أين تبدأ نهاية وباء الإباحية؟

ربما لن تجعلك الإباحية مريضاً جسدياً، ولكنها تضع مستخدميها في مشكلة كبيرة، وهي تطوير ميول جنسية شاذة
A+ A-

هل تتذكر! من زمن غير ببعيد, وتحديداً سنة 2009 عندما كان الجميع قلقاً بخصوص الـ(H1N1 )؟  

حينها أطلق عليه الجميع اسم انفلونزا الخنازير، وتسبب كلاً من الفيروس  والذعر الشديد حوله في انتشار الوباء بشكل سريع جداً حول الولايات المتحدة ثم بعدها حول العالم بأكمله، كان الجميع خائفا من هذا الوباء الجديد، فكنت ترى الناس يغسلون أيديهم بالمطهرات طوال الوقت، وأخذت أطنان من الاحتياطات، لدرجة أنه خصص أكثر من 2 مليار دولار كتمويل فوري للأبحاث المتعلقة بإيجاد وإنتاج لقاح لهذا الوباء.

-علم الجميع تقريباً المخاطر المتعلقة بأنفلونزا الخنازير، وسعى الجميع لأن يبقوا بعيدين ومحميين منه، ولكن وبالرغم من كل هذا الانتباه الذى حظي به الموضوع وبالرغم من جميع الاحتياطات التي اتخذت لا يزال آلاف البشر يموتون بسبب ال(H1N1)، بل ويصاب عدد أكبر بالمرض، كان الوضع خطيراً جداً؛ فقد تفشى الوباء مثل الأوبئة الأخرى كالإبولا وزيكا في هذا الوقت.

-ماذا لو أخبرناك أن هناك وباءً آخر منتشرًا بصورة كبيرة، وبالرغم من ذلك  قلما تسمع عنه، وإن هذا الوباء قد انتشر ولا يزال ينتشر بصورة جنونية عبر السنين!…. نعم أنت على حق إنها “الإباحية”، بلا شك أصبحت الإباحية بصورة بطيئة ولكنها متزايدة كمشكلة تهدد الصحة العامة، الأبحاث تؤكد أن الإباحية يمكن أن تتحول لإدمان، وأنها تؤثر سلباً على متابعيها عقلياً عاطفياً واجتماعياً.

الوباء الجديد

-ربما لن تجعلك الإباحية مريضاً جسدياً، ولكنها تضع مستخدميها في مشكلة كبيرة، وهي تطوير ميول جنسية شاذة، بل ومواجهة صعوبات خلال العلاقة الجنسية الطبيعية، وباء الإباحية يصيب العائلات والعلاقات بأضرار جسيمة، ناهيك أن الإباحية يمكنها إعادة تشكيل دماغك من الداخل _بالطبع إلى الأسوأ _.

-ومع هذا الانتشار المتزايد بجنون لاستخدام الإباحية، كيف لا نسمع  التحذير منها طول الوقت في نشرات الأخبار؟!! …ربما لأنها كانت حولنا منذ وقت طويل فأصبحت مألوفة… أو ربما لأنه لم يتم اكتشاف إلى أي مدى يمكن أن تكون الإباحية ضارة سوى مؤخراً… أو ربما أنه وبرغم الأضرار الغامرة التى يمكن أن تسببها الإباحية، فهي لا تزال تجلب أرباحا خيالية، ولا بد لك أن تدرك جيداً أن هذا السبب الأخير أكثر أهمية وتأثيراً.

-أظهرت التقارير أن الإباحية حول العالم جمعت ما يقارب 97 مليار دولار من الأرباح، وهذه الأرباح فاقت في مجموعها أرباح شركة مايكروسوفت، جوجل, أمازون، على بابا، ياهو!، أبل، ونتفلكس “مجتمعة” . ونشر واحد من أكبر المواقع الإباحية في عام 2017 تقريراً مفاده أن الموقع تمت زيارته أكثر من 21.2 مليار زيارة  خلال عام واحد، مشاهدين أكثر من 87 مليار مقطع فيديو خلال تواجدهم على الموقع.

-ومن هذه ال97 كان هناك 10 إلى 12 مليار دولار من الولايات المتحدة منفردة، أصبحت الإباحية وباءً عالمياً، والأمر فقط يتجه نحو الأسوأ.

-أليس الأمر جنونيا؟! حسنا يصبح الأمر أكثر قابلية للتصديق عند الأخذ في الاعتبار هذا البحث، الذي أجري عام 2006 والذي أظهر أن 25% من عمليات البحث اليومية و8% من البريد اليومي كان ذا طبيعة إباحية، وفي خلال نفس الفترة الزمنية كان استهلاك المرأة من الإباحية 30%, وما يقارب 90% من الأطفال بين أعمار 8-16 شاهدوا الإباحية عبر الإنترنت، وما يقارب 80% من المراهقين بين أعمار 15-17 كان لديهم تجارب متعددة مع الإباحية الأكثر تطرفاً وعنفاً.

-وسريعاً للأمام وتحديداً عام 2017، وليس من الصعب التنبؤ أن الأرقام أصبحت أسوأ بكثير هذه الأيام، فمعظم الأطفال يتعرضون للمواد الإباحية لأول مرة في سن الحادية عشرة، ولهذا فإن تجاهل المشكلة لا يبدو أنه يجدي أي نفع، وربما قد حان الوقت لفتح حوار حول الإباحية، بل ربما قد حان الوقت لأخذ خطوات فعلية لمحاربة هذا الوباء.

العلاج

 -ولكن ماذا يمكننا فعله؟! إيقاف إنتاج الإباحية ؟! التحكم في إتاحتها للجميع ؟!. لا تبدو هذه الحلول واقعية، ولأن الإباحية أصبحت في كل مكان، وبغض النظر عن محاولاتك الجاهدة لتجنبها، فإن الاحتمالات تؤكد أنك ستتعرض لها في النهاية بالرغم من كل تلك المحاولات، ولسوء الحظ ليس هناك أي نوع من العقاقير التي يمكنك أخذها لتقليل احتمالية تعرضك للإباحية، ولكن ما يمكنك فعله هو تثقيف نفسك وزيادة الوعي عن الأضرار الجسيمة للإباحية، وبالطبع الوعي والثقافة لن يوقفوا المشكلة مباشرة، ولكنهما المكان الأمثل للبدء في محاربة هذا الوباء، وبالفعل حققت ولايات -مثل ولاية يوتا (Utah) في الولايات المتحدة الأمريكية- تقدما كبيرا بهذا الصدد عن طريق إعلانها للإباحية كمشكلة تهدد الصحة العامة، وهذا ما مكنها من المزيد من تثقيف الناس عن أضرار الإباحية ومساعدتهم على فهم إلى أي مدى تعد الإباحية خطيرة.

-وإن كنت تعتقد أن شريك حياتك عائلتك وأصدقاءك محصنون من التأثيرات المهلكة للإباحية، فإنك فقط تكرر نفس الكلام الذي لا يزال الناس يرددونه لسنوات، الكلام عينة الذي أدى إلى نمو مشكلة الإباحية، بل وأدى إلى فقدان السيطرة على الوضع تماماً، ولكن في حال أنك عاملت الإباحية على أنها الوباء الذي هي عليه بالفعل، فحينها يمكنك أن تصنع الفارق في حياتك وحياة من حولك، وفقط كما نجحنا سابقاً في إبطاء انتشار أنفلونزا الخنازير أو أي وباء آخر، فكلما حظيت الأضرار الجسيمة للإباحية باهتمام أكبر كلما أصبح الناس أكثر وعياً بأضرارها، ولن يحاولوا أبداً العبث معها مرة أخرى.


  • اسم الكاتب: Fight The New Drug
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: يوسف محمود
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 27 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 189

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك