لماذا لا ينجح الأمر عندما تقوم “فقط بالتوقف عن مشاهدة الإباحية”؟

قد تبدو الأمور سهلة للأشخاص الذين لا يشاهدون الإباحية أو ليس لديهم إدمانٌ شديدٌ. ولكن للأسف! فإن الأمر بالنسبة لعديدٍ من المدمنين ليس بهذه السهولة كما يبدو...
A+ A-

قد تبدو الأمور سهلة للأشخاص الذين لا يشاهدون الإباحية أو ليس لديهم إدمانٌ شديدٌ.

ويرون الحل سهلا للغاية فقط بالتوقّف عن مشاهدتها وحسب. بل و يرون هذا الأمر -أي مشاهدة الإباحية- عبارة عن أمر اختياري و تدليلٍ للنفس، وأنّ المُشاهد سيكون لديه المزيد من التحكّم بالنفس فيستطيع تركها متى شاء بسهولة.

ولكن للأسف!

فإن الأمر بالنسبة لعديدٍ من المدمنين ليس بهذه السهولة كما يبدو. بل وعددٌ قليلٌ من الناس هم القادرون على ترك مشاهدة الإباحية بسهولة، أما الغالب من المدمنين العاديين لايستطيعون التخلّي عن الإباحية بشكل كامل فوراً، حتى لو أرادوا ذلك. وذلك لأنها عملية تتصف بالبطء والإزعاج لذا فإن آخر أمر نتوقع حدوثه من الناس الذين يكرهون الإباحية هو أن نتوقع منهم أن يتركوا الإباحية بدون بعض المجاهدة لأنفسهم على تركها.

ما الذي يجعل الترك صعباً؟

إن طبيعة الإدمان الشديد تولد الكثير من السلوكيات والاعتقادات الخادعة المختلفة التي تحث الناس على الاستمرار على الإدمان وتجعلهم يبرّرون لأنفسهم مشاهدتهم للإباحية، ومن تلك السلوكيات والاعتقادات أن المدمن يقنع نفسه بأنه لا يستطيع التوقف، أو أنه في الحقيقة ليس مدمنًا، أو أنه يستحق تلك السعادة التي تعطيها له الإباحية.

هذه بعض الاعتقادات المضلّلة والتي من الممكن أن تعيق عملية التحرر من الإباحية

دعنا الآن ننظر إلى لأمور من منظور الشخص المدمن نفسه.

(أنا شخصٌ مختلفٌ، أنا لا يمكن أن أصبح مدمناً)

الكلّ يعرف هذا الشخص الذي يعتقد مثل هذا الأمر وهو الشخص نفسه الذي يقول: "أنا أستطيع أن أتحكم بالأمر" ذلك هم الشباب (أو الفتيات) الأقوياء الذين يظنون أن كلّ شخصٍ آخر يُصاب بالإدمان سبب وقوعه هو كونه ضعيفاً، أو أن الإدمان عبارة عن خرافة لا حقيقة لها.

وعندما يتّصف مستخدم الإباحية بهذا السلوك فإنه من غير الممكن أن يتقبّل حقيقة أن الإدمان لا يتعلق بالشخصية قوة وضعفا، ولن يستوعب أن الإباحية سيّئةٌ لهم ومؤثرة على مستقبلهم وأنها قادرة على الإيقاع بأغلب المستخدمين في شراكها. ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما فإنه من المستحيل أن يكون استخدام الإباحية أمراً عارضاً بل هي سيئةٌ جدا ومؤثرة على كل شخص وقع في شراكها. لذا فإن اعتقاد هؤلاء الأشخاص بأنهم أذكى من الإباحية لا يجعل الأمر إلا أسهل لكي يقعوا في شراك الإدمان و يحتاج هؤلاء المستخدمون أن يتعلّموا ويصدّقوا حقائق الإباحية، وأن يدركوا أن أي شخصٍ قد يصاب بالإدمان، وأن الإدمان شيء جدّيٌ وخطير للغاية.

عالجني …. أنقذني

في بعض الحالات لا يريد المدمنون أن يتحمّلوا مسؤولية علاج أنفسهم، فهم لا يريدون بذل وقتٍ أو جهدٍ في عملية تطوير مهارة التحكّم بالنفس أو التوقف عن المشاهدة ويرى أنها عملية صعبة ومجهدة. وأثناء طلبهم للمعالجة “عالجني” تراهم يلقون باللائمة حول أي خطأ على المعالجين غير الجيدين، أو البرامج “الغبية”، أو الأصدقاء غير المساندين فهو يلقي باللوم على أيّ شخصٍ أو أيّ شيءٍ عدا أنفسهم. وبسبب هذا السلوك فإنهم لا يقومون أبداً بمواجهة إدمانهم لاعتمادهم الكلي على غيرهم وعدم بذل أي جهد لجعل أنفسهم أفضل. وفي النهاية، فإن قرار القيام بالعلاج راجع للمدمن ذاته فهو لا بد أن يقتنع أنه بحاجة للمساعدة من غيره وأنه لا يملك أن يقوم بذلك لوحده وأنه يجب أن يكافح بيده أولا ويقتنع بذلك.

أنا استحقّها

أيّ شخصٌ يربط رغبته بشيءٍ يجعله أفضل عندما يشعر بالسوء. يستخدم بعض المدمنين هذا العذر لكي يدخلوا إلى المواقع الإباحية مما يمنحهم شعوراً جيداً فهم يرغبون بالمتعة التي تستطيع الإباحية تقديمها ولكنهم سينتهي بهم المطاف بأن يُلقى بهم إلى دائرة الإدمان . قد يبدو هذا الأمر غير مضرٍّ بشكلٍ كبيرٍ في بداية الأمر. لكن استخدام الإباحية كمكافأة هو تمهيد ليس إلا لألم أكبر بالمستقبل لأن هذا الأمر لا يقوم إلا بزيادة الإدمان واستيلاء المواقع الإباحية عليهم بشكل كبير لذا يجب أن يعلم أن هذا التبرير يحتاج إلى أن تدرك حقيقته: إنّه إدمان.

التوقّف عن الإدمان لا يوقف الرغبة

معظم الناس الذين يتمكنون من تخفيف سيطرة الإباحية على حياتهم لا ينسون أبداً المتعة التي تعطيها الإباحية لهم بشكل كامل. فأنت وحينما ترى صورة أو فيديو ما لإحدى المشاهد الإباحية فإنه ليس من السهل أن تزيلها من ذاكرتك بقدر سهولة إزالتها من سجلّ المتصفح لذا فإن القدرة على تذكر هذه الصور يجعل التعافي صعباً والانتكاسة سهلةً جداً.

أما بالنسبة للأصدقاء وأفراد العائلة المساندين للأشخاص المكافحين لإدمان الإباحية، فهم يستطيعون تشجيع هؤلاء الأشخاص لكي يبقوا أقوياء ويذكّروهم بأنهم محبوبون ويستحقّون الحب الحقيقي. ونحن نستطيع أن نكون كأصدقاء يمكن الاعتماد عليهم ونساعدهم لكي يدركوا أن صراعهم حقيقي.

إن إدمان الإباحية هو أمرٌ قبيحٌ. فهي تمزّق العلاقات، وتدمّر دماغ المدمن وهي أمر سيئ لمن يشاهدها. ونحن بدورنا نستطيع أن نتخذ موقفاً ضد إدمان الإباحية من خلال تقديم يد العون لنشجّعهم على البحث عن مساعدة.

إن إدمان الإباحية هو حقاً أمرٌ يصعب التخلّص منه بسهولة. دعنا نحارب من أجل الحب ونحارب إدمان الإباحية من خلال تقديم المساعدة والكلمات الإيجابية لهم لكي يتوقّفوا عن الإباحية بدلاً من تجاهل واقع الإدمان الصعب.


  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. عبد الكريم صديق
  • تاريخ النشر: 10 يونيو 2021
  • عدد المشاهدات: 12K
  • عدد المهتمين: 195
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك