رأي: كيف تتحدث مع أطفالك حول الجنس والإباحية والتكنولوجيا؟

تحدّث مع أطفالك حول الثقة بالجسم، عرّفهم على أعضاء أجسادهم بالمصطلحات الصحيحة، وعرّفهم بأنهم الوحيدون، المسموح لهم لمس المناطق الخاصَّة من أجسامهم، فهذا أساسي في تكوين مفهوم الموافقة لديهم
A+ A-

الأبوة والأمومة الآن تختلفان تمامًا عما كانا عليه حين كنا أطفالا، وبالتحديد مع تأثيرات العصر الرقمي الآن؛ ففي هذا العالم سريع التطوُّر، هناك مساحة ضخمة من المعلومات، تبتعد عنك نقرة زر فقط. فقد يبدو غريبًا جدا بالنسبة لك، إن أخبرتك أنني في سنيّ مراهقتي، كنت أتصفَّح موسوعةً من المكتبة، من أجل البحث عن المعلومة. وحيث إنّ الوصول إلى المعلومات بسهولة أمر جيد، لكن بسببه أصبحت المواد التي كانت تتاح فقط للبالغين (مثل الإباحية) الآن متاحة لأي شخص يمتلك جهازًا إلكترونيًّا.

بالرجوع إلى الثمانينيات والتسعينات عندما كنت صغيرًا، كانت الإباحية مقتصرة بشكل كبير، على أشرطة الفيديو التي تتواجد خلف ذلك الستار المريب، في الجزء الخلفي من متجر (V.E)، مثلًا في عام 1972 أي في ذروة عصر انتشار مجلة  P.B كانت تتوزّع كل شهر 7.2 مليون نسخة من المجلة. ولا تحتاج إلى أن أخبرك بأنّ الزمن قد تغيَّر، فقد تصاعد المحتوى الإباحي سريعًا من خلال الإنترنت، وأصبح المحتوى فيه تصوير، وعنف، أكثر مما كان عليه في "الأيام الخوالي"، بالإضافة إلى الزيادة الصادمة، في استغلال الأطفال فيه. كما أصبحت الإباحية متاحة بسهولة بالغة، من خلال هاشتاغ واحد وبنقرة واحدة، يمكنك الوصول إلى الإباحية الصريحة! 

هناك 115 مليون مشاهدة للمحتوى الإباحي يوميًّا، على موقع  واحد مشهور، وخلال عام 2019 فقط كان هناك 42 بليون زيارة للموقع، وتم تحميل أكثر من 6 ملايين مقطع فيديو عليه! الكثير من الاختلاف عن عصر PB، أليس كذلك؟

وإنه لشيء مفزع أن تعلم أنّ أطفالك الصغار، سيتعرَّضون قريبًا، أو لاحقًا لهذا المحتوى الإباحي المصوّر.

مثلّا في الأسبوع الماضي، أخبرني أحد أصدقائي أنَّ ابنه الذي يبلغ من العمر ثمان سنوات، كان مع أصدقائه في منزل أحدهم، وكان هناك وصول متاح للآيباد، وحيث قرَّر أحدُ الاطفال من ذوي ال8 أعوام أن يبحث عبر محرّك البحث جوجل عن "التقبيل".

 وبالطبع تجاوزت نتائج البحث، مجالات تلك النقرة البريئة على الخد. ولحسن الحظ أخبر الطفل والدته عندما عاد إلى البيت، واستطاعت الأم، أن تساعده في معالجة هذه التجربة، التي تعرّض لها. في حين قد يبدو لك هذا المثال، بأنه بسيط نوعًا ما، لكن العبرة أن الطفل، أخبر والدته عما حدث، وتمكّنا من الحديث حول الأمان في الإنترنت، وما هي الإباحية، وما هي  مبادئ عائلتهم تجاهها.

مواجهة هذه الحوارات المحرجة

أفهم أنّ موضوع الجنس، والإباحية، بالنسبة لأغلبنا ليس الموضوع الذي نتحمَّس لتناوله مع أطفالنا، ولكن الحديث حول الإباحية للأطفال، أصبح ضرورة في عالمنا اليوم.

يقول الباحث دونالد روبرت أن الأشخاص في المرحلة العمرية  8-18 عام يقضون 7.5 ساعة يوميًّا في مشاهدة الوسائط، وأنّ 71 بالمئة من أطفال نيوزلاند، تعرَّضوا للإباحية للمرة الأولى عن طريق الصدفة وهم في عمر 8 سنوات.

 مع هذه الإحصائيات، وبوجود المحتوى غير المحدود، في متناول أيديهم، فلا عجب إن تعرّض الأطفال للإباحية في وقت أبكر من هذا.

إن القيام بمحادثة حول الجنس، والإباحية، مع أطفالنا، ليس شيئًا نقوم به مرة واحدة وننتهي، إن المفيد حقًا، هو إبقاء هذه المحادثة مفتوحة، أثناء اجتيازنا لهذا المشهد الجديد معهم. بالنسة لي، أشعر أحيانًا أنني أحطّم براءة أطفالي عمدًا، لكن في الحقيقة، أفضل ما يُمكننا فعله كآباء وأمهات، أن نخلق مساحة مع أطفالنا بحيث يعلمون أنّ بإمكانهم التحدُّث إلينا عن أي شيء.

وتقول كاثرين تار (استشارية نفسية في مجال الأبوة، والأمومة، والعائلة، والطفل): "إنّ الإباحية ليست الطريقة الصحية التي يمكن للصغار، أن يتعلّموا من خلالها الجنس؛ إذ تفتقر الإباحية، إلى الأمور الضرورية، لتحقيق الإرضاء في العلاقة الجنسية، فهي لا تعرض التواصل بين الطرفين، ولا الحميمية، ولا الاحترام. وإنه من الضروري للأهل، أن يكونوا منفتحين وصادقين، ومتاحين في الحوارات حول الجنس، والعلاقات مع أطفالهم.”

ما الذي يجب مشاركته معهم في كل سن؟

يكبر جميع الأطفال، وينضجون بطريقتهم الخاصة، لذلك لا توجد قاعدة ثابتة في كيفية الحوار معهم، ولكن من الممكن أن ترشدك الأفكار الموجودة هنا:

0 – 6 أعوام

تحدّث مع أطفالك حول الثقة بالجسم، عرّفهم على أعضاء أجسادهم بالمصطلحات الصحيحة، وعرّفهم بأنهم الوحيدون، المسموح لهم لمس المناطق الخاصَّة من أجسامهم، فهذا أساسي في تكوين مفهوم الموافقة لديهم، وأحيانًا يصبح الأطفال فضوليين وهذا شيء طبيعي جدًّا، ولكن تأكد أنهم فهموا أن المناطق الخاصة للآخرين خارج حدودهم، سيكون هذا معيارًا آمنًا لهم.

7 – 10 أعوام

يصبح الأطفال هنا أكثر فضولًا حول أعضاء جسدهم، وحول الجنس، والإنجاب، لذا إيجاد حوارات مفتوحة معهم، والإجابة على جميع تساؤلاتهم، سيُعلمهم أنه لا بأس في الحديث حول هذه المواضيع مع الأهل، وسيشكّل أساسا للحديث عن مواضيع أصعب فيما بعد.

 اجعل طفلك هو مَنْ يقود حوارك معه، فقد تحاورت مُؤخّرًا مع ابني الذي يبلغ 8 أعوام عن الجنس، وبما أنني معلمة صحة، لم أكن مرتابة من هذا الحوار. حيث أدرك أن ابني لم يعلم شيئا بعد عن الجنس، أردتُ له أن يستمع إلى هذه الحقائق مني، بدلا من أن يتعرَّض لها عن طريق اللعب والمداعبات، حيث سيكون هذا بلا شك مصدرًا مشتِّتًا وغير دقيق. كما تحدّثت معه عن الإنترنت، وما هي الأشياء التي يجوز مشاهدتها وما هي الأشياء التي لا يجوز مشاهدتها، وقد كان لديه الكثير من الأسئلة ولم يكن مشمئزا من الحوار، كان حقا حوارًا عظيمًا مفتوحًا، وسنكمل عليه.

11 عاما فأكثر

هنا سيبدأ مفعول الهرمونات، ويزداد اهتمام الطفل بالجنس، والعلاقات، والحبيب. بالإضافة إلى أن العديد من الأطفال سيقضون أوقاتًا أكثر على الإنترنت، ومواقع التواصُل الاجتماعي، لذا من الطبيعي أن ترفع مستوى تعليمك لهم، حول العلاقات الصحية، والأمان في الإنترنت.

دعنا نتحدَّث عن الجنس، يا عزيزي

من الصعب وغير المريح، أن تبدأ الحديث مع الطفل عن الإباحية. سيُساعدك أن تبدأ الحديث. بالمعلومات الأساسية حول الجنس. ولأننا نريد لأطفالنا أن تكون نظرتهم للجنس نظرة صحية، أخبرهم كيف يعتبر الجنس طريقة عظيمة، وجميلة، للتواصل بين الطرفين في العلاقات الصحية.

شارك حلمك حول المستقبل الذي تريده لطفلك. 

بالنسبة لي، أحلم أن يكبر أطفالي واثقين بأنفسهم، ولديهم مرونة، ووعي ذاتي. وحينما يكونون جاهزين، سيجدون الشخص المناسب، الذي يُبادلهم الحب والاحترام. حينها سيستمتعون بالعلاقة الجنسية في إطار علاقة داعمة، وملتزمة. وأستطيع أن أفترض أن هذا بالتحديد الذي يريده أغلبنا لأطفاله، فمن أحد مساوئ الإباحية، أنها تعرض الجنس فقط، دون عرض الحب والاحترام، وأطفالنا بحاجة، لأن يعلموا، أن هناك ما هو أفضل من ذلك.

وعندما تتحدَّث عن الأمان على الإنترنت، ينبغي أن تُعلم طفلك، تصفية المحتوى الجيد، عن المحتوى غير الجيد، وبما أن الإنترنت كحقل الألغام، فإن استخدام عناصر تحديد المحتوى على أجهزة الحاسوب والآيباد، واستخدام تقنية التصفية عن طريق شبكة "الواي فاي" ستكون نقطة انطلاق جيدة. 

ولأن أفضل تقنيات التصفية على الإنترنت، ليست آمنة تمامًا، فالرسالة المهمة أن تعلم طفلك، أن يغلق أي محتوى غير صحي مباشرةً.

 وحين تشرح لطفلك ما هو المحتوى غير الصحي، والسبب في كونه كذلك، سيساعده هذا في منع تكوّن الفضول لديه، تجاه هذه المحتويات؛ فدماغ الطفل هو أفضل تقنية لتصفية المحتوى، وهنا تأتي قيمة تعليم أطفالنا كيفية اتخاذ القرارات السليمة.

 سيكون مفيدًا، أن تؤسس إرشادات عائلية، حول كيفية الاستجابة للمحتوى المخادع. بالإضافة إلى الحديث إلى الطفل، عن كيفية استجابته، في حال اقترح عليه أحد أصدقائه، أن يشاهد معه محتوى غير صحي، وكما تقدم Family Zone بعض الحلول التقنية الرائعة، للمساعدة في إدارة الفلاتر على الأجهزة، داخل المنزل وخارجه.

وأيضًا حضّر نفسك بأنّ عليك الحديث مع طفلك، حول الدردشات الجنسية، فهي طريقة شائعة ومتنامية، بين الصغار، لإجبار الأطفال على إرسال صور عارية لأنفسهم. وإذا تم إرسال هذه الصور ستكون على شبكة الإنترنت إلى الأبد.

 وفي الحقيقة من الممكن أن تصل هذه الصور إلى المواقع الإباحية، وتنتشر حول العالم. لذا فإنه في غاية الأهمية حقًّا، أن تتحدث لأطفالك، عن الحدود والتداعيات، على المدى البعيد حول إرسال صور عارية للشخص المعجب به من المدرسة، لأنهم غالبا يكونون أقل إدراكا أن هذه الصور ستطاردهم لسنوات لاحقة.

وتقول جو روبرتسون ( معالجة جنسية وباحثة رئيسة في مشروع The Light Project) : "الأمر الأهم أن لا تفزع، ابدأ الحوار بعد أن تتعلم القليل حول الموضوع، حاول أن تكون هادئا وأن تكون لهجتك غير انتقادية، وإلا فلن يشعر طفلك بالأمان ليكون صادقًا معك".

وتشرح أيضًا:

"قد أطلقنا هذه السنة موقع In The Know ، ويضم الموقع أكثر القضايا الشائعة، لدى الصغار حول التجارب الجنسية، على الإنترنت. ومن هذه المواضيع: إرسال الصور العارية، والرغبة في مشاهدة الإباحية، وأيضًا الشعور بعدم الارتياح، تجاه محتوى تمت مشاهدته. 

ومن الجيد أن يتعلم الأهل، اللهجة التي يستخدمونها في خطاب أطفالهم، بالإضافة إلى تعلم أدوات، وإرشادات عمليّة، يمكنهم تزويد أطفالهم بها، ولدينا أدوات تساعد في البدء في محادثة الأطفال والمراهقين في مشروع The Light Project”.

  • اسم الكاتب: Holly Brooker
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: محمد حسونة
  • تاريخ النشر: 6 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 884
  • عدد المهتمين: 165

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك