الإباحية أضعفتني جنسيًّا

الإباحية تخلق عالمًا افتراضيًّا، مزيفًا، مليئًا بالجنس، بعيدًا عن الواقع تمامًا
A+ A-

الإباحية تخلق عالمًا افتراضيًّا، مزيفًا، مليئًا بالجنس، لكن ما لا يذكره المقدمون لهذه المشاهد السيئة، أنه كلما ذهب مشاهدها بعيدًا فيها، وعالمها الخيالي، ابتعد عن العالم الواقعي، بنفس القدر، عكس الاتجاه تماما، وتأذَّت روحه، ومشاعره، وأفكاره، وعلاقاته، وحياته ككل.

إن مشاهدة الاباحية، غالبا تؤدي، إلى ممارسة أقل، للعلاقة الزوجية المشروعة، ويقل مستوى الإشباع، والإرضاء الناتج عنها، بل بالنسبة لكثير من المستخدمين، في نهاية المطاف تعني الإباحية بالنسبة لهم، العزوف كلية، عن العلاقة الزوجية المشروعة.

في واحدة من أكثر الدراسات شمولا، حول استخدام الاباحية، والتي لم يُجرَ مثلها في  أي وقت مضى، وجد الباحثون، أنه بعد التعرض لهذه المواد الهابطة، كان كل من الرجال والنساء، أقل  سعادة في علاقتهم بشريك حياتهم، وأقل ميلًا للعلاقة الزوجية المشروعة، وأسوأ فيها.

كما أظهرت، أن التعرض للإباحية، ولو مرة واحدة فقط، كفيل بأن يجعل الناس، يشعرون بقدر أقل من الحب، لأزواجهم. لماذا؟

لأنه عندما يشاهد الشخص هذه المواد السيئة، تجري إعادة رسم خرائط الطريق الجنسي، في الدماغ. فعندما يكون الشخص لديه تجربة من هذا النوع، ويشعر حينها بشعور جيد، فإن الدماغ يكون خريطة،  لحثه على العودة إلى هناك، مرة أخرى.  بما أن أدمغتنا تفضل الجديد والحديث، وخرائط الدماغ هذه، هي التي تؤدي إلى شيئ جديد، ومثير، مع جرعة إضافية من المواد الكيميائية في الدماغ، فإنها تجعلنا نشعر بشعور جيد، مع تعزيز وتقوية تلك المسارات في الدماغ.

خرائط الدماغ لدينا، إما أن تُستخدم أو تُفقد، تماما مثل طريق المشي لمسافات طويلة، فسوف تبدأ الخرائط في النمو على المدى الطويل عند المشي عليها. أما إذا لم يحصل مشي عليها، فلن تظهر تلك المسارات، ستختفي مسارات الدماغ، التي لا يكون هناك مرور من خلالها، وتصبح أضعف.

عندما يبدأ الشخص بالبحث  في الاباحية، يبدأ بإنشاء وتعزيز مسارات في  المخ، ثم يربط الشعور المزيف بالسعادة الوقتية الذي يشعر به مع الصور الاباحية. وفي الوقت نفسه فإن هذه المسارات لا تربط الإثارة مع أشياء طبيعية، مثل  الرؤية، واللمس بين الأزواج. فيجد المستخدمون انفسهم في النهاية، لا يثارون بشيء سوى هذه المواد السيئة فقط، لأن مساراتهم العقلية تشكَّلت عليها.

بالنسبة للمراهقين، فإن هذا الأمر يحصل بدرجة  أكثر سوءًا. عدد منهم – من غير الملتزمين إسلاميًّا ومن التابعين لأصدقاء السوء –  قد يطلع على المشاهد الإباحية قبل الزواج، و تبدأ هذه  المشاهد في تعليمهم، عادات مليئة بالعنف والتسلط والخيانة وسوء المعاملة.

بما أن معظم الناس، ليسوا متحمسين جدا حول فكرة، أن تكون لهم علاقة مسيئة مع آخرين، فإن المراهقين يكافحون من أجل التواصل مع شركاء حقيقيين، وهذه سقطة أخرى في هذا الطريق. فتراهم يشرعون في إقامة علاقات سيئة محرمة، ذلك لأنهم لا يعرفون، كيف يتم التواصل مع الآخر سوى من خلال ما تعلموه عبر الشاشة الفاسدة.

كما قال عالم الأحياء غاري ويلسون، "إن مشاهدة الإباحية، هو أكثر من مجرد تدريب على رياضة خاطئة، فهو محو وتبديد لقدرة هؤلاء الرجال على ممارسة  الرياضة، التي  كانوا يريدون حقا تعلمها" (أي العلاقة الزوجية المشروعة).

إن المعتقدات، و المشاعر، ليست هي الشيء الوحيد، الذي يتغير بسبب ذلك، فعدد من المستخدمين الذكور، لهذا المواد سيصبح واضحا لهم  تمام الوضوح، أن لديهم مشكلة، عندما يدركون أنهم لم يعودوا قادرين، على العلاقة الزوجية المشروعة على الإطلاق من الناحية الجسدية.

قبل ثلاثين عاما، عندما كان يشكو رجل من  ضعف الانتصاب، كان هذا يحدث تقريبا لكبار السن فقط، عادة من بداية الأربعين، بسبب أن جسده يكبر وأن الأوعية الدموية لديه تبدأ بالانسداد، مما يجعل من الصعب الحفاظ على الانتصاب. ضعف الانتصاب المزمن، كان من النادر سماعه عن شخص أقل من سن الـ 35 تقريبا. كانت تلك الأيام، قبل ظهور هذا المستوى من الانحلال وانتشاره، أما اليوم فالعديد من صغار السن يشكون من نفس المشاكل، هذه المشكلة في الدماغ وهي ليست عضوية.

إن الانتصاب يعمل بواسطة، المواد الكيميائية في مركز المكافأة في الدماغ،  هذه المكافأة يتم إصدارها عندما يرى الرجل، أو يسمع، أو يشم شيئًا، أو يشعر بشيء يشغله و يثيره.

المشكلة بالنسبة لمستخدمي الاباحية، هي أن الاباحية، خطفت مركز المكافأة لديهم في أدمغتهم، عبر الحصول على كمية زائدة من هذه المواد الكيميائية، فوق الطبيعي. نتيجة لذلك، يستجيب الدماغ للمستخدم، عن طريق خفض كمية المواد الكيميائية الخاصة بالمكافأة، والمنتجة من قِبله، ويتوقف عن الاستجابة لهذه المواد الكيميائية. مثال ذلك عندما تكون واقفا جانب جهاز إنذار الحريق الذي يرن، حيث يحدث  الكثير من الضوضاء حتى أنك تغطي أذنيك من جراء هذه الضوضاء. هذا هو ما  تفعله أدمغة مستخدمي الإباحية عندما تكون مستويات المواد الكيميائية مرتفعة جدا، فإنها تحاربها من خلال منع الاستجابة.

وعلاوة على ذلك، فإن المستخدمين للإباحية يشغلون أدمغتهم بالإثارة الوهمية، أثناء الجلوس وحيدين في غرفة، يبحثون في الصور الافتراضية، بدلا من ربطها بالزوج، أو الزوجة في علاقة مشروعة.

نظرا للاستجابة الجنسية المنخفضة، وتغيير مسارات المخ، فإن العديد من مستخدمي الاباحية، يصبحون مدمنين عليها، من أجل بدء أية ممارسة جسدية، مع شريك حياتهم، ومع الوقت تصبح هذه المشاهد نفسها، غير ذات جدوى، ولا يعود للعلاقة المشروعة تأثير كذلك، فيتدمر الشخص بسبب دماغه بصورة شديدة نتيجة لإدمانه.

لكن ما إن تقلع عن الاباحية بإذن الله،  وتتقي الله، وتتعافى من هذا الإدمان، يعود الدماغ إلى طبيعته، وتعود المسارات إلى طبيعتها، وتصير حياتك طبيعية، والقدرة على ممارسة العلاقة الزوجية سوية وطبيعية.

اللهم اهدنا، واهد بنا، واجعلنا هداة مهتدين واشف جميع المسلمين، المبتلين من هذا الداء آمين، قال تعالى، وقوله الحق: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) محمد – الآية 2

 

  • اسم الناشر: فريق واعي
  • ترجمة: د. محمد عبد الجواد
  • مراجعة: أ. سناء الوادي
  • تاريخ النشر: 31 يوليو 2021
  • عدد المشاهدات: 795
  • عدد المهتمين: 165
  • الاكثر قراءة
  • اخترنا لك