لماذا زوجي غاضب جداً؟ كل هذا يعود إلى الخزي (الجزء الأول)

معظم مدمني الإباحية عانوا نوعاً من الإساءة في طفولتهم (جنسية، لفظية، عاطفية، إهمال……الخ) وهذه الإساءة، لم تتم معالجتها.
A+ A-

حسبما أذكر، خلال سبع سنوات تقريباً، من علاج زوجات مدمني الإباحية، أستطيع أن أذكر واحدة فقط، قالت أن زوجها ليس لديه مشاكل حقيقية، مع الغضب. النساء يروين قصصاً عن أزواجهن، بأنهم يسبون، ويقذفون أشياء كانوا يحاولون معا ترتيبها، في غرفة الضيوف، يثقبون الجدران، يغضبون في الطريق، وأيضا يتشاجرون معهن أمام أطفالهم، لأشياء تافهة.

العلاقة بين إدمان الإباحية والغضب

قبل كل شيء. معظم مدمني الإباحية عانوا نوعاً من الإساءة في طفولتهم (جنسية، لفظية، عاطفية، إهمال……الخ) وهذه الإساءة، لم تتم معالجتها. في مجتمعنا، الغضب، هو العاطفة الوحيدة، التي يستطيع الرجال التعبير عنها، دون خوف من أن يبدوا ضعفاء. لذلك، فالألم الذي يشعرون به، بسبب الإساءة، أو الصدمة، في طفولتهم، يعبرون عنها بالغضب. وإذا نظرنا إلى صميم معتقدات مدمني الإباحية، نرى مبررات أكثر لغضبهم. ويعتقد مدمن الجنس، أنه شخص لا قيمة له، وغير محبوب. فهو تعلم منذ صغره، أنه لا يستطيع الاعتماد على أحد سوى نفسه. إلا في حالة وجود والدين حنونين (غالبا أمه) التي تعلم منذ صغره، أنه غير قادر على الاعتناء بنفسه، منذ أن كانت تفعل كل شيء لأجله، مما يعزز هذه المشاعر (شعوره بأنه بلا قيمة). وهذا النوع يعبر عن مشاعره السلبية، بغضب يوجه عادة بشكل مباشر نحو الزوجة، أو الأطفال، أو حتى الأشياء التي يحبها.

كيف يؤثر الانعزال على غضب مدمن الإباحية؟!

السبب الأكبر، لغضب مدمن الإباحية، هو الحياة المزدوجة، التي عاشها فترة طويلة. مدمنو الإباحية ممتلئون بالأسرار، التي تسبب الشعور بالعار، وهذه الأسرار كالورم، تنمو داخلهم، حتى تؤثر على كل جزء في حياتهم. كثيراً ما أشرح مفهوم الانعزالية. كيف يكون الرجال أفضل بكثير من النساء، في الاحتفاظ بأجزاء من حياتهم في حيز مستقل، وهذا يجعل من الأسهل ممارسة الإباحية، دون التفكير بزوجاتهم، أو أية عواقب الأخرى.

هناك شيء يدعى التنافر الإدراكي. يحدث ذلك أساسا، عندما يعيش الفرد بطريقة تناقض معتقداته وقيمه.

هذا الشخص عليه أن يغير معتقداته، وقيمه، أو أن يغير سلوكياته. من جانب آخر، تجده يعيش حالة مستمرة من النزاع، والشعور بالذنب، والارتباك والقلق، أرى هؤلاء المدمنين، يحاولون بيأس حل هذه المشكلة، إما بطريقتهم الخاصة، ربما بالتقليل من مشاهده الإباحية، أو السعي لجعل إدمانهم طبيعياً أو منطقياً.

هذه بعض التعليقات مثالا على ذلك:

- كل الناس ينظرون إلى المحرمات وليس أنا فقط.

- زوجتي بدينة، لا تستطيع إثارتي، لذلك أمارس الزنا، مع نساء أخريات.

- أحتاج إلى إنفاق النقود، على الزانيات، لأن زوجتي، لا تمارس الجنس معي، بشكل كاف.

- على الأقل ما أفعله ليس سيئا مثل الآخرين.

هذا النوع من التفكير غير مفيد، والتنافر الإدراكي (التناقض بين سلوك وقيم الشخص) لا يختفي، بل يظهر على شكل طيش، و مزاج سيء، كهيجان وغضب.

ماذا يحدث عندما تتعافى من الإدمان؟!

عندما يبدأ المدمن بالتعافي، عادة يكون السبب، لأن أمره كُشف. فالعار الذي يشعر به كل يوم، يتجه به نحو الأسوأ، قبل أن يبدأ بالتعافي، وبالتالي يزداد الغضب. سمعت العديد من المدمنين، يقولون أن أيام تعافيهم الأولى، كانت الأسوأ، وأن أفضل أيامهم، كانت فيما بعد، ذلك لأن الأسرار بدأت تخرج، والعبء بدأ يرتفع عن كاهلهم.

لكن الآن، عليهم أن يتعاملوا مع آثار سلوكهم الإدماني. عليهم أن يتحملوا عواقب إدمانهم المنطقية، فقدان عمل، فضيحة… الخ، عليهم أن يتعاملوا، مع ضرورة تقبل الأمور التي قاموا بها.

لكن فوق كل هذا، مدمن الإباحية المتزوج، عليه أن يواجه الأذى، الذي سببه لزوجته، والعار الآن تضاعف مئات المرات. وهو إن كان محظوظا بما يكفي، أن تسانده زوجته، فهي من الممكن أن تمر بتقلبات مزاجية عديدة، لا يستطيع هو مسايرتها. فقد تبكي خلال دقيقة، وفي الأخرى، تصرخ في وجهه، كيف استطاع أن يدمر حياتها. والأبحاث التي ستقوم بها تقوده إلى الجنون، هي تتعلم ما الذي عليه فعله ليتعافى.

فهي تحاول يائسة، تجنب أن تُجرح مرة أخرى. لكن بالنسبة له، يشعر أنها تحاول التركيز بجزئيات، صغيرة في حياته.

قد تأخذه إلى استشاري نفسي. ربما تطلب ٢٠ كتابا لعلاج الإدمان، وإن لم يقرأها، تتهمه أنه غير مهتم بها، ولا بتعافيه. ربما تطلب منه حضور اجتماعات ال١٢خطوة لعلاج الإدمان.

بينما هو في البداية، يشعر بالأسى كيف جرح المرأة التي أحب، قد يبدأ سريعاً برؤيتها عدوه الأول. كل هذه الأفعال لا تساعد مدمن الإباحية، فإنه قد لا يزال يحتفظ بانطباعات مغلوطة، تجاه المرأة كنتيجة لأشياء حدثت في الطفولة.

بالإضافة إلى أن إدمانه الإباحية، وسلوكياته الإدمانية الأخرى، قد سببت قلة احترام للمرأة. لذلك عندما تبدأ زوجته، بالتعبير عن احتياجاتها، خاصة ما يتصوره هو غضباً، أو هجوماً عليه، فتحفز لديه عواطف مختلفة، فقد يقاوم التعاون معها، أو حتى دعمها، مما يبدو مدهشا أو صادما للبعض.

فهم الإدمان والعواطف

هذا يحدث عندما، يأتي الكثير من الأزواج لمقابلتي، بينما يحاول المدمن تحمل مسؤولية هذه الأحداث، وكيفية جرحه لزوجته، هو أيضاً يريدها أن تفهم أنه لا يتعمّد أذيتها، وعليها أن تتفهم ذلك.

وقد عرف قاموس "وبستر" الإدمان: أنه حاجة لا تقاوم، واعتياد على صياغة عادة، أو سلوك، يتميز بأنه يسبب أعراضًا فسيولوجية واضحة، عند تركه.

إذن فالإدمان في الحقيقة، حاجة، فكيف تستطيع إبعاده عنه. من ناحية أخرى، هي تتعامل مع عدد لا محدود، من العواطف. بينما هي تعتمد على الكتب، التي تقرؤها، وعلى ما يقوله لها الاستشاري النفسي، بأن سلوك زوجها، كان خارجاً عن إرادته، وأن شكل حياته السري لم يكن يريده.

لكنها كانت تصدق فقط، حقيقة أن زوجها كان يخونها باستمرار، سواء من خلال مشاهدة الإباحية، أو من خلال الدردشات الجنسية، عبر الإنترنت، أو حتى لقاءات مع نساء أخريات. حتى وإن كان إدمان الجنس، شيء نحن غير قادرين على إيقافه، دون مساعدة، هذا لا يغير شيئا من الأذى النفسي، الذي تعانيه الزوجة، بسبب خيانات زوجها العديدة.

تجربة الزوج بعد اكتشاف زوجته لإدمانه

دعونا نلقي نظرة على المدمن المتزوج، المتعافي حديثاً.

إن آلية مواجهته صعوبات الحياة، قد أُبعدت (لقد كان يتهرب منها بمشاهدة الإباحية) لذلك لا يستطيع التوجه، إلى الإباحية في أوقاته الصعبة. زوجته تتصرف بجنون، تنتقل من الغضب إلى البكاء، وتخرج بعد ذلك لدقائق. وقت فراغه الآن، أصبح يمضيه بالذهاب لاجتماعات التعافي ١٢خطوة للتعافي. والعلاج، وقراءة كتب، عن إدمان الإباحية، وسماع دروس، أصرت زوجته عليه ليسمعها …الخ. هو لم ينم سوى ثلاث ساعات، فزوجته أبقته مستيقظا طوال الليل، مصرّة على التحدث معه، رغم أن لديه عملا في الصباح.

كثير من الخبراء، قالوا إن قلة النوم، شيء غير جيد للتعافي، يرى المدمن، أن زوجته تحاول أن تهيمن على كل نشاطاته. يقول "روب ويس" المدير الطبي لمعهد الصحة الجنسية، في كاليفورنيا:

"المشكلة أن المدمنين، اعتادوا أن يعيشوا في عالم، هم يتحكمون به. لكن بالخضوع إلى العلاج، والذهاب إلى الاجتماعات، والبوح بأسرارهم …الخ، هم في الواقع أعطوا زمام التحكم لزوجاتهم."

تجربة الزوجة بعد اكتشاف إدمان زوجها

دعونا ننظر إلى المرأة التي اكتشفت مؤخراً إدمان زوجها: حياتها المعهودة، قلبت رأسا على عقب. كل شيء آمنت به كحقيقة، أصبح الآن مجرد زيف. زواجها الذي خططت له لأشهر، الرحلات العائلية، العشاء الرومانسي، الأوقات التي أمضتها تحتضنه، على الأريكة، وهما يشاهدان الأفلام والنكت. اللحظات الحميمية مع زوجها، كل ذلك تشعر، كأنه مجرد زيف.

تتساءل عن كل شيء. هل كان يمثل علي،  عندما كنا في شهر العسل، من كانت، أو ما الذي كان يفكر به حقاً، عندما يكون معي، هل حقاً كان يعني ما يقول، عندما أخبرني أنه لن يفرقنا إلا الموت؟ وتتساءل لو كانت أجمل، وكانت أفضل زوجة، ولبت له كل متطلباته الزوجية، هل سيبقى يفعل هذهِ الأشياء؟

هي الآن لا تعيش فقط، ذكريات الماضي، لسلوك زوجها الإباحي، بل تعيش أيضاً، خوفاً مستمراً، من عودة زوجها إلى ذلك الطريق مجددا.

أظهر بحث بأنه تقريباً ٦٩.٩٪ من الزوجات، أو الأزواج، واجهوا "أعراض ما بعد الصدمة".

وقد صرحت الطبيبتان "بربرا ستيفن" و "ماشا مينز" في كتابهما: "زوجك المدمن للجنس":

“إذا أحسستِ أن العلاقة التي تربطك بشريكك، حطمت وانتهكت فلديك (صدمة عاطفية). عندما يحدث ذلك، كل الدفء، الأمان، المرح والراحة، التي صنعتها علاقتكم ببعض، لن تستمر طويلاً. وتصبح العلاقة الآن، مصدراً للخطر لأنك اكتشفت أن أغلب الأشياء، التي آمنت بها، بخصوص من تحبه، كانت كذبة".

أيضا، يقولان: "الشركاء يعانون مشاعر هائلة من الرعب، القلق، اليأس، فقدان الأمل، في التعايش مع موقفهم المؤلم. مشاعر مشابهة، لمشاعر أناس نجوا من اعتداءات عنيفة، أو عانوا من صدمات نفسية. لا شيء يؤهل الشخص، لمثل تلك المفاجأة في الحياة، لا طفولة مستقرة، لا تعليم جيد، ولا حتى تدريب كاف، ولا حتى اتساع تجارب الحياة، تستطيع إعداد الشريك المجروح، لمواجهة الألم الشديد، عندما يكتشف إدمان الزوج".

والآن لدينا شخصان متألمان، لا أحد منهما لديه ما يلزم لتلبية احتياجات الآخر. في حين أن المدمن، يواجه قدرا كبيراً من المعاناة. في هذا الموقف ذاته، شريكه هو الطرف المتضرر. بينما عالم المدمن، قد قلب رأسا على عقب، زوجته تعاني من الفوضى والاضطراب التي سببها سلوكه.

يصرح "دوريت ريشينتال" ويقول: "مدمن الجنس، يحتاج أن يكون جاهزا لعملية التعافي، ويحتاج إلى دعم وتوجيه، من قبل الطبيب المعالج، خلال هذه العملية".

  • اسم الكاتب: Ella Hutchinson
  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: أ. بدر السوري
  • مراجعة: أ. أحمد محمد يونس
  • تاريخ النشر: 6 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 149

المصادر

  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك