ماذا أفعل لو علمت أن ابني يشاهد مواد إباحية؟

إن التربية منذ الصغر، هي اللبنة الأولى في تقويم سلوك الأبناء، بزرع الوازع الديني، والأخلاقي، وخلق الضمير لديهم، والقدوة الحسنة، فلا معنى أن ينهى الأب ابنه عن الجلوس لساعات أمام الكمبيوتر، والأب يفعل ذلك.
A+ A-

خطوات عملية لحل تلك المشكلة، التي كثر السؤال عنها في الآونة الأخيرة:

- إن التربية منذ الصغر، هي اللبنة الأولى في تقويم سلوك الأبناء، بزرع الوازع الديني، والأخلاقي، وخلق الضمير لديهم، والقدوة الحسنة، فلا معنى أن ينهى الأب ابنه عن الجلوس لساعات أمام الكمبيوتر، والأب يفعل ذلك.

- أولا إذا كنت شاكا، أو ربما يكون موقعا قد وقع عليه أثناء البحث بالخطأ، وليس عمدا، أو أنه لم يقع بفضل الله في مثل هذا، فتكلم معه في موضوع (الإنترنت)، و قُم بتوجيهه دون أن تُشعره بأنَّك تَعلم شيئًا، وأنَّه إذا لم نستخدمْ هذا الجهاز في المفيد، فإننا سنجلب على أنفسِنا مشاكلَ نفسيَّة واجتماعيَّة عديدة، نحن في غِنًى عنها! وأنَّ هناك (أفلامًا خليعة) لا بدَّ أن نبتعدَ عنها؛ لأنها تؤذينا دِينيًّا وخُلقيًّا، وتؤذي صحَّتنا، فلا بدَّ أن نبتعد عنها ولا يصح أن تقول بالطبع مثل هذا الكلام، وأنت تسمح بمشاهدة الأفلام في بيتك، والمسلسلات، والأغاني والعياذ بالله. اجعل له جلسة كلَّ أسبوع، تَكلَّم معه عنِ الأضرار والأمراض التي تجلبها الأفلامُ والصور. وإنْ شاء الله سيبتعد عنها تدريجيًّا (بترهيب) مِن عدم رُؤيتها؛ لأنَّها ستغضب الله و ستورث له الأمراض!

- كن على علم، أن بعض الأولاد ممن هم في بداية المراهقة، كسِنِّ الثالثة عشرة ، يبدأون مراهقةٌ مبكِّرة فيبحثون عنِ الاستقلال و الذاتية، ويكونون في حاجةٍ إلى الصداقة والمصاحبة، ويحبون الاحتفاظَ بأسرارِهم الشخصيَّة (لاب توب –computer – النت – المحمول).

- إن كنت متأكدا، في الغالب يكون هذا بدافع الفضول، فهو مثلا قد سمع أصدقاءه يتكلمون عن مثل هذا، فشاهدها بدافع الفضول. فلا تستخدم العنف معه، و كن إيجابيا، ولا تمن عليه فتقول: أنا تعبت في تربيتك و أنا و أنا. هذا سيضر، ولن ينفع، قل له أنك تثق به، و بحبه لله، وخوفه منه، وأن ثقتك به لم تهتز، و لم تتغير. اهمس في أذنه، وقل له: أنا أحبك، أنا أثق في أخلاقك، وأنك لن تكرر ذلك ثانية.

- يفضل أن تصطحبه إلى مكان هادىء خارج البيت، أو داخله، واجلس معه، وضمه إليك، وقبله، وقل له أنك اكتشفت كذا وكذا. واستمع منه ما الذي جعله يشاهد تلك المقاطع السيئة؟؟؟

- اعلم أنه بشر، والبشر يخطئون ويستغفرون، والله سبحانه وتعالى يقبل التوبة، ويغفر الذنوب، ويبدل السيئات حسنات، إذا تاب الشخص وذكر ذلك في دعائه.

- انقُل له الخبرةَ مِن حكاياتك، وقم بتعليمه أنَّ الإنسانَ قد يقع أحيانًا في ذنوب خفيَّة، وعَظيمة، لكن مِن السهل أن يتركَها بتوبةٍ إلى الله واستغفار، وأنَّ الإنسان إذا لم يتُبْ فسوف يَناله سخطُ الله، ومِن ثَمَّ سوف يسخط عليه الناس، وأنَّه سوف يَفشل في تحقيقِ أهدافه.

- اعلم أنك مهما كنت لتفعل، فإن ولدك مع وصوله إلى مرحلة المراهقة، كان سيتعرض لما حدث معه بشكل أو آخر، رغم الصدمة الكبيرة التي تعرضت لها مما اكتشفت، اطمئن لهذا، فليس مؤشراً إلى أن ولدك سيئ، أو لا خلق عنده.

من المفيد كذلك، أن لا تغيّر نظرتك لهذا الابن، فهو لم يتغيّر لمجرد أنه تعرض لهذا الأمر، فهو في البداية لم يسع إليه، إنما تعرض له دون إرادة منه، وبعدها فعل ما فعل، من باب حب الاستطلاع. لكن احذر لوم نفسك، كأن تتحمل أنت، بشكل او آخر، وقوع ابنك في مثل هذا.

- انتهز هذه الفرصة، فهي فرصة مناسبة، للحديث الواعي، والهادف معه، فهذا الحديث ربما لم يكن ممكناً من قبل، لأنه سيبدو على أنه غريب تماماً. بينما الآن هو الوقت المناسب ليتحدث والده معه في مثل هذه الأمور. وكمعظم الأسر عندما كان أصغر، كنتم تتحدثون معه عن "الحلال والحرام" وغيره من الأمور، الآن وهو في هذا العمر يمكن أن تتحدثوا معه في الأمور الجنسية وغيرها، والتي تهم الشاب المراهق في هذا العمر، والحديث بشكل أقرب للواقع وتحدياته، وليس كلاماً نظرياً فيما يجوز وما يحرم، ولتكن هذه أيضا فرصة مناسبة، ليطرح الابن عليكم وخاصة على أبيه، بعض الأسئلة والمواضيع التي تشغل بال الشباب المراهق، وربما هذه أيضاً فرصة مناسبة للتقارب الأكبر بين الابن وأبيه. هذه فرصة ذهبية مناسبة لإنزال التربية السابقة، والحديث بينكم وبين أولادكم على أرض الواقع، والربط بين مقدمات الحلال والحرام والمواقف العملية، التي تفرض نفسها علينا وعلى أبنائنا في هذا العصر الحديث. ولا شك أن السماح له بمشاهدة العري، والنساء المتبرجات في التلفاز، هو من أسباب دفع المراهق، وغيره إلى البحث عن المواد الأكثر تطرفا، لأنه قد تعود على النظر إلى الحرام فكن على يقين أنك إذا سمحت بتلك المواد التليفزيونية في بيتك، فإن هذا سيهلك الأولاد والبيت كله، فكن على بينة من أمرك.

- يتوجب أن يعرف الأب والأم في البداية، كل الأخطار المترتبة على الصور، والمشاهد الإباحية من الناحية النفسية والجسمية، عن طريق البحث في موقعنا، وحصر كل الأضرار، وترتيب الأفكار قبل الدخول مع الولد أو البنت في جلسة حوار، كي يستطيع الأب أو الأم السيطرة على موضوع الحوار، وتحقيق أهداف ذلك الحوار نهاية الجلسة؛ لأنّ من أعظم أسباب فشل الحوار بين الأب وابنه، أن يبدأ الأب الحديث في موضوع ليس لديه معلومات كافية، وحجج مقنعة للإبن، وبالتالي يلجأ الوالد لأسلوب العنف؛ لأنّه فشل في أسلوب الحوار مع ابنه.

- أؤكد عليك أن توضح له من خلاله، المخاطر الناتجة عن مشاهدة الصور، والأفلام الخليعة، وما تسببه من أمراض نفسية، وعضوية لا تحمد عقباها، هذا ما ستجده بالتفصيل في موقعنا فاقرأه، وانقله له بصورة يفهمها.

- قم بمتابعة سلوكياته، وتقويم أخطائه أولاً بأول، بأسلوب الحوار البناء الذي يقوي جسور التواصل بين الولد ووالديه، ليصبح الابن قادراً على مصارحة والديه، بكل ما يستجد عليه من مواقف، لم تكن مألوفة له في السابق، ويتناقش مع والديه بكل أريحية و اطمئنان، إياك والقسوة والجفاء مع الابن، أو البنت حال وقوعهم في أي خطأ، خصوصاً إن كانوا في سن المراهقة، حيث إنّ تلك المرحلة العمرية لها من اسمها نصيب، فهي "مرهقة" جداً للشاب والفتاة، وهما في أمس الحاجة لمن يقف بجانبهم، واستيعاب حالتهم، ومراعاة ظروفهم النفسية السيئة، أثناء هذه المرحلة.

- أمَّا عند الكلام معه، فبلا شك كلمة حرام وعيب مهمة، لكن أيضا لا تهمل التركيز على المخاطِر والأمراض، التي ستُهاجم جسدَه في السنوات القادِمة، وذلك بشكل جميل وقريب، نصِل إلى المطلوب مِن إيصال المعلومة، ولا نستخدم الكلمات البذيئةَ؛ لأنَّنا كلما نفرناهم ونهيناهم وشدَّدنا عليهم بالحُرمة فقط. ستكون النتيجة عكسيَّة، وسوف يتمسَّكون بما هم عليه مِن أخطاء و معاصٍ. لكن كلَّما كان الأسلوب طيبًا ومحبَّبًا، ومبطَّنًا بالحب والخوف، كان هناك رِدَّة فِعل إيجابية، إن شاء الله تعالى.

- قم بالتوضيح للولد، أنّ الشيطان يزين تلك المشاهد في نفوس البعض، ليغمسهم بها في نار جهنم، وأن الله سوف يحاسبنا على كل ما نعمل، مع تذكير الابن بالموت وساعة الرحيل من الدنيا، التي لا تأتي إلاّ فجأة، فهل يرضى أن يموت وهو يشاهد تلك الصور؟ وهل يرضى أن يجدها أهله في جواله بعد مماته؟

- لا شك أن الابن بحاجة الآن بالإضافة إلى الحديث والدردشة، يحتاج: لا أقول للـ"المراقبة" وإنما أفضّل كلمة "المتابعة" أي ملاحظته عن قرب، لضمان سير الأمور بالشكل السليم، وللتأكد من استقامة السلوك، سواء من ناحية المواقع على النت، وطبيعة الأصدقاء، والأنشطة التي يحضرها وتشغل باله. ولا يتأتى كل هذا إلا من خلال التعايش، والحياة اليومية والاختلاط بين أفراد الأسرة.

- لابدَّ مِن المتابعة السريَّة، لما يتمُّ فِعله على (الكمبيوتر)، دون أن تُخبره أنَّك تراقب جهازَه؛ لأنَّ هذا سوف يجعله يبحث عن مصدرٍ آخر، وعادة خارجَ المنزل. سوف تتصاعَد المشكلةُ، فاغرس فيه المراقبةَ بشكلٍ غير مباشر، يَعني مثلاً قل له: لو سمحت أعْطني تليفونك لأتَّصل، أو: أنا نفْسي أن أرى موضوعًا ما على (الكمبيوتر)، بالتعريض من غير كذِب.

- وأنصح بجزءٍ خفيٍّ مِن غير عِلمه تمامًا، راقبه بحبٍّ؛ لتحدِّد موضعَ الخلل، وتعالجه بطريق غير مباشر.

- هناك مشكلة من مشاكل وجود الانترنت، وهي مشكلة الصور الخليعة الفاجرة على الجهاز، هذه الصور ربما تأتي بغير قصد عليه، فربما تفتح موقعا عاديا غير ملتزم، وتأتيك مثل هذه الصورة، فتحة إجبارية كنوع من الدعاية لتلك المواقع الفاجرة، من الممكن منع ظهور هذه الصور بسهولة عن طريق شيئين، أولهما تعديل اختيارات بحث جوجل، ليتم التعامل مع الصور، بالوضع الآمن المتحفظ، من خلال رابط خاص على صفحتهم يسمى "تغيير إعداد البحث الآمن"، وثانيهما بتنزيل برنامج على الجهاز، ويمكن إيجاده بسهولة على شبكة الانترنت ويسمى "برنامج منع المواقع الإباحيةمن أشهرها برنامج “anti-porn”، يمكن لهذا البرنامج أن يمنع ظهور أية صفحة فيها صورة فاجرة.

- مع إقراري بخطر الصور الخليعة والفاجرة، وعظم ضررها على المسلم صغيرا، أو كبيرا، رجلا، أو امرأة. إلا أني لا اعتبرها أخطر ما في الانترنت، إنما الخطر أيضا الشديد، والتخوف الأكبر يأتي من إدمان برامج الحوار (الشات) وهي التي تستطيع أن تجعل من بعض الأبرياء الأبرار، يتحولون إلى أشقياء فجار، بعد فترة من اعتيادهم عليها وتنازلهم يوما بعد يوم. فالشات أغلبه كذب صريح أو مستتر في المعلومات والأفكار والسمات والمشاعر. فالشيخ الفاني يضع صورة لشاب وسيم، والعجوز الشمطاء، تدعي أنها فتاة صغيرة باهرة الجمال، والفقير يدعي الغنى، وقاسي القلب يدعي أنه ودود ولطيف. معظم هؤلاء يكذبون، ويعلمون أنهم يكذبون، ويعلمون أيضاً أن من أمامهم يكذبون، لكنهم يعيشون في وهم يصنعونه بأنفسهم. هذه هي النقطة الأشد خطراً، والتي يجب التصدي لها والتخوف منها، والحرص على عدم وقوع الزوجة والأبناء فيها.

- لهذا لابد من تقنين ومتابعة الإنترنت للجميع للأبناء والزوجة؛ فهذا واجبك الذي سيسألك الله عنه.

- يجب وضع جهاز الكمبيوتر – إن كان ثابتا – في مكان عام، كالصالة مثلا، ليس في غرفة مغلقة، وأن يفتحه من يفتحه، أمام الجميع دون أن يستتر بما يراه أو يفعله، تكون المشكلة أصعب، إن كان الجهاز محمولا، أو صغيراً لوحياً، أو هاتفا محمولا، فحينها تكون الأمور أكثر صعوبة. حينئذ يجب أن تكون هناك رقابة من بعيد، ولا يشعر الأب ابنه أنه يراقبه، يجلس لحاسوب الابن؛ لإنجاز بعض الأعمال، فهذه فرصة لتنبيه الابن بأن خصوصيته يمكن أن تخترق، وسيشعر بالعار والخزي لو اكتشف والده بأنه يشاهد مواقع إباحية.

- أنصحُكم ألاَّ تتركوه وحدَه على الإطلاق، دائمًا اجلسوا معه، ولا بدَّ مِن نقل الجهاز (الكمبيوتر) إلى غرفة المعيشة، كما ذكرنا، وألا نتركه في غرفته الخاصَّة، مُغلَقة الأبواب. عندما تَراه يجلس بمفرده على الجهاز، أحضر أنت كتابًا وقم بقِراءته جانبه. لا تؤهلوا له المكان، والبيئة الفاسدة، التي لا يوجَد عليها رقيبٌ. عندما يكون هو والجهاز أمامَ عينيكم ، فهذا أفضل وآمن له مِن مخاطر الخَلوة.

- لا شك أن الإنترنت في حياتنا صار ضرورة حياتية للكثير منا، وأصبح منعه، أو عدم توصيله، لا يعتبر حلا ناجعا وناجحا لمشكلاته. لكن إذا وجدت ولدك أو حتى أنت، قد أصبحتما خارج السيطرة، فافصل الانترنت تماما فترة من الزمن، حتى عودة التوازن إليه، وبناء قوة إيمانية داخلية، تحميه من خطره. إلا إذا كان هو سبب من أسباب رزقك مثلا، فابقه مع الاحتياطات التي ذكرناها.

- إن كان هناك مواقع تواصل اجتماعية، يجب أن يكون البريد واحدا ومعلوما، و كلمة السر فيه معلومة، لكي يكون حسابه معلوما للجميع، دون خشية. فالخشية هنا، وإخفاء كلمات السر، هي موضع شك وريبة، وإنشاء بريد آخر غير معلومة بياناته، يدخل به الإنسان على تلك البرامج موضع شك وريبة. فالأصل أنه لن يتتبع أحد أحدا، ولن يتدخل في خصوصياته. لكن الريبة تكمن في التخفي والاستتار، وليكن كل شيء في النور لا الظلام. عليك أخي ان يكون لك حساب على الجي ميل، سجل به الدخول على اليوتيوب في كل أجهزة العائلة الجوال و الحاسوب. من خلاله تستطيع بعد ذلك من جوالك، أو حاسوبك، البحث في تاريخ المشاهدة لليوتيوب، عن كل ما تشاهده الأسرة من خلاله، كذلك ضبط إعدادات اليوتيوب على الوضع الآمن.

- يتم الحذر من أدوات التحدث بالصوت أو الصورة "المايك والكاميرا" فوجودها واستعمالها مع الغرباء ضار ومريب، ويمكن السيطرة عليها، إن كانت منفصلة، أما إن كانت مدمجة كما في الحواسب المحمولة، فيجب الانتباه لها.

- اقترب من الأبناء والبنات، خاصةً في بداية سنوات المراهقة، اغمرهم بالحب والعواطف أكثر من الأطفال الصغار، فنحن في مجتمعنا مع الأسف الشديد نعطي الحب الشديد للابن أو البنت منذ ولادته، حتى يصبح عمره سبع سنوات، ونبدأ في إخفاء مشاعر الحب، وربما يقول البعض إنّه لم يقبل خد ابنه أو ابنته منذ أن اصبح عمره (10) سنوات، وهذا الجفاء وإخفاء المشاعر يجعل الولد، أو البنت، يشعر بجوع عاطفي. وهو بأمس الحاجة إلى العاطفة، أكثر من العواطف التي كان ينعم بها في سنوات عمره الأولى.

- على الأم والأب عدم إخفاء مشاعر الحب لأبنائهم وبناتهم حتى نهاية سن المراهقة، والقرب منهم، ومحاولة إشغال أوقات فراغهم، إما بإلحاقهم في حلقات تحفيظ القرآن أو تسجيلهم في نواد رياضية، وتشجيعهم على أن يكونوا أبطالا في المستقبل وتعزيز الثقة بالنفس لديهم، لكي لا يصبحوا فريسة للفراغ.

- أن تكون هناك صداقة متينة ونقاش، ولا نكتفي فقط بتعليق وتوجيه؛ بل نُصادقهم ونتقرَّب منهم.

- وأن تعيد النظر في علاقتك ببيتك وأبنائك، راجع مدى قربك منهم، فإن كنت مقصراً في هذا الجانب، فيتوجب عليك القرب منهم، وتلمس احتياجاتهم، والبحث لهم عن بدائل مفيدة، يشغلون بها أوقات فراغهم، بدلا مثلا من تركهم فريسة للتلفاز، أفلامه ومسلسلاته وكليباته الإباحية، فربما كان الولد يعاني مشاكل دراسية، أو نفسية، أو اجتماعية، وأنت آخر من يعلم. وكذلك يجب على الأب أن يعيد النظر، في علاقة أولاده بمن يحيطون بهم من أصدقاء، فربما يكون من اصدقائهم من يزودهم بهذه الصور بغرض إفسادهم. وإذا توصل الأب إلى معرفة مصدر الصور، يحذر الشخص المقصود من إفساد أولاده، ويحذر ابنه من مصاحبته.

- واعلم أن للرجل قوامة في بيته، له أن يتابع زوجته وأبناءه في كل ما يفعلون، وليس في ذلك نوع من الاتهام، بل هو نوع من قيامه بواجبه الشرعي الذي أمره الله به حين قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، وعليه فلابد وأن يقوم بذلك الواجب، وقد لا يتم هذا الواجب إلا بالتحاقك بدورة لتعليم الانترنت، إذا كنت لا تعلم كيف يدار، فأظن أنك لابد وأن تتعلمه حتى تقوم بدورك وقوامتك.

- قبل كل شيء إذا أراد الإنسان أن يقوّم أسرته، فعليه بداية أن يلزم نفسه بتقوى الله سبحانه، فتقوى الله هي الأساس لصلاح الذرية كما قال الله سبحانه: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، ويجب أن يعلم كل إنسان، أن الله يحفظ العبد المؤمن في ذريته ويعاقب المسيء – إن شاء – بأن يريه في أهله وذريته مثل ما كان يتعامل مع حرمات الله وأعراض الناس.

- قبل كل شيء وبعده، وأثناءه، يجب استمرار التربية الإيمانية للأبناء، لأنه مهما بلغ الإنسان مبلغه في المراقبة والمحاسبة، يستطيع أي إنسان أن يغافله ويفعل أي شيء، فلا نتيجة إلا باستدامة الطاعة، والحث عليها، وكثرة تذكير الأهل، والأبناء بتقوى الله، وفعل الصالحات، وبترك المنكرات، وتذكيرهم دوما بعاقبة المحسن والمسيء، أمام الله عز وجل، فهو العاصم من كل خطر وضرر، وبعد ذلك التوكل على الله والدعاء أن يحفظ الله ذريتنا، فهو ولي ذلك والقادر عليه.

- أؤكد مرة ثانية، على ضرورة إشغال وقت فراغ الابن بهواية مشتركة، وألا تكون مطالعة الإنترنت هي الهواية الوحيدة له، تُفضل هواية خارج البيت.

- محاولة التقرُّب منهم والجُلوس معهم، ومتابعة الأفلام المفيدة والمسلية، والحديث في حوارات نافعة تُفيدهم، وممكن فتْح نِقاش مع الوالدة أمامَه، عن كيفية مواجَهة أي شخْص يُشاهِد أشياءَ مخالفةً، مع إعطاء أمْثلة، ولكن يتمُّ ذلك دون أن تُوجِّه له كلامًا مباشرًا.

- حمل مقاطع صوتية دينية، تشتمل على قصص، وعبر مؤثرة، تناقش مثلا عاقبة الذنوب، وخطورة صديق السوء، وقم بتشغيلها أثناء ذهابكم إلى أي مكان في السيارة، فهي فرصة طيبة من الممكن أن تتكرر مدة كافية أسبوعيا، دون فرض على الولد، بل كأنها جاءت عفوية، فيعتاد ذلك كلما ركب السيارة. تشغل المواد الصوتية النافعة بدلا من الغناء الذي هو مزمار الشيطان.

- تنبيه الابن بعدم فتح الرسائل مجهولة المصدر، وكذلك الروابط التي تصل بطريقة عشوائية.

- ربط الابن بأسرته، وخاصة أخواته البنات، واستشعار معنى الشرف، وأن لديه أخوات، يجب أن يحافظ عليهن بمحافظته على سمعته، وكذلك عدم الانجرار وراء مغريات فتيات أخريات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

- زرع الرقابة الشخصية داخل نفس الابن منذ الصغر، وذلك لا يتأتى إلا بالثقة المتبادلة، والتربية القويمة، وعدم الشك في تصرفاته.

- تابع أصدقاءَه، وتحاور معه عن صِفاتهم واهتماماتِهم، ووطِّد علاقتَك بأولياء أمورهم، للاطمئنان عليهم، واحرص على عدَم إعطائه فرصةَ التعرف على آخرين مجهولين.

- تَحدَّث معه دائمًا عن مراقبةِ الله.

- مُناقشة الهمومِ والأسرار دائمًا برُوح الحبّ.

- إعطاؤه قدْرًا مِن الثقة المتبادلة.

- حكاية بعضِ الأسرار له وائتمانه عليها، فيبادلك بأسرارِه.

- التركيز على الإيجابيات + عدم المقارنة + عدَم الاستهزاء + الثناء عليه والفخْر به.

- المتابعة القائِمة على دَعْم الثِّقة بالنفْس، وليس الخوف عليه مِن التفلُّت أو الانحراف.

- حاول الاستماع له أكثر ممَّا نوجِّه له الكلام.

- التدريب على مهاراتِ اختيار الأصدقاء، وتوضيح أنَّ هناك أصدقاء لديهم صفاتٌ سيِّئة، ولا بدَّ علينا مِن الابتعاد عنهم.

- تَكليفه ببعضِ المهامِّ التي يُفرغ فيها طاقته؛ ممَّا يُثبت مِن خلاله القدرةَ على المسؤوليةِ، والاشتراك له في ألعاب رِياضيَّة جماعيَّة ككرة القدَم، بحيث يَشغَل وقتَه على قدْر المستطاع.

- الثناء، والتقدير للنجاح في أيِّ جانب، والتركيز على الإيجابيات لا السلبيَّات.

- الخروج والفُسَح والتآخِي، لا الأوامر.

- تقوية الجانب الإيماني، خاصة الصلاة. فلا تهاون فيها أبدا، وفي المسجد، فهو الحاضنة التي ستنقذه كلما حاد عن طريق الله. "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" [العنكبوت:45]. فبيَّن جل وعلا أن الصلاة تنهى عن الفحشاء، وتنهى عن المنكر، فمن أقام الصلاة كما أمر الله نهته بلا ريب عن الفحشاء وعن المنكرات، فهذا أمر لابد منه.

- و إذا كبر و شب، فسارع إلى زواجه، واجعل هذا هدفا له، قل له اصبر حتى تتزوج، وعاونوه بكل ما تقدروا عليه. و الله سيعينكم على ذلك. ففي الحديث الصحيح قال رسول الله: "ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ".

- نختم حوارنا بخلاصة الكلام:

لابد من وجود لغة الحوار مع أبنائنا، الحوار المفقود بين الأباء، والأبناء، لابد أن تكون بيننا صداقة متينة، ونقاش. وألا نكتفي فقط بتعليق وتوجيه، بل نصادقهم، ونتقرب منهم، أفضل من أن يجدوا ضالتهم في الماسنجر، مع محترفين في الإيقاع بهم في المحرمات.

- و ليحرص الأب أن لا تنتهي جلسة الحوار إلاّ بوعد صادق بعدم تكرار مثل هذه الأفعال؛ لما لها من أضرار بالغة، على دين الشخص، وصحته النفسية، والبدنية.

حفظ الله أولادنا، وأولاد المسلمين.

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د.محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 13 أغسطس 2021
  • عدد المشاهدات: 1K
  • عدد المهتمين: 154
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك