حماية الأطفال من الإباحية درس بسيط من الفراشات (المزيفة)

نبحث دائما، عن طرق لجعل هذه المهمة أكثر سهولة لحماية عقول الأطفال. ضيفنا هذا الأسبوع هو الكاتب دوجلاس براوننج والذي قد توصل إلى طريقة مبتكرة لتوعية أولاده، بأسباب خطورة الإباحية على المخ.
A+ A-

لا بد أنك قد سمعت عن الطيور والنحل، ولكن ماذا عن الطيور والفراشات؟

يرغب الآباء بحماية أبنائهم من الإباحية، ولذلك فنحن في  Protect Young Minds (احموا العقول الصغيرة) نبحث دائما عن طرق لجعل هذه المهمة أكثر سهولة لحماية عقول الأطفال، ضيفنا هذا الأسبوع هو الكاتب دوجلاس براوننج والذي قد توصل إلى طريقة مبتكرة لتوعية أولاده بأسباب خطورة الإباحية على المخ، فبدأ بتقديم مصطلح جديد في رصيد مصطلحات أولاده وهو (المثير الخرافي).

إذا لم يجذب ذلك انتباهك، فمهلا انتظر! فهو على وشك أن يدعم كلامه على الفور بجائزة نوبل، وغرائز البقاء الحيوانية، وبعض الحقائق التي فيها متعة ومرح.

اكتشاف مروع:

في عام 1973، فاز (نيكو تنبرجن) بجائزة نوبل لبحث حول سلوك الإنسان والحيوان، فلقد أمضى أكثر من ثلاثين عاما في مشاهدة ووضع الفرضيات واختبارها على أنواع كثيرة من الطيور والحشرات والأسماك، بل وحتى البشر؛ وذلك لرغبته في معرفة كيفية إثارة السلوك الطبيعي بالمحفزات البصرية، وقد اكتشف شيئا قيما بشكل مرعب!

ولفهم ماهية المثير الخرافي، دعونا نعرف أولا المحفزات الطبيعية، وإليك واحدا منها شائع:

تحب بناتي الأربعة الموسيقى كثيرا، فكلما عُزفت إحدى أغانيهم المفضلة بدأوا بالرقص! وإذا لما يتمكنوا من النهوض والرقص تجدهم يضربون أقدامهم على الأرض على وتيرة إيقاعها، لا بد أنكم تفهمون عم أتحدث؟ ذلك الدافع المحتم الذي يجعلنا نملأ دنيانا لحنا وإيقاعا من الأغنية، ومعظمنا يفعل ذلك، وبالتالي فالموسيقى هي المحفز وحركتنا هي الاستجابة السلوكية.

قم بهذه التجربة الآن! شغل الموسيقى، واحسب كم سيستغرق الوقت منك لترغب بالنهوض والرقص!

لذلك، فإن المحفز هو أي شيء يحثّ على استجابة سلوكية معينة مثل الرقص!

فهم السلوك الغريزي قد يحمي الأطفال من الإباحية:

إن هذه العلاقة بين المحفز والاستجابة هي شيء طبيعي جدا في مملكة الحيوان بأكملها؛ فهي ما يدفع الحيوانات لفعل الأمور التي تحتاجها من أجل البقاء.

لدي عش لطائر في شرفتي الأمامية، وكل مرتين في الصيف يرحب بخمسة أو ستة من صغار تلك الطيور، ومباشرة بعد أن تفقس بيوضهم يبدأ الأب والأم في صيد الحشرات لإطعام صغارهم، فتراهم يطيرون إلى العش لإطعام فرخ من فراخهم الصغيرة المزقزقة ذات الأفواه المفتوحة،  لكنني أستطيع جعل تلك الفراخ تفعل نفس الشيء (دون أدنى تربية لتلك الطيور) وذلك ببساطة عن طريق إصدار أصوات صرير خافتة، وفي هذه الحالة فإن الضوضاء هي المثير الذي سيؤدي إلى استجابة فورية من صغار الطيور.

يستجيب كل من في مملكة الحيوان -بما فيهم البشر- للمثيرات، وبالفعل قد نفعل ذلك في أي وقت، ولكن استجاباتنا غريزية للغاية، لذلك فغالبا لا نلاحظها.

اكتشاف "المثير الخرافي":

لم يتمكن (تنبيرجن) من اكتشاف المثيرات الطبيعية، لكنه نجح في توضيح أنه لم تخلق كل المحفزات بصفة متساوية، فتمكن من خلال دراساته من صياغة مصطلحات ” المثير الخرافي” و “المثير الطبيعي الخارق“.

وجد أن المثير الطبيعي لا يمكنه مجابهة المثير الخرافي، وأن المثيرات الطبيعية الخارقة أكثر قوة من الأخيرة.

الشر والزيف يخدعان الحقيقة:

أتتذكر الطيور التي في شرفتي الأمامية؟ الآن تخيل أنني أرتدي قناع تزلج أسود وبقبضة يدي الكثير من الديدان المطاطية، ثم خلعت حذائي وصعدت بهدوء على سلم إلى عش الطيور، ثم أصدرت ضوضاء عالية، فاستيقظت الطيور على الفور رافعة رؤوسها للأعلى بأفواه جائعة مزقزقة، ثم وضعت دودة مطاطية في فم كل طير وشاهدته وهو يبتلع الطعام المميت الذي قدمته له.

هذا لن يحدث على شرفتي، ولكن ذلك وارد الحدوث لأن المثير المزيف الضار يمكنه بالفعل أن يسبب استجابة طبيعية جدا، فالمفترض أنه لن يأكل الطيور الديدان المطاطية أبدا، ولكن يمكن للمثير المختلق أن يخدع الفراخ الصغيرة ويجعلها تأكلها؛ وهذه الديدان المطاطية بالطبع قد تكون ضارة، بل ومميتة بالنسبة لصغار الطيور!

فهم قوة الخدعة يحمي الأطفال من الإباحية:

ولكن الأمر أسوأ من ذلك بكثير؛ فقد اكتشف تينبرجن أنه يستطيع صنع مثيرات خارقة بصرية والتي ستسبب استجابة أقوى بكثير من الاستجابة الطبيعية الناتجة عن المثير الطبيعي، فقد درس سلوكيات التزاوج عند الفراشات، ووجد أن الألوان والأشكال الموجودة على أجنحة أنثى الفراشة تثير وتجذب ذكر الفراشة للتزاوج معها.

ثم توصل لفكرة مخيفة..

فراشات ورقية مخيفة:

أخذ صندوقا ورقيا ورسم فراشة كبيرة عليه ولونها بعلامات مبالغ فيها وألوان مشبعة للغاية، وقطعها ووضعها على عصا، ثم وضعها بالتحديد في وسط خاص بالفراشات.

وكانت النتيجة أن ذكور الفراشات كانت أكثر انجذابا وإثارة بهذه الفراشات المزيفة الجديدة، لأنها كانت أكبر حجما وأكثر إشباعا بالألوان من الفراشات الحقيقية! حاولت ذكور الفراشات التزاوج مع هذه الفراشات الورقية المزيفة، وتجاهلوا تماما إناث الفراشات التي تطير حولهم!

كيف يمكن أن يحدث هذا؟ كيف يكون هؤلاء الذكور أغبياء لهذه الدرجة؟ ألم يتمكنوا من معرفة أن هذه الفراشات مزيفة وغير حقيقية؟ ألم يدركوا أنهم قد أهدروا كامل طاقتهم علي شيء زائف وغير حقيقي؟

دعونا لا ننسى إناث الفراشات حيث تُركت في محنة شديدة، وذلك لعدم قدرتها على المنافسة جينيا مع الألوان المشبعة والتصميم الساحر للأجنحة والشكل الساحر لجسم تلك الفراشة الخارقة"، وهكذا فلقد تأثرت مملكة الفراشات بأكملها سلبيا – سواء ذكرا أو أنثى-  بمثير خارق شرير واحد!

حماية الأطفال من الإباحية عبر تعريفهم بأنها خدعة بصرية:

يواجه البشر كمية هائلة من الخرافات والخدع أكثر من أي وقت مضى، وإليك بعض أخطر صورها وأكثرها إدمانا:

المقامرة – المخدرات – الإباحية

تشترك جميع هذه الخرافات في كونها غير طبيعية، كما أنها تخلق ردود فعل واستجابات عالية ومبالغ فيها من قبل القائمين عليها، علاوة على ذلك فهي تدمر المجتمع.

إن إدمان الإباحية هو واحد من أقوى المثيرات الخرافية الخارقة للعادة والموجودة في عالمنا، تماما مثل خدع الفراشات الورقية، فهو يخدع مستخدميه بهدف السعي وراء الجنس الزائف والسعادة الوهمية والقبول المزيف مما يرغمهم على العيش في عالم خيالي مخز ومهين.

إن الإباحية هي عبارة عن مثيرات خارقة خادعة، تختطف مجرميها، وكأنها شبكة عنكبوت تجذب ما حولها؛ فبسبب الخصائص الإدمانية القوية للإباحية، يقع المزيد  والمزيد من البشر كل يوم في هذا الفخ.

إن المدمنين للإباحية، في حاجة إلى المساعدة من أشخاص محببين إليهم، حتى يتمكنوا من تحرير أنفسهم. ولذلك فهو أمر صعب. فبمجرد التكيف في الاستجابة لهذه المثيرات الخرافية، يحتاج المخ لكل من الوقت والإصرار والعزيمة، ليعيد تنظيم نفسه ليتمكن من تقبل المثيرات الطبيعية.

إن حماية اﻷطفال من الإباحية هو جزء من عملي بصفتي أبا، وأرغب في مساعدتهم على إدراك ونبذ هذه الخدع المدمرة مبكرا قبل فوات الأوان وجعلهم يكبرون حتى يشعروا بالحب الحقيقي والعلاقة والارتباط الحقيقيين، فحلمي هو أن يعيشوا دون تحسر وندم، وأن يكونوا أقوياء ويصبوا تركيزهم على ما يهم حقا في الحياة.

شرح قصة الفراشات الورقية لهم والتحدث معهم بصراحة عن أضرار الإباحية يعطيهم المزيد من الحماية، فبالعلم النافع والعائلة الجيدة والدعم الإيجابي يمكنهم بالفعل تحقيق كل ما يرغبون فيه، وبالتالي أن يحيوا حياة سليمة وصحية بعيدا عن فخ الإباحية.

هدية مجانية:

من المهم أن نعطي أطفالنا الأمان للتحدث عن أشياء مهمة، لقد أعجبنا بالفعل كيف جمع دوجلاس هذه المعلومات القيمة المتعلقة بأضرار الإباحية، ثم تحويلها لقصة شيقة يستمتع الأطفال بسردها لهم.

  • اسم الكاتب: Douglas Browning
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: روضة أحمد
  • مراجعة: عمر بوشلاغم
  • تاريخ النشر: 31 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 131

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك