلاف من الفتيات الصغيرات اللاتي تم استغلالهن.

خلاصة القول: صناعة الإباحية هو العالم المظلم الذي يعبث ليس فقط بحياة الأفراد، ولكن بالمحبة وبالعلاقات وبمجتمعنا ككل.

هنا انتهى المقال دعوني أعلق على قصة هذه المرأة التي هربت من فحش الإباحية.

شيء جميل أن تفعل ذلك هي وغيرها من الآلاف الذين تركوا الإباحية أولا ليكفوا أذاهم عن البشر، وثانيا ليفضحوا ويكشفوا لكل المخدوعين بهم وبصناعتهم زيف هذه الصناعة الآثمة الكاذبة، وليكشفوا عن وجوههم الحقيقة التي لطالما ظهرت أمام الكاميرات وهم يحاولوا أن يبينوا للمشاهدين أنهم يستمتعون وهم في الحقيقة يتعذبون ويتألمون، وهل يسعد من يعصي الله؟!

ولنا أن نسأل أنفسنا سؤال مهم،هل يعتبر ذلك الإقلاع توبة أو هل يمكننا أن نسميها تائبة ؟

نعم إنها توبة، فالتّوبة في اللّغة: الرّجوع(2) والإنابة. وأصل التّوبة: الرّجوع عمّا سلف، والنّدم على ما فرط(3).

ولكن ولأنها ليست بمسلمة فتوبتها لا تقبل عند الله كباقي أعمالها لماذا ؟

لأن الله جل وعلا قال : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85]،

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) [النساء:47]، وقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) [المائدة: من الآية3]

وغير ذلك من الآيات التي تدل على أن الله تعالى لا يقبل غير هذا الدين من أحد مهما كان، وأن الله دعا أهل الكتاب إلى ذلك، فأهل الكتاب مأمورون بترك دينهم واعتناق دين الإسلام، ومن لم يفعل ذلك منهم فهو من أهل النار، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار”.(4)

فإن كانت فرضا مسلمة فإننا ننصحها وننصح أنفسنا قبلها أن نخلص التوبة لله.

ولابد من إخلاص التوبة لله، لا لجاه، ولا لتحصيل دنيا، ولا خوفا من الفضيحة، وإنما لإرضاء الله، واستشعارا للتقصير في حقه.

قال ابن القيم: ( وأما اتهام التوبة: فلأنها حق عليه، لا يتيقن أنه أدى هذا الحق على الوجه المطلوب منه، الذي ينبغي له أن يؤديه عليه فيخاف أنه ما وفاها حقها، وأنها لم تقبل منه، وأنه لم يبذل جهده في صحتها، وأنها توبة علة وهو لا يشعر بها، كتوبة أرباب الحوائج والإفلاس، والمحافظين على حاجاتهم ومنازلهم بين الناس، أو أنه تاب محافظة على حاله، فتاب للحال لا خوفا من ذي الجلال، أو أنه تاب طلبا للراحة من الكد في تحصيل الذنب، أو اتقاء ما يخافه على عرضه وماله ومنصبه، أو لضعف داعي المعصية في قلبه، وخمود نار شهوته، أو لمنافاة المعصية لما يطلبه من العلم والرزق، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في كون التوبة خوفا من الله، وتعظيما له ولحرماته، وإجلالا له، وخشية من سقوط المنزلة عنده، وعن البعد والطرد عنه، والحجاب عن رؤية وجهه في الدار الآخرة، فهذه التوبة لون، وتوبة أصحاب العلل لون. اهـ. )(5)

ولا تكن توبتنا كتوبة هؤلاء فإنها ذكرت أنها أقلعت وهربت من الإباحية لماذا؟

لأنها كما قالت كلفتها خسائر خطيرة للغاية وضارة على حياتها وعلى صحتها الجسدية والعقلية، وأنها تمكنت من أن تهرب من قبضتها المدمرة على حياتها.

( يجب أن نخلص التوبة لله عند إقلاعنا عن الإباحية فمنا من سيقلع لأنه يخشى أن يضيع أولاده،أو يفشل في عمله، أو يرسب في الامتحان، أو خشية الفضيحة، أو أنها تضيع صحته وماله وغيرها من العلل  .

كل ذلك مطلوب، ومع ذلك، فلا يصح أن تتجرد نية التائب للتخلص من هذه الآثار الضارة، بل لابد أن يسبق ذلك ابتغاء وجه الله تعالى بالتوبة، خوفا من عقابه، ورجاء في ثوابه.

ولذلك فأول شروط التوبة النصوح: الإخلاص لله فيها قال الشيخ العثيمين وهو يعد شروط التوبة: الشرط الأول: الإخلاص لله بتوبته ـبأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء، أو سمعة، أو خوفاً من مخلوق، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا ـ فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله – عز وجل – والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها.

والمراد أن ننبه على فساد نية التائب إن كان لا يريد بذلك إلا حصول عرض من الدنيا، بل لابد أن يكون الأساس طلب مرضاة الله والدار الآخرة.

والذي ينبغي فعله الآن أن تجدد نيتك وتنصح في توبتك، ويمكن أن يكون ذلك بافتراض أن هذا الذي ترجوه بعد تركك للإباحية لن يأتي ، فهل ستتوب مع ذلك؟ أم إنك تربط توبتك بحصول هذا المراد؟! فإن كنت ستمضي في توبتك على أية حال، فهذه علامة خير وإخلاص، وإلا فربطها بحصول مرادك علامة شر وسوء.) (6)

فاللهم ارزقنا الإخلاص في التوبة وفي كل أعمالنا . اللهم آمين.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د.محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ.سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 20 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 174

المصادر

  • What You Support When You Buy And Wear Fighter Gear From Fight The New Drug الدخول للمصدر
  • 2.لسان العرب: 319، والمصباح المنير 2 / 629 مادّة نوب. الدخول للمصدر
  • (3) التّبيان في تفسير القرآن 1 / 169، ومجمع البيان 1 / 174 ـ 175. الدخول للمصدر
  • 4.مركز الفتوى بموقع إسلام ويب، عنوان الفتوى، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الدخول للمصدر
  • 5.مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين » فصل في منازل إياك نعبد » فصل منزلة التوبة » حقائق التوبة وعلامة قبولها،أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ( ابن قيم الجوزية)، دار الكتاب العربي، سنة النشر: 1416 / 1996م الدخول للمصدر
  • 5.مركز الفتوى بموقع إسلام ويب، عنوان الفتوى، وجوب الإخلاص في التوبة إلى الله تعالى، الثلاثاء 18 ذو القعدة 1431 – 26-10-2010، رقم الفتوى: 141535 الدخول للمصدر
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك